كتبت- ترياء البنا
رحل يورسلاف شيلهافي، المدرب الذي لم يستسغ عمله أو يتقبله سوى من أتوا به فقط، ففي خضم مرحلة مهمة بعد خروجنا من الدور الأول بكأس آسيا( بالطبع بعد تأخر طويل في إنهاء عقد برانكو إيفانكوفيتش بسبب الشرط الجزائي)، ودخولنا مرحلة حاسمة من تصفيات آسيا المؤهلة للمونديال، يتعاقد الاتحاد العماني مع مدرب لا يمتلك سيرة ذاتية وخبرات مرضية لأي متابع لكرة القدم، لذا فأنا هنا لا ألوم المدرب أبدا على ما قدمه، وما فشل في تحقيقه، لأن هذه إمكانياته التي لم يخفها، وهو أيضا أوضح ( كما أشرت في مقال سابق)، في حواره لقناة عمان الرياضية بأن الاتفاق مع الاتحاد كان على تطوير المستوى الفني، وإذا سنحت الفرصة التأهل إلى نهائيات كأس العالم، وهذه الجملة التي سبقه بها برانكو إيفانكوفيتش وكررها كثيرا في كل مؤتمر صحفي له.
لم يترك شيلهافي أية بصمة خلال ما يقارب 7 أشهر رفقة الأحمر، الأمر الذي يدفعنا للتساؤل،، كيف لمثل هذا المدرب أن يدعمه رئيس الاتحاد ويمنحه الثقة( كما أعلن وكيله) بعد خساراتين متتاليتين أمام العراق وكوريا الجنوبية، ليس فقط في النتيجة ولكن أيضا بالأداء الباهت والغياب القاتل لهجوم الأحمر؟، وهو الأمر الذي يفسر مرور أكثر من 8 أيام لاتخاذ قرار إقالة المدرب، وكيف كانت لتسير الأمور داخل المنتخب لو أكمل شيلهافي مدة تعاقده؟.
في النهاية، رحل الرجل بما عليه وما عليه، وجاء المسؤولون برشيد جابر المدرب الوطني صاحب الخبرات الكبيرة، نزولا على رغبة الجماهير، ولكن علينا أن نتفهم جيدا، أن جابر لا يمتلك عصا سحرية، لأنه تسلم مهمة فريق خاسر 6 نقاط، ولاعبوه يعانون بدنيا ونفسيا، أضف إلى ذلك أن الأساسيين منهم في مرحلة عمرية ليست بالصغيرة، والبيئة المحيطة للعمل لم يتغير بها أي شيء، لذا فعلينا ألا نرفع سقف طموحنا ونضع التأهل إلى نهائيات كأس العالم هدفا حاليا، لأن العمل على ترميم الجدران يحتاج وقتا وجهدا وأدوات، والأهم ثقة الاتحاد في المدرب الوطني ومنحه فسحة من الوقت ليستطيع العمل وهو مستقر للمدة المتفق عليها.
بعد النتائج المخيبة للمدربين الأجانب، أعتقد أنه قد حان الوقت ليتولى العمل أبناء هذا البلد، لأنه كما يقال لا يحك جلدك غير ظفرك، ولن يكون هناك أكثر غيرة على المنتخب الأول، من أبناء عمان، وهنا أذكر أن كل من حضر المؤتمر الصحفي لشيلهافي بعد مباراة كوريا الجنوبية، كان يحترق غيظا من الردود الفاترة من المدرب على أسئلة إعلاميين تبدو على وجوههم الحسرة على الخسارة، حتى إنه لم يدرك أنهم قبل كل شيء جماهير لهذا الفريق الذي يمثل الوطن.
ربما تأخرت خطوة الاعتماد على المدرب الوطني، ولكنها تحققت، وإذا صح ما ذكره الكابتن رشيد جابر في المؤتمر الصحفي لتقديمه، بأنه اتفق مع الاتحاد على مشروع 2027، والعمل من الحين على بناء منتخب ينافس على لقب القارة، فسنكون وضعنا قدما على الطريق الصحيح، شريطة أن تكون هناك خطة مدروسة واستراتيجية واضحة وأدوات محددة، ويتوفر للرجل ما كان يتم توفيره لغيره، هذا من جانب، ومن جانب آخر فقد أصبح على الاتحاد الاهتمام بالمراحل السنية( ونحن ننادي بذلك منذ سنوات)، وتطوير المنظومة الكروية، وليس فقط تنظيم المسابقات، لأن الاتحاد هو المسؤول الأول أمام الجماهير عن النشاط الرياضي، فلا يمكن أن نبني رأسا للهرم بلا قاعدة وآلية منظمة للعمل.
الخلاصة.. جاء المدرب الوطني لإرضاء الشارع الرياضي وربما لامتصاص الغضب العارم للجماهير التي نادى بعضها بمقاطغة المنتخب، ولكن هذا المدرب لا يمتلك عصا سحرية لتحقيق أحلامنا الكروية، المدرب مجرد فرد في منظومة متكاملة، لذا فلا بد من تطوير المنظومة من الصفر لتكون البداية حقيقية للتغيير، وليس فقط ترميم شقوق لو تفتحت ثانية فستنهار المنظومة بشكل تام، أما نحن كجماهير فسنصبر على المدرب وندعمه حتى تتسنى محاسبته في نهاية العامين.