مانشستر سيتي- ليفربول- توتنهام…دليلك لمشاريع كروية ناجحة

تقرير- محمد عصام

منذ خمسة عشر عاماً، إذا حملتك قدماك إلى إحدى تجمعات مشجعي الكرة الإنجليزية، وسمعت أحدهم يتحدث عن سيطرة مانشستر سيتي محلياً، ووصول توتنهام وليفربول إلى نهائي دوري أبطال أوروبا، على الأغلب سيقول البعض أنه أسرف في الشراب، وأن خمر الطموح قد عبث برأسه.

في عام 2004، أنهى السبيرز في المركز الرابع عشر، في حين جاء مانشستر سيتي في المركز السادس عشر، وأكمل ليفربول أربعة عشر عاماً بلا لقب الدوري الإنجليزي رابعاً، وبمسافة مرئية عن ثلاثي المقدمة، على رأسهم أرسنال، صاحب دوري اللاهزيمة، مانشستر يونايتد، صاحب ثمان ألقاب بين الفترة من 1996 حتى 2011، وتشيلسي تحت رئاسة الروسي الجديد –حينها- رومان أبراموفيتش.

نظرة على الموقف الحالي، نجد أن ثلاثي مانشستر يونايتد، أرسنال، وتشيلسي يحاولون تثبيت أقدامهم على أرضية الواقع الزلقة، في حين يتوج مانشستر سيتي نفسه سلطاناً للبطولة المحلية، بتحقيق البطولة الرابعة في ثمان مواسم، برصيد 100 نقطة ثم 98 نقطة في موسمين متتاليين.

يأتي ليفربول برصيد 97 نقطة ثانياً، وهو رصيد يحقق له أي بطولة بريميرليج سابقة لهاتين البطولتين، ويستعد في الجانب الآخر لنهائي دوري أبطال أوروبا الثاني على التوالي، والنهائي القاري الثالث في أربع سنوات.

أما توتنهام فينهي بين الأربعة الكبار للموسم الرابع على التوالي، ويعد العدة ليكون الطرف الآخر من نفس النهائي الأوروبي.

هناك عدة أسباب لهذا التحول، أبرزها بوضوح هي الأموال، فقد أنفق ملاك السيتزنز الجدد 520 مليون باوند على الصفقات بين عامي 2008 إلى 2012 فقط، وأنقذت شركة (FSG) الأمريكية نادي ليفربول عام 2010 حين قامت بشرائه مقابل 300 مليون باوند، ومازالت تنفق نفس المبلغ سنوياً على أجور اللاعبين والصفقات.

ملعب توتنهام الجديد

أما توتنهام الذي لم ينفق على الصفقات، فقد وضع كل مدخراته لبناء الملعب الأكثر تطوراً مقابل مليار باوند أو يزيد، ما يضع النادي في بداية نقلة نوعية لعلامته التجارية والاعلامية.

الأموال جزء واحد من الإجابة، فهناك سقف قوانين اللعب المالي النظيف التي لا يقدر أحداً تخطيها، وإلا وضع نفسه تحت أنياب العقوبات الصارمة، وتنص على أن تنفق أقل مما تحقق من عائدات، وفي الحقيقة فإن مانشستر سيتي ينفق أكثر بنسبة 8% فقط عن مانشستر يونايتد، وفارق الإنجازات هائل، الأمر ذاته مع توتنهام الذي أنفق أقل ب 20% على قائمة لاعبيه بالمقارنة بنظيره في شمال لندن أرسنال.

السر يكمن في الاستثمار الحكيم، وكفاءة التخطيط، مع استغلال توافر الأموال في الدوري، وقوة الآلة الإعلامية الإنجليزية في الترويج لأنديتها، فترى المزيد من الأمريكان يتابعون البريميرليج بالمقارنة ببقية الدوريات الأوروبية مجتمعة.

تمتلك فرق إنجلترا خزائن أكبر من نظرائهم في الدوريات الخمس الكبرى، ووفقا لشركة “ديلويت” فهناك تسعة أندية إنجليزية في قائمة أكثر 20 نادٍ يتحصل على عائدات سنوية.

بددت معظم أندية إنجلترا هذه الثروات لسببين، الأول هو اختلاف التسعيرات، وهي تلك الظاهرة الاقتصادية حيث يضع البائع سعراً أكبر لنفس البضاعة باختلاف المشترٍ، وتنطبق على حال الأندية الأوروبية في بيع لاعبيها لأندية البريميرليج، حيث تؤكد الإحصائيات أن الأندية الانجليزية أنفقت 80% أكثر من نظرائهم لنفس مستوى الموهبة.

السبب الثاني هو تلك الرغبة الحارقة لدى أغلب الأندية لشراء أسماء أشهر لعبت في أندية النخبة، بدلاً من التركيز على المواهب الناشئة، فحين تأملت إحدى الصحف في أسباب توسط مستوى بعض أغنى أندية أوروبا، لاحظت أن عدداً من الأندية الإنجليزية أنفقت أموالاً على لاعبين في قمة شهرتهم، ولكن انتهى الأمر بقضاء أغلب مدتهم مع الفريق على دكة البدلاء.

تتعدد الأمثلة في هذا الصدد، بداية من تعاقدات مثل فالكاو مع مانشستر يونايتد، ثم تشيلسي، وصولاً لصفقة التشيلي صاحب الثلاثين عاماً ألكسيس سانشيز، والذي يتحصل على أعلى أجر في البريميرليج بقيمة 25 مليون باوند سنوياً، ويسجل خمسة أهداف في 45 مباراة له، والشاب الإسباني ألفارو موراتا الذي انتقل إلى تشيلسي مقابل 60 مليون باوند، ولم يدم بقاؤه لأكثر من عام ونصف.

كسر الثلاثي مانشستر سيتي، ليفربول، وتوتنهام هذه الحلقة المفرغة، حين تعاقد مانشستر سيتي مع كيفين ديبروين من فولفسبورج الألماني، وهو نادٍ متوسط الاسم والشهرة، وجلب ليفربول الثلاثي فيرمينيو، ماني ثم محمد صلاح بصفقات مشابه، ورغم ضخامة أسعار تلك الأسماء، يظل الرهان على اللاعبين في عمرهم أفضل من أسماء كبرى خاوية المردود.

في حين استطاع توتنهام المنافسة هذا العام بدون أي صفقة، والشكر يرجع لعملية الرعاية السليمة لمواهب شابة، تلك البذورالتي نمت إلى أشجار مثمرة، أمثال إيريكسن وديلي آلي وسون هيونج مين.

تلك الاستراتيجية التي اتبعها الثلاثي سمحت لهم بالتفوق على أنفسهم، ووضعت ثلاثتهم على طاولة الإنجازات هذا الموسم، باكتساح السيتي محلياً، وأوروبياً حيث سيحقق نادٍ إنجليزي لقب دوري أبطال أوروبا للمرة الأولى منذ سبعة أعوام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى