( شوبير) .. سعيكم مشكور ..

 

كتب- محمد العولقي

* مشكلتنا المستعصية في الصحافة الرياضية العربية، أننا ننفعل مع الأحداث الرياضية حسب الميول، ولا نتفاعل معها فكرا وسلوكا، مع أن الفيلسوف (ديكارت) مات متحسرا وهو يؤكد أن التفكير دليل حياة وشهادة وجود ..

* تعاطى الإعلام الأهلاوي مع خسارة (الأهلي) لبطولة دوري أبطال أفريقيا بنوع من التشنج والتعصب الأرعن، دون الوضع في الاعتبار أن (الترجي) التونسي كان الأفضل ذهابا وإيابا بمعطيات الفوز الساحق الماحق في (رادس) والعرض الفني الجيد في (برج العرب) ..

* أنا هنا أقرأ الصورة كما شاهدتها فضائيا دون القفز على الرؤية الأخلاقية التي يجب أن تسود بين زملاء المهنة، وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت ..

* كانت صدمتي في ردود أفعال الإعلاميين الأهلاويين أكبر بكثير من صدمتي بمردود الأهلي في مباراة (رادس)، حيث بدأ الاهلي وسط عاصفة الترجي وكأنه قطعة جبن في حوار غير متكافئ مع سكين حاد ..

* عندما ينسى الإعلامي ضميره في البيت، أو يرهنه على رصيف التعصب الأعمى، فإن العاطفة تنقله فورا دون مقدمات من خانة الموجه الناقد إلى هامش التابع الذي يبرر ويفجر في مزاد الحماقة التي أعيت من يداويها ..

* ويبدو أن الكابتن (أحمد شوبير) الذي يتوزع على أكثر من وسيلة إعلامية مقروءة ومرئية ومسموعة (ربنا يزيد ويبارك) دخل مزاد (الفجور) في التعاطي مع الله ومع الناس، وهو يجلد المخرج المصري (هشام عبدالودود) بمفردات حادة هي خليط من التقريع والتفزيع، باحثا في عدسة المخرج عن تبرير أو كبش فداء لفضيحة (رادس)..

* الكابتن (شوبير) يلوم المخرج (هشام عبد الودود) لأن كاميراته الديجيتل فضحت المغربي (وليد أزارو) وهو يشق قميصه في حركة (ممسرحة) انطلت على الحكم الجزائري في (برج العرب)، هذا المخرج الذي انتصر لشرف المهنة كشف مبكرا تناسل الفجور، وفضح الإعلام الفاجر الذي يكذب ليتجمل ..

* تناسى (شوبير) في لحظة تعصب، المبادئ والأخلاق وشرف المهنة، متحاملا على المخرج وهو يؤدي واجبه في ضبط سلوك (احتيالي) لا يمت للروح الرياضية بصلة، وبدلا من الإشادة بدور المخرج الذي تجرد من قميص التعصب، وجدنا الكابتن (شوبير) يصبنه على الهواء ويقول فيه ما لم يقله (عادل إمام) في الببسي كولا ..

* لست في وارد تذكير الإعلامي (أحمد شوبير) أنه بحاجة لأن يضع علاقته بالأهلي في إطارها المعرفي القائم على الندية وليس التبعية، لكن بعد تشنجه اللافت وتهجمه الناري على مخرج مباراة الذهاب عليه أن يعيد حساباته ونمطية علاقته بالأهلي إعلاميا، ولا بأس من التناصح والتواصي بالصبر مع إشعال كل مصابيح الفكر ..

* كان على (شوبير) الإعلامي المخضرم أن يسأل نفسه أولا : كيف فقد لاعبو الأهلي الإحساس بمكان البطولة ؟ وكيف أهدر اللاعبون روح الجماعة وروح القتال وروح الدفاع عن الفانلة الحمراء الفاقعة ..؟

كان عليه أن يسأل مدرب الأهلي (باتريس كارتيرون): لماذا لعب بطريقة فلكلورية، فيها دعوة صريحة للنيل من الأهلي بأبشع سيناريو ممكن ..؟

* لو أن (شوبير) وضع أعصابه في ثلاجة (بيضاء) لما قاده انفعاله في لحظة تعصب لتعليق الهزيمة وخسارة اللقب على شماعة مخرج مصري لم يبع ضميره في مزاد الفجور والانفعال العاطفي ..

* أنا معك يا كابتن (شوبير)، هزيمة الأهلي أمام (الترجي) بثالثة الأثافي والنار الهادئة، هزيمة ثقيلة مروعة تطير البرج من النفوخ، وأتفق معك أنها هزيمة نكراء تصل إلى حد الفضيحة، فضيحة حمراء لا ينفع معها الكلام أو التبرير، هزيمة مدوية لا تجدي معها كل المضادات الحيوية والأقراص المهدئة، لكني أختلف معك في التشخيص ..

* الأهلي يا (شوبير) انهزم في (القاهرة) قبل أن يسقط سقوطا مدويا في (رادس)، الأهلي انهزم عندما تفرغ إعلاميو الأهلي طوال أسبوع كامل لتدمير الفريق نفسيا، والأهلي انهزم قبل موقعة الإياب الحاسمة عندما رفع إعلام الأهلي مقام المهاجم المغربي (وليد أزارو) وكأنه ليونيل ميسي، لا يمكن للأهلي أن يكسب بدونه ..

* الأهلي خسر، عندما مارس عليه الجميع شحنا نفسيا رهيبا، وانهزم مبكرا لأن مدربه كان مرعوبا من الترجي أكثر من رعب اللاعبين، ثم إن اتحاد الكرة ظل يتفرج على العقوبات في حق الأهلي دون أن يتدخل ولو من باب جبر الخواطر، وكأن الأهلي فريق من (موزمبيق) وليس من مصر ..

* نعم يا (شوبير)، المخرج الذي صببت جام وزبدة غضبك وتعصبك عليه بريء من دم الأهلي، وإذا كان هناك من مذنب وكبش فداء يجب أن يقدم في مجلس العزاء، فهو إعلام الأهلي الذي ظل ينفخ في الكير إلى أن أحرق اللاعبين نفسيا ومعنويا ..

* نعم يا كابتن (شوبير)، سأقولها بالفم المليان وأجري وأجرك على الله، خسر الأهلي مباراة الإياب لأن الإعلام الأهلاوي صور للاعبين أنهم مقبلون على مواجهة حربية شرسة، ثم أذعنوا للخسارة قبل وقوعها عندما توغل اليأس إلى نفوسهم، بحكم أن الإعلام الغارق في الفجور أقنع لاعبي الأهلي بأن الحكم الأثيوبي سيكون الخصم الأول للأهلي قبل الترجي ..

* المفارقة العجيبة أن لاعب الأهلي السابق (إبراهيم سعيد) كان أكثر الأهلاوية عقلانية، وهو يدافع عن المخرج الغلبان الذي جعل منه (شوبير) الخصم والحكم، لقد لخص (إبراهيم سعيد) المباراة في جملة واحدة ( كان الأهلي الطرف الأسوأ، فاستحق الخسارة الثقيلة عن جدارة)، تشخيص دقيق من لاعب كنا نظنه قليل عقل، عندما كان لاعبا تستهويه التقليعات الغريبة والظريفة على حد سواء ..

* ثمة فسحة للنفاق .. وبساط للمجاملة .. وملعب للتجمل في حدود المعقول، لكن يبقى الكذب والتهويل خيبة تتجاوز خيبة خسارة الأهلي للقبه الأفريقي المفضل، ولعل أكبر خطأ يمكن أن يقع فيه أي صحفي أهلاوي اقتناعه أنه مجرد بوق أو بومة تنعق لتجميل كل ما هو قبيح ..

* حسنا، لا خوف على (الأهلي) مستقبلا، النادي الأهلي الذي يرأسه نجم المثالية في ملاعبنا العربية (محمود الخطيب) قادر على امتصاص الصدمة وتصحيح الأوضاع، فالضربة التي تقصم الظهر ستزيد الأهلي قوة في قادم المناسبات ..

* وأتصور أن الأهلي في هذه الظروف النفسية الصعبة بحاجة إلى إعلام أهلاوي متزن يبني ولا يهدم، يفضح السلبيات ويميط اللثام عن المقصرين، وممارسة دوره في وأد موضة التمثيل بأخلاق الأهلي، أما لو تواصل مسلسل الفجور فأبشروا بمواقف (شوبيرية) متصلبة تذكر بذلك الحكيم العربي الذي قال : ما فلان بأدهى مني، ولكنه يفجر ولو فجرت مثله لكنت أدهى العرب ..

* ربما كان تناولي لتلك الزوابع الإعلامية الحمراء قد تجاوز النصح والإرشاد إلى منطقة محرمة ليس لي دخولها دون بطاقة عضوية، غير أن العتب في النهاية على الكابتن (شوبير) الذي استفزني بخروجه عن نص الروح الرياضية ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى