مصر الكونغو الديموقراطية..لا تسألني عن الأداء ولكن!

تحليل- محمد عصام

واجهت مصر منتخب الكونغو الديموقراطية في ثانِ جولات كأس الأمم الأفريقية، ورغم انتصار الفراعنة بضِعف نتيجة المباراة الأولى، تظل علامات الاستفهام مطروحة على مستوى صاحب الأرض، ومدى حظوظه في البطولة.

لايقف المجتمع الكروي كثيراً عند الأداء حين يتعلق الأمر بمرحلة المجموعات في أي بطولة، فالمطلوب هو النقاط ولاشئ سواها في هذه المرحلة، والهدف المشترك هو العبور نحو الدور القادم، وانتظار تطور المردود بالتبعية.

لكن لا يجب تعميم ذلك كقاعدة، خصوصاً مع تكرار المشاكل في نسيج الفريق، أو الوقوع في مجموعة سهلة نسبياً تصلح مقياساً للتوقعات المستقبلية في مسار البطولة.

منتخب مصر يقع في تلك المنطقة الرمادية حالياً، فالمكسيكي خافيير أجيري اعتمد نفس تشكيلة المباراة الافتتاحية، في مقابل خمسة تغييرات من الفريق الكونغولي الذي سقط ضد أوغندا في المباراة الأولى.

أعطى أجيري تعليمات أكبر لعبد الله السعيد للنزول ومساندة وسط الفريق، حيث لعب دور اللعب رقم 6 المائل على اليمين، مع صعود أكبر من أحمد المحمدي، لإمداد صلاح بالعون الهجومي، وتحريكه نحو مناطق خطورته في العمق، والاستفادة من المساحة التي يخلقها تواجد مروان محسن أمامه.

تمركز محمد صلاح بشكل أكبر في عمق الخط الأمامي، وأتى ذلك بثماره بفرصة باكرة بعد ثلاث دقائق أوقفها المدافع الكونغولي قبل وصولها للمرمى.

أعطى هذا التغير التكتيكي حلاً لخروج مصر بالهجمات بشكل أفضل، لكن ظهرت بالتوازي مشكلة جديدة على شكل فرصتين في الشوط الأول ضربت فيها الكرة عارضة محمد الشناوي، والسبب واحد هو فقدان “الكرة الثانية”، لعدم تميز الدفاع المصري في توقع مسارها.

سجل أحمد المحمدي أولاً للفراعنة مستغلاً الازدحام وغابة السيقان التي أعاقت رؤية الحارس ماتامبي، ويحسب للاعب أستون فيلا التمركز وحسن التصرف وردة الفعل.

تفنن تريزيجيه في تعذيب أقدام لاعبي الكونغو، لينطلق في هجمة عنترية قبل نهاية الشوط الأول بدقيقتين، ويضع الكرة لصلاح في مساحة ضد مدافع وحيد، وهي مواجهة غير عادلة، حتى لو كان المدافع تيسيروند الذي يلعب لنادي فولفسبورج الألماني، وضعها نجم ليفربول في الشباك، ومجدداً طغت النجاعة واستغلال الفرص على ما دونها من التفاصيل.

امتلك منتخب مصر في المباراة الافتتاحية نسبة 64% من الاستحواذ في الشوط الأول، وانخفض إلى 52% في الشوط الثاني، وفي ليلة الأمس انخفض الفارق بشكل أكثر درامية من 60% إلى 41%، ما يعني أن الفريق يتخلى طواعية عن الكرة في شوط المباراة الثاني.

يشارك في ذلك عدة عوامل، أبرزها هي التسجيل في شوط المباراة الأول، لذلك يبدو بديهياً العودة للخلف لمزيد من التمركز الدفاعي، ومزيد من المساحات لمرتدات صلاح وتريزيجيه، بالإضافة لانخفاض مستوى عبد الله السعيد تدريجياً لعامل السن، وعدم قدرته على مجاراة النسق لفترات طويلة.

لكن يمتلك المنتخب المصري مجموعة ذات خصائص أكثر تميزاً في الحيازة، لاعبين مثل النني، عبد الله السعيد، المحمدي أفضل حين تكون الكرة بين أقدامهم لا بدونها، كما أن الفريق لم يواجه حتى الآن من يترجم هذا الاستحواذ إلى أهداف، وهو وضع لن يستمر مستقبلاً.

دفع مدرب الكونغو إيبينجا بميسيشك إيليا بين شوطي المباراة، ثم الخطير يانيك بولاسي بعد ثلث ساعة، وتحول إلى خطة 4-1-3-2.

في حين دفع أجيري بتغييرات أفضل من المباراة الأولى، فدفع بأحمد حسن كوكا في مكان مروان محسن في تغيير مركز بمركز، للحفاظ على التواصل في الكرات الهوائية، والإبقاء على الزخم الهجومي بجانب صلاح، بدلاً من عزله وحيداً في الإمام.

وخرج عبد الله السعيد –متأخراً بعض الشئ- لصالح وليد سليمان، مع الإبقاء على تريزيجيه ليتجنب دخول المباراة في حالة استاتيكية كما حدث ضد زيمبابوي، وتحول إلى خطة 4-4-2 صريحة.

تسربت دقائق المباراة تدريجياً حتى النهاية، وحافظ الفراعنة على نظافة شباكهم، وحصدوا الثلاث نقاط.

تسير الأمور بسلاسة حتى الآن، رغم ابتعاد التخطيط عن المثالية، لذا توقع المشكلة شبه حتمي.

ومهما حاولنا توقع المستقبل، ستظل هناك بقعة عمياء خاصة بالتفاصيل التي لا يمكن التنبؤ بها، وسيظل للتطور في الأداء حدود مرتبطة بالأدوات المتاحة، ورغم التطور النسبي عن مباراة الافتتاح، ولكن المزيد من المنتخبات الأكثر استقراراً في القارة تتنافس على هذا اللقب، لذا يجب أن يظل هامش التطور مفتوحاً إذا أراد الفراعنة الإبقاء على هذه الكأس في خزائن المنتخب بعد نهاية البطولة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى