أمم أفريقيا والتفاؤل الحذر

كتب- أ.د. حسني نصر

أضع يدى علي قلبي من الآن تحسبا لبطولة الأمم الأفريقية التي تنطلق بعد أيام قليلة وبالتحديد يوم 21 من الشهر الجاري في مصر، ورغم أن المخاوف لا تقتصر على الجوانب التنظيمية والأمنية فقط، فإن هذا النوع من المخاوف يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار.

سبق أن نظمت مصر بطولات قارية ودولية كثيرة في ظروف أصعب ونجحت نجاحا كبيرا بفضل الحضور الجماهيري الكبير في مباريات هذه البطولات، لكن هذه المرة قد يكون الحضور الجماهيري هو المشكلة وليس سبب النجاح، خاصة وأنها تجرى في ستة ملاعب ويشارك فيها 24 منتخبا لأول مرة في تاريخ البطولة.

منذ يوليو 2013 حرمت الملاعب من الجماهير، وحرمت الجماهير من الملاعب باستثناء مباريات معدودة ونادرة ومقننة، ونظم الاتحاد المصري بطولاته على مدار السنوات الستة الماضية ومازال دون حضور جماهيري، ولما كان من المستحيل تنظيم بطولة قارية بدون جماهير فإن فتح الملاعب أمام الناس في البطولة الأفريقية يبدو أمرا شديد الخطورة والكلفة معا.

لا نريد أن تتكرر مأساة ملعب بورسعيد التي راح ضحيتها 72 من مشجعي النادي الأهلي، ولا مأساة ملعب الدفاع الجوي التي دفع فيها 22 من مشجعي الزمالك حياتهم ثمنا لمحاولة مشاهدة المباراة في الملعب، لا حاجة لمزيد من الضحايا، خاصة وأن البطولة سيشاهدها العالم كله، ونجاحها جماهيريا يبقى مرهونا بقدرة الأمن على التعامل الجيد مع الجماهير.

يحتاج الأمر إلى ما هو أكثر من تمنى نجاح البطولة جماهيريا، يحتاج إلى سياسات وإجراءات جديدة في التعامل مع جماهير الكرة خاصة من جانب الأمن الذي سيكون عليه تسهيل دخول وخروج الجماهير من الملاعب والحفاظ على حياة كل شخص، وعدم الالتفات إلى الاستفزازات التي قد تصدر عن البعض، وتجاهل الهتافات المسيئة إذا صدرت من بعض الحضور.

على الجانب الفني تبدو البطولة واعدة جدا في ظل مشاركة النجوم الأفارقة في الدوريات العالمية الكبرى جميعهم فيها وفي ظل تعدد الدول المرشحة للفوز بها، وإذا  كان من الصعب ترشيح الفريق المصري للفوز بالبطولة في ظل إجماع النقاد الرياضيين على هشاشة الفريق، بسبب المجاملات التي شابت عملية اختيار اللاعبين، فإن الفرق العربية الأخرى تبدو قادرة على الظفر بكأس البطولة، ويأتي على رأس تلك الفرق تونس، ثم المغرب وبعدهما الجزائر.

لا يعني هذا بالطبع تجاهل القوى الأفريقية غير العربية الكبرى في البطولة مثل كوت ديفوار وجنوب أفريقيا ونيجيريا والكاميرون وغانا والقوى الصاعدة مثل أنجولا ومالي والسنغال.

هل يمكن أن تفوز مصر بالبطولة، نعم .. إذا استهلت مشوارها بفوز عريض على أوغندا في افتتاح البطولة.. وإذا حافظت على الدعم الجماهيري الكبير وامتلأت الملاعب بالمشجعين، وهذا هو التحدي الأكبر الذي على اللجنة المنظمة والأمن الحرص عليه إذا كانوا يريدون أن تفوز مصر ببطولتها المفضلة.

نعم .. متفائلون بالبطولة، لكنه تفاؤل حذر يرتبط بالنجاح التنظيمي والأمني القائم على احترام الجماهير والتعامل بطرق إنسانية، وعدم إثارة المشاكل معها، حتى تكون بحق وقود المنتخب الوطني المصري للفوز بالنسخة الثانية والثلاثين من بطولة أمم أفريقيا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى