إنتر مع كونتي.. هل يصلح مدرب “البلاي ستيشن” ما أفسده غيره؟

تحليل- أحمد مختار

ينتظر الكثيرون تجربة أنطونيو كونتي مع إنتر ميلان، خصوصاً مع الدعم الكبير من جانب ملاك النادي، والخبرة العريضة للمدرب الإيطالي في ملاعب الكالتشيو، لذلك قد تكون هذه الخطوة بمثابة الرهان التكتيكي رفيع المقام، في حال توفير الأدوات المطلوبة للمدرب، وإبرام بعض الصفقات التي تسد العجز في بعض المراكز داخل الملعب.

الحقيقة أن وصف مدرب بلاي ستيشن لم يكن من اختراعي، بل قرأته لأحد المغردين عبر تويتر باسم Uncle Sharma، وهو فعليا أفضل كلمة يمكن أن تقال عن أنطونيو كونتي، لأنه يدرب دائما بنماذج لعب ثابتة ولا تتغير إلا في أضيق الظروف، ويجبر اللاعبين على التحرك وفق منظومته الخاصة داخل الملعب،

لذلك يكون الأمر أشبه بـ “ريموت كنترول”.. كل لاعب يتحرك كيفما يريد كونتي فقط، وكأنه يحركهم مثل عرائس الماريونيت، كلهم تحت تحكم المدير الفني خارج الخط.

أثناء البناء من الخلف على سبيل المثال، كيف يتخلص تشيلسي من الضغط مع كونتي؟ وكيف يصنع هجمة خطيرة بأقل عدد ممكن من التمريرات؟
تمريرة للخارج، ثم للداخل، ثم للخارج، هوووب تمريرة طولية عابرة للخطوط. حارس، يسار، ارتكاز، طرف، والظهير الجناح يهرب بفريقه إلى نصف ملعب الخصم.

أو عن طريق تبادل المراكز بين الظهير والمدافع الثالث، مع لعب التمريرة الطولية مباشرة، التي يعقبها تمريرة قصيرة للقادم من الخلف، أو إتجاه مباشر ناحية مرمى الخصم. في النهاية يتم خلق موقف 2 ضد 2، ويحصل موراتا على أكثر من انفراد صريح،

وفي حالة استلامه الكرة بظهره، فإن الكرة تأتي لهازارد القادم من الخلف، ليقابل المرمى بسرعته ومهارته.

يتحرك هازارد بذكاء شديد في وبين الخطوط، يسحب المدافع الذي يراقبه بعيدا عن مناطقه، من أجل فتح الفراغ أمام تحرك المهاجم الزميل، كما حدث في الموسم الماضي ليحصل دييغو كوستا على أكثر من كرة طولية قادمة الأظهرة أو لاعبي الوسط.

تشيلسي كونتي فريق يركز على خلق التفوق العددي في جانب ما من الملعب بعد سحب الفريق الآخر للجانب الآخر.

https://twitter.com/capitaine546/status/1155406905424191488

نفس الأمر مع منتخب إيطاليا في يورو 2016

يتم البناء من الخلف عن طريق نفس الطريقة، من المدافع المائل للطرف إلى الظهير الجناح على الخط. لعبت إيطاليا بنوع من الأظهرة تهاجم كثيرا، تعرف تكتيكيا بالـ Wing Backs لأنها نصف أظهرة ونصف أجنحة هجومية، وتساهم التركيبة الثلاثية الدفاعية في التغطية الخلفية على الظهيرين أثناء الهجوم، لذلك تلعب بمجموعة من مثلثات التمرير في حالة الاستحواذ على الكرة، عن طريق ثلاثي في كل جانب، مدافع وظهير ولاعب وسط مائل على اليمين واليسار.

أمام إسبانيا على سبيل المثال: تمريرة عرضية ثم أخرى طولية عمودية مباشرة ثم “ترييحة” بسيطة من أجل فتح الطريق أمام حصول دي روسي على الكرة بعيدا عن الضغط الإسباني.

أمام ألمانيا على سبيل المثال: استخدم المدرب خيار التمريرات الطولية بفضل قوة بونوتشي في هذا الجانب، لتكون المنظومة عبارة عن تمريرة طولية من المدافع إلى المهاجم، ثم تمريرة قصيرة إلى القادم من الخلف، فأخرى قطرية بينية تجاه الأظهرة الطائرة خلف مدافعي الخصم.

 أنطونيو كونتي

مع الإنتر في المباريات الودية، نفس طريقة اللعب، ونفس الأنماط/ النماذج المستخدمة. بدء الهجمة من الحارس، ميل المدافع إلى يساره أو يمينه، حصول المدافع على الكرة ولعبها مباشرة للظهير على الخط، الذي يمرر للاعب الوسط القريب منه، أو يلعب كرة طولية للمهاجم “تارجت مان” مع تحرك المهاجم الآخر في الفراغ المتروك مباشرة.

مع كل هذه المزايا، لديه عيوب قد تبدو قاتلة، ألا وهي فقدان البوصلة عند تأزم الوضع، وتأثره الشديد بعصبيته الزائدة في بعض المواقف، التي تكلفه الكثير داخل الملعب، باتخاذ قرارات متسرعة، وخارجه بالصدام المتواصل مع مساعديه ومدرائه.

بالإضافة إلى تحكمه المبالغ فيه واستخدامه لـ Patterns أو أنماط شبه ثابتة، قد يجعله محفوظا بعد مرور عامين على توليه مهمة أي فريق. لذلك أقول دائما بأن كونتي أستاذ الأرض المحروقة، أي أنه المدرب الذي يأتي لتولي قيادة فريق “واقع”. ينهض به ويعلم لاعبيه أصول التكتيك، ويحقق معهم نجاحات قصيرة الأجل، ثم يترك المهمة لغيره، لأن مع الوقت تزداد مشاكله ويحفظه منافسوه، وتتعقد أموره داخل الملعب وخارجه.

يمكن معرفة هدف الصفقات التي يريدها كونتي، بعد التوقيع فعلياً مع دييجو جودين ليُكمل ثلاثية الدفاع رفقة سكرينيار ودي فريج، بالإضافة إلى سينسي الأقرب إلى الريجستا الممرر أمام الخط الخلفي، مع الحصول على لاعب “البوكس تو بوكس” الذي يقطع باستمرار من العمق إلى الهجوم، وهذا يفترض أن يقدمه باريلا، حتى يكتمل مثلث الوسط بقيادة الكرواتي بروزوفيتش.

كذلك من المؤكد أن الإيطالي يريد التعاقد مع ثنائي هجومي جديد، دجيكو هو “التارجت مان” الذي يستلم الكرات الطولية برأسه، أو يلعب من لمسة واحدة بإحدى قدميه، أما لوكاكو فهو المهاجم القوي بدنياً الذي يتحرك في القنوات الشاغرة، ويبذل مجهوداً بدنياَ في الضغط على المدافعين وغلق زوايا التمرير أمام ارتكاز الخصم. وفي حال انتقال لوكاكو إلى يوفنتوس كما تشير الصحف مؤخراً، فإن الأفاعي ستسعى حتماً لضم إدينسون كافاني مهاجم باريس سان جيرمان بدلاً منه.

الأطراف عنصر مهم جداً بالنسبة لأنطونيو، لأنه يفضل فتح الملعب بثنائي سريع من الأظهرة التي تنطلق إلى الأمام، وتجيد الركض على الخط الجانبي من الملعب، لذلك تعاقد الإنتر مع فالنتينو لازارو لأداء هذه المهام الهجومية على اليمين، ولا يزال يلهث خلف ظهير أيسر يشغل الجهة الأخرى من الملعب. كل الطرق تقودنا إلى 3-5-2 على طريقة كونتي، وما علينا سوى الانتظار من أجل المشاهدة والحكم في آخر الموسم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى