صفقات الانتقال الحر..لماذا من المستبعد أن يحبذها النجوم؟

تقرير- محمد عصام

“لا يوجد لاعب مثل كيليان مبابي، على الأقل منذ عقد من الزمان” هكذا استهل رايان أوهانلون مقاله عبر موقع ESPN الشهير.

المغزى من حديث الكاتب كان الإشارة إلى إحصائيات “مبابي” الملفتة للأنظار، فاللاعب سجل 33 هدفاً في الدوري الفرنسي العام السابق، وهو رقم يتخطى ما سجله الثنائي الأشهر “ليونيل ميسي” (14 هدفاً)، و”كريستيانو رونالدو” (9 أهداف) حين كانا في نفس الفترة العمرية للفرنسي.

أقرب الملاحقين من حيث التهديف لـ”كيليان مبابي” في عمره كانا “روميلو لوكاكو” في موسم 2012-2013، ولاعب بايرليفركوزن الشاب “كاي هافارتز” في الموسم السابق، حيث سجلا 17 هدفاً، ولكن مع ذلك لم يقتربا من الرقم الضخم الذي حققه بطل المونديال الصغير.

مبامي

يتفوق “مبابي” من حيث الفاعلية الهجومية، وهي تقاس بمعدل الأهداف والأسيست كل تسعين دقيقة بدون احتساب ضربات الجزاء، وفيها يتقدم “مبابي” بنسبة 1.50، يليه الأسطورة “ليونيل ميسي” بنسبة 1.49، ولا يقترب منهما سوى “ديريس ميرتنز” بـ1.04. ربما تعتقد أن الأمر يرجع إلى سهولة الدوري الفرنسي، لكن “مبابي” يحمل أيضاً نسبة 1.16 على مستوى دوري أبطال أوروبا.

هذا الشاب -الذي كان مراهقاً منذ شهور قليلة- فريد حقاً من نوعه، ولن يبلغ الواحد وعشرين حتى ديسمبر القادم، فوصلت قيمته السوقية وفقاً لموقع TransferMarket إلى 200 مليون يورو، ووفق خوارزمية Football Observatory التي تحدد القيمة وفقاً للنادي، السن، وتاريخ نهاية العقد، فقد بلغت قيمته 252 مليون يورو.

بغض النظر عن النادي الذي قد يشد “مبابي” الرحال نحوه مستقبلاً، فإنه على الأرجح سيحطم الرقم القياسي في الانتقالات المسجل باسم زميله نيمار، ولكن مع اقتراب نهاية عقد اللاعب بحلول موسم 2021-2022، هل تكون خطوة اللاعب القادمة عبر انتقال حر؟

قبل الإجابة على هذا السؤال سنسرد باختصار بداية الانتقالات الحرة.

حتى أواسط القرن العشرين، كانت الأندية تحتفظ بحقوق التحكم في مستقبل لاعبيها، وحتى بعد نهاية مدة عقودهم، كان اللاعبون يحتاجون إذناً للرحيل، وإن امتنع النادي عن الموافقة يجوز له الاحتفاظ باللاعب مع عدم دفع راتبه أيضاً.

تغير هذا القانون المتعسف قليلاً في الستينيات، حين أجبر القانون الجديد الأندية على دفع مستحقات اللاعبين إن قررت رفض العروض الخارجية، ولكن ظل للنادي حق في الحصول على الأموال من انتقال اللاعب حتى بعد نهاية عقده.

في عام 1995، جاءت واقعة لاعب الوسط البلجيكي “جيان مارك بوزمان”، حين رفض ناديه “لييج” العروض المقدمة له، ثم اقتص 75% من راتبه، ليقدم اللاعب شكوى للمحكمة الرياضية التي حكمت في صالحه، وأرست قانوناً ينص أن اللاعب في مقدوره الرحيل بدون رسوم بعد نهاية عقده، وله كامل التحكم في التفاوض الشخصي مع أي نادٍ يطلبه وقتها.

بوجبا

تزايدت التخوفات من نقص في سوق الانتقالات، وتوقيع عقود قصيرة المدى، ورحيل اللاعبين بشكل مجاني.

ولكن هذا لم يحدث، وهو ما يعيدنا إلى السؤال المطروح أعلاه، والأسباب في ذلك عديدة.

أبرز الأسباب التي منعت ذلك كانت في تخوفات اللاعبين من الإصابات المؤثرة على مستواهم، وأن الارتباط بنادٍ واحد هو بوليصة تأمين ضد انحدار أو فقدان اللاعب مسيرته بسبب إصابة، فالنادي سيتكفل بعلاجه، مع إبقائه في نفس المستوى التنافسي حتى العودة إلى كامل لياقته.

ورغم أن شركات التأمين قد حلت مؤخراً هذه المعضلة، فإن الانتقال “المجاني” هو مصطلح مضلل بعض الشيء، فبالرغم من أن النادي الجديد لن يتكبد عناء مفاوضات شاقة أو دفع أسعار كبيرة، فإن اللاعب سيطلب في المقابل مرتباً أكبر بالتبعية، مع عمولة ترضي وكيل أعماله، كما حدث مع “أدريان رابيو” هذا الصيف مع إدارة برشلونة قبل أن يتجه صوب يوفنتوس.

إدارة يوفنتوس ذاتها تعتمد كثيراً على مثل هذه الصفقات، ولكن مع ذلك فهي تتحمل ميزانية رواتب كبيرة، كما الأمر مع صفقة إيمري تشان المجانية نظرياً، ولكن كلفت النادي 16 مليون يورو ما بين اللاعب ووكيله.

عامل آخر يرجع إلى دور وكلاء الأعمال، هؤلاء الأشخاص الذين يقومون بدور الوسيط بين اللاعب والنادي، ويتحصلون على عمولة أكبر حين ينتقل موكله بمقابل مادي، حيث تحدث الاتحاد الأوروبي أن عمولة الوكيل قد تصل في المتوسط إلى 12.6% من نسبة الصفقة، أو ربما تتخطى ذلك الرقم كما في صفقة بول بوجبا نحو اليونايتد المقدرة ب89 مليون باوند، والتي تحصل فيها وكيله مينو رايولا على 24 مليون باوند كما تشير التقارير.

سبب آخر يرجع إلى محدودية مسيرة اللاعبين في كرة القدم، حيث تكون في المتوسط ثمانِ أعوام، ومحاولة استنزاف سنة منها بالتمرد قد يؤدي لإرسال اللاعب للتدرب مع الفئات السنية الأصغر، أو إجلاسه على دكة البدلاء، مما يفقده فرصة المشاركة في بطولة دولية مع منتخبه لاحقاً.

مازال لدى اللاعبين الفرصة في تحديد مستقبلهم بوسائل ضغط مختلفة، كالانتقال قبل نهاية عقودهم بعام كما فعل “هازارد” هذا الصيف، أو قوانين تنص على وجود قيمة كسر عقد كما هو الوضع في الدوري الإسباني، وكما حدث مع “جريزمان” حين انتقل صوب برشلونة.

في المجمل، النجوم يميلون نحو حلول أكثر التزاماً بالبروتوكول العام في الانتقالات لأن ذلك في مصلحتهم للأسباب أعلاه، بالإضافة إلى طبيعة اللعبة التي تتألف من أحد عشر لاعباً، وتتكون من ولاءات قوية من الجماهير نحو النادي قبل اللاعب، لذا فإن التأثر برحيل النجوم أقل من ألعاب ككرة السلة على سبيل المثال، ولكن من يدري فربما يفعلها مبابي في سن الثالثة والعشرين، او يسبقه دي خيا، أو إيريكسن، أو تيمو فيرنر، في خطوة جريئة قد تنقل موازين السلطة نحو أيدي اللاعبين في المستقبل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى