
توووفه- نمير الضنكي
في الفترة الأخيرة، برز اسم الأردني علي الضعيفي كأحد أبرز الأسماء العربية في مجال وكلاء اللاعبين على الساحة الآسيوية، بعد أن كان له دور فاعل في إتمام صفقات احترافية مهمة لعدد من نجوم كرة القدم، سواء في بلاده أو خارجها، ومن بينهم نجم منتخبنا الوطني محسن الغساني، الذي ساهم الضعيفي في انتقاله لخوض أولى تجاربه الاحترافية في الدوري التايلاندي.
وفي هذا الحوار الخاص مع “توووفه”، يتحدث الضعيفي عن بداياته في عالم وكالة اللاعبين، وأسلوبه في اختيار موكليه، كما يكشف بعض كواليس انتقال الغساني إلى الملاعب التايلاندية، ويرد على الانتقادات التي تُقلل من قيمة التجارب الكروية في دول شرق آسيا.
س: حدثنا عن بداياتك في مجال وكالة اللاعبين، وما الذي دفعك لاختيار هذا المجال تحديدًا؟
ج: بدأت مسيرتي كلاعب في نادي الوحدات الأردني، لكنها انتهت للأسف في وقت مبكر بسبب الإصابة. بعد ذلك، وبشكل غير مخطط، دخلت مجال وكالة اللاعبين عندما اقترح عليّ أحد الأصدقاء المقربّين العمل فيه، بحكم معرفته بعلاقاتي الواسعة داخل الوسط الرياضي. ومع الوقت، وجدت نفسي شغوفًا بهذا المجال، وبدأت بمزاولة المهنة بشكل فعلي.
س: كيف كانت تجربتك الأولى في هذا المجال؟ ومن هو أول لاعب مثلته رسميًا؟
ج: أول لاعبين قمّت بتمثيلهما رسميًا هما بهاء عبد الرحمن ويزن العرب، وكانت تجربة ممتازة وسلسة للغاية. التعامل مع لاعبين يمتلكون احترافية عالية يسهم كثيرًا في تسهيل المهام، لا سيما حين تكون بدايتك معهم، مما يجعل فرص النجاح أكبر بلا شك.
وقد كانت أول صفقة أنجزتها من الدوري الأردني إلى شرق آسيا، وتحديدًا إلى نادي سيلانجور الماليزي. وبعد هذه الصفقة، بدأ توافد اللاعبون الأردنيون إلى الدوريين الماليزي والتايلاندي، لتتبعها لاحقًا صفقة انتقال اللاعب العُماني محسن الغساني إلى الدوري التايلاندي.
س: هل واجهت صعوبة في كسب ثقة اللاعبين والأندية في البداية؟ وكيف استطعت بناء شبكتك المهنية حتى أصبحت اليوم تحظى بثقة أبرز اللاعبين في بلدك، الأردن، وفي الدوري التايلاندي؟
ج: بحكم بدايتي كلاعب كرة قدم، تمكنت من بناء علاقات ومعرفة مع عدد من اللاعبين، لكن بصراحة، واجهت في البداية صعوبة كبيرة في كسب الثقة، خاصةً وأنني كنت شابًا صغيرًا في السن، وفي ذلك الوقت، لم يكن هناك من يأخذ موضوع وكيل اللاعبين بجدية، وكان يُنظر إليه على أنه مجرد “كلام دون أفعال”. لذلك، حرصت منذ البداية على أن تكون الثقة هي الأساس في عملي وتعاملاتي.
والحمد لله، مع مرور الوقت، أصبحت محل ثقة الجميع، حتى أن العديد من اللاعبين يتعاملون معي اليوم دون الحاجة إلى أوراق رسمية، نظرًا لما يجمعنا من ثقة متبادلة. أما من ناحية الأندية، فعندما يرون أنك تمثل لاعبين على مستوى عالٍ، تبدأ الثقة بالنشوء تدريجيًا. وغالبًا ما تكون العقود في البداية لمدة عام واحد، ثم يُطلب من اللاعب التجديد، أو تتلقّى عروضًا جديدة، وهذا بحد ذاته دليل على رضاهم عن جودة اللاعب؛ ومن هنا تتعزز العلاقة والثقة بيني وبين الأندية بشكل أكبر.
س: برأيك، ما هي الصفات التي يجب أن يتحلى بها وكيل اللاعبين الناجح؟
ج: الأهم من كل شيء أن يتحلى بالصدق، ويضع مخافة الله نصب عينيه في كل خطوة يخطوها. كما يجب أن يمتلك نظرة ثاقبة في اختيار اللاعبين، ومعرفة الأندية التي تناسب أسلوب كل لاعب، لضمان نجاح التجربة للطرفين.
س: ما الذي تبحث عنه عند تمثيل أي لاعب؟ هل تفضل التركيز على فئة عمرية أو مركز معين؟
ج: تركيزي الأول يكون على جودة اللاعب وتميزه، بغض النظر عن عمره. الأهم بالنسبة لي أن يمتلك مقومات الاحتراف. أما فيما يتعلق بالمراكز، فمن الصعب غالبًا الحصول على عروض خارجية لحراس المرمى والأظهرة، نظرًا لقلة الطلب عليهم مقارنة ببقية المراكز.
س: كيف تختار الأندية المناسبة للاعبيك؟ هل تفضل الطموح الفني أم العائد المالي؟
ج: العائد المالي هو آخر ما أنظر إليه. ما يهمني أولًا هو مشروع النادي ومدى ملاءمته لتطوير اللاعب. أحيانًا، أنقل لاعبين مميزين إلى أندية ذات عائد مالي أقل، بهدف أن تكون محطة انطلاق لهم لموسم واحد، ثم الانتقال بعدها إلى نادٍ أكبر أو دوري أكثر قوة.
س: حدثنا كيف بدأت قصة اهتمام نادي بانكوك يونايتد بخدمات موكلك محسن الغساني، مهاجم منتخبنا الوطني؟ وما هي أبرز التحديات التي واجهتكم خلال عملية التفاوض؟
ج: بدأ الاهتمام بعد مباراة منتخب عمان مع تايلاند في النسخة الأخيرة من بطولة كأس آسيا، وبعدها دخلنا في مرحلة المفاوضات مع النادي، والحمد لله، نجحنا في التوقيع مع محسن الغساني. أما عن أبرز التحديات، فكانت تتعلق بعدم معرفة اللاعب بمستوى الدوري التايلاندي، إضافة إلى قلة اطلاعه على طبيعة المعيشة هناك. لذلك، حرصت على تزويده بمجموعة من الفيديوهات التعريفية عن الدوري والبلد، وبعد ذلك، أبدى موافقته. ومن وجهة نظري، يُعد الدوري التايلاندي بالفعل من أقوى الدوريات في آسيا.
س: عند تعاونك مع محسن، هل توقعت نجاحه بهذا الشكل السريع، خصوصًا أنه قادم من دوري يُوصف أحيانًا بأنه ضعيف من الناحيتين الفنية والتنافسية، ويخوض للمرة الأولى تجربة بعيدًا عن نطاق الشرق الأوسط؟
ج: بصراحة، اللاعب العُماني بشكل عام يمتلك موهبة جيدة، لكنه لا يحظى بالتسويق الكافي. فالدوري العُماني يعاني من ضعف في الجانب المادي، ويفتقر إلى الإحصائيات الدقيقة، وهذا ما يجعل البعض ينظر إليه على أنه دوري ضعيف. لكنني أرى أن اللاعب العُماني ملتزم ويمتلك إمكانيات كبيرة.
أما بالنسبة لمحسن، فإني أتابعه منذ ثلاث سنوات، وكنت مؤمنًا تمامًا بأن موهبته ستتطور بإذن الله، وسيصل إلى مراتب أعلى. وما زلنا في بداية المشوار، وإن شاء الله، ستكون الوجهة القادمة نحو دوريات أقوى وأكبر.**
س: بعد الموسم الماضي الذي شهد تألق محسن الغساني، هل تلقّيتم عروضًا من أندية خارجية؟ وهل دار بينكما أي نقاش حول إمكانية خوض تجربة احترافية جديدة؟
ج: للأمانة، قدم محسن موسمًا مميزًا في الدوري التايلندي، وتلقينا بالفعل عدة عروض من داخل تايلاند وخارجها. لكننا فضّلنا تجديد العقد مع بانكوك يونايتد، كونه نادٍ كبير ويوفر بيئة مناسبة، ومحسن يشعر بالراحة فيه.
وإلى جانب موهبته، يتمتع محسن بأخلاق عالية والتزام كبير، وهذا ما يجعله محل اهتمام العديد من الأندية.**
س: في الآونة الأخيرة، طُرحت آراء سلبية مشتركة في الوسطين الرياضي العُماني والأردني، تُقلل من قيمة احتراف اللاعبين العرب في دوريات دول “الآسيان”، وتشُكك في بيئة العمل هناك. كيف ترد على هذه الآراء من واقع تجربتك الشخصية ومشاهداتك المباشرة؟
ج: بصراحة، هذا الكلام مضحك جدًا، ويدل على عدم المعرفة بهذه الدوريات. في الوسطين الرياضيين في الأردن وعُمان، لا يزال البعض يظن أن دول شرق آسيا وُجدت للسياحة فقط، وليست بيئة مناسبة لكرة القدم. لكن الواقع مختلف تمامًا، فهناك تطور كبير في تلك الدول، ودورياتها تتفوق على دورياتنا من حيث الاحتراف، ونوعية المحترفين، وقوة المنافسة.
بعكس دورياتنا، التي ما زالت بعيدة عن هذا المستوى. والدليل أن أندية تايلند وماليزيا تشارك في دوري أبطال آسيا للنخبة وتُقدم مستويات قوية ونتائج لافتة، بينما أنديتنا تشارك في البطولات الآسيوية الأقل قوة، مع أنه إذا تجاوز نادٍ مرحلة المجموعات، نعتبر ذلك إنجازًا!
س: ختامًا، هل نستطيع القول إن تجربة الغساني قد فتحت الباب أمام لاعبين عُمانيين آخرين لخوض تجارب احترافية عبرك في المنطقة ذاتها؟
ج: نعم، من خلال مستوى محسن والتزامه، فتح الباب بالفعل، وتلقينا عدة عروض لعدد من اللاعبين العُمانيين، لكنّها لم تكتمل في النهاية لأسباب مختلفة. ومع ذلك، أصبح اسم اللاعب العُماني في تايلاند قويًا جدًا، وأعتقد أن السنوات القادمة ستشهد تزايدًا في عدد اللاعبين العُمانيين هناك، وقد تكون تايلاند الوجهة الأوفر حظًا لهم.