
كتبت- ترياء البنا
الهدوء الذي يسبق العاصفة، جملة متواترة اعتدنا على ترديدها لوصف حالة الهدوء التي تسبق إثارة متوقعة، أو حدثا يقلب طاولة المعتاد ويكسر حاجز الصمت الممل، ولكن هذه المقولة لا يمكن بأية حال أن تطلق على مرحلة ما قبل انطلاق الموسم الرياضي 2023/2024.
الدوريات من حولنا تعيش حراكا ملفتا، صفقات ذات قيمة فنية كبيرة، مع الاستعانة بأفضل محللي الأداء للارتقاء بمستوى اللاعب، تطوير بنى أساسية ولوجستية، تطوير نظم الإدارة، اتباع سبل التسويق الأنجع، وانتقاء الكفاءات البشرية القادرة على صنع الفارق، للتحليق إلى مصاف الكبار، وبما يخدم رؤى بلدانهم المستقبلية، هذا المشهد يخلق بداخلنا الحسرة على منظومة أقل ما يمكن أن نصفها به أنها منظومة الركود.
الأندية في الجوار تسارع الخطى لتواكب عصر الاستثمار الرياضي وجعل الرياضة مصدرا لبناء اقتصاد قوي لدولها، ولنا في قطر، الإمارات، والسعودية آيات، ونحن كما يقال (محلك سر)، بل ربما نتراجع فاقدين حتى استقرار المنظومة المنقوصة، كأس أم جي عادت لمسمى كأس الاتحاد، ما يعني عدم استقطاب راع للبطولة، إعلان نادي السويق عن تجميد نشاط الفريق الأول لكرة القدم وعدم مشاركته في مسابقات الاتحاد، مبررا بعدم وجود رؤية واضحة للتطوير ، وضعف الجوائز المالية، وعدم تطوير التحكيم، وعدم القدرة على تطبيق تقنية حكم الفيديو المساعد( VAR )، كاشفا الستار عما تعانيه رياضتنا من غياب بديهيات منظومة مستقرة.
ليس هذا فقط، بل لنتمعن في سوق انتقالات اللاعبين وانتداب المدربين، هل تغير شيء عن السابق؟ بالطبع الإجابة كلا، فقط أسماء تتنقل بين الأندية بلا رؤية واضحة أو تحديد أهداف إلا إذا استثنينا ناديي السيب، الذي يشهد تحركات عديدة وصفقات تخدم استعداده لخوض ملحق دوري أبطال آسيا، ومع نجاحه في استعادة أمجد الحارثي وزاهر الأغبري، والتجديد لمعظم نجومه، لم يستطع الإمبراطور الاحتفاظ بأهم لاعبيه ورحل صلاح اليحيائي إلى نادي النهضة، وهو الاستثناء الثاني، حيث تتبع إدارته الناجحة نفس سياسة الموسم الماضي باستقطاب احتياجات المدرب حمد العزاني صاحب الإنجاز التاريخي للنادي، في بعض المراكز وبأهم الأسماء( حارب السعدي، صلاح اليحيائي، وعبدالله فواز).
فيما تعاني بقية الأندية وعلى رأسها ظفار الأكثر حصولا على بطولة كأس جلالة السلطان المعظم، وتكتفي بالاعتماد على الناشئين من أبناء النادي بالطبع عطفا على الأوضاع المادية، لتستمر المعاناة التي تجذب إليها كل موسم عددا أكبر من سابقه.
من خلال تلك المنظومة الرياضية لن يتحقق أي إنجاز للسلطنة على المستوى الخارجي، وهو ما علينا تقبله مع كل خيبة لمنتخباتنا في المشاركات الخارجية وآخرها المنتخب الأولمبي في دورة الألعاب العربية المقامة حاليا في الجزائر، لدينا خامات جيدة تفتقر إلى مسابقات محلية قوية وإعداد بشري جيد حتى نستطيع مجاراة الآخرين، لأننا نبدأ جيدين ولكن نفقد القدرة واللياقة والخبرات للمواصلة.