حاكم زمانه ..!

كتب- محمد العولقي

بات في حكم المؤكد عودة الكناري البرازيلي نيمار داسيلفا إلى داره البرشلونية، بعد أن قل مقداره كثيرا في دار باريس سان جرمان،  السؤال المنطقي الذي يقفز إلى رأس كل من تابع مسلسل نيمار الدرامي مع باريس سان جرمان : هل عودة نيمار مرحب بها من إدارة وجمهور برشلونة ؟ أم أنها صفقة ستتمخض تحت ضغط الحاكم بأمره كرويا ليونيل ميسي ؟

قبل الإجابة على هذا السؤال، حري بمحبي برشلونة في وطني حبيبي الوطن الأكبر أن يضعوا أعصابهم في أقرب ثلاجة، لأن التفسير المنطقي لعودة الابن الضال إلى برشلونة، قد لا يتماشى مع هوى العرب العاربة والعرب المستعربة.. غادر نيمار برشلونة قبل عامين في الكواليس بأمر دبر بليل، فقد كان نيمار يطبخ طبخة هروبه الكبير من برشلونة مع ناصر الخليفي رئيس نادي باريس سان جرمان على نار هادئة ..

دفع النادي الباريسي قيمة الشرط الجزائي 222 مليون، دولار ينطح دولارا ، وقتها شعر رئيس نادي برشلونة بالخيانة العظمى، وهو شعور انتاب نجم النجوم ليونيل ميسي أيضا الذي تبرم كثيرا من خروج نيمار بهذا السيناريو المسيء للنادي.

يعلم كل من في رأسه خلية مخ أن البرازيلي لطالما رأى في ميسي عقبة كبرى في تحقيق حلمه الكبير بالظفر بالكرة الذهبية التي تمنح لأفضل لاعب في العالم، وعندما رسم سيناريو الهروب من جنة برشلونة إلى نار باريس سان جرمان، كان في الواقع يتحرر من نجومية ميسي الطاغية في برشلونة، ويخرج من جلباب ظل ميسي بحثا عن فريق يغرد فيه طائر الكناري بلا منافس، فيلعب فيه دور البطولة المطلقة المحتكر لكل الأضواء والبطولات..

وإذا كان نيمار قد حذا حذو الفراشة التي غرتها النيران فاحترقت، فالبرازيلي هو الآخر اكتشف مبكرا أنه لا يمكن أن يكون بطل المشهد في ظل وجود الأورغواياني أديسون كافاني، ثم مع الهالة الإعلامية الكبيرة التي صاحبت الصاروخ الفرنسي المراهق كليان مبابي بعد تتويجه بلقب كأس العالم، كما أن نيمار أيقن أن باريس سان جرمان ليس بذلك الفريق الذي يستطيع أن يحلق أوروبيا وينازع البرشا أو الريال بطولة دوري أبطال أوروبا..

افتقد نيمار في النادي الباريسي حميمية التكافل بين اللاعبين، وحن كثيرا لغرفة ملابس فريقه السابق الأكثر مرحا وانضباطا من غرفة ملابس البي إس جي المسمومة بحابلها ونابلها، هنا أدرك نيمار أنه من الأفضل العودة إلى جلباب ليونيل ميسي، والهروب بأية وسيلة من جحيم الفريق الفرنسي، حتى لو كان ثمن العودة تنازلا كبيرا في سطوته الفنية وفي مردود مستحقاته المالية، الأهم الآن ضرورة التخلص من كابوس باريس سان جرمان الذي بدأ أقل كثيرا من أحلام الفتى البرازيلي الطائر ..

الحقيقة أن إدارة برشلونة كانت قد أغلقت ملف نيمار تماما، خصوصا مع وصول حالة العداء بين الطرفين إلى أروقة المحاكم، على خلفية مستحقات تم تشفيرها عنه بدافع الانتقام من فعلته السوداء، لكن لماذا تبدل موقف رئيس النادي تجاه نيمار مائة وثمانين درجة ..؟.

مربط الفرس في هذا التبديل هو ليونيل ميسي الذي لبى طلب الاستنجاد، فزكى عودة نيمار إلى بيت الطاعة، طالما والبرازيلي سيعود إلى داره مهزوما مكسور الجناح والخاطر، عندما التقط ميسي خيط استغاثة زميله نيمار، كان في الواقع يجس نبض إدارة برشلونة، ثم يوجهها نحو فتح صفحة جديدة مع من وصم ذات صائفة بالخائن مع سبق الإصرار والترصد ..فبدأ كمن يلوي ذراعها تحت غطاء الحاجة لصديق الأمس ..ولكي يترك ميسي أثرا كبيرا على إدارة ناديه هدد علانية بعدم تجديد عقده مع برشلونة إلا إذا عاد نيمار بغض النظر عن الوسيلة ..

وطبعا طلبات ميسي أوامر وفرماناته غير قابلة للنقاش، على أساس أنه القائد الثوري الذي حجم من سطوة ريال مدريد على البطولات المحلية منذ أن حل الفتى الذهبي في كاتالونيا، وفي حال عاد نيمار إلى بيت الطاعة – وهو قاب قوسين أو أدنى من ذلك – سيكون ليونيل ميسي هو المتحكم بكل صغيرة وكبيرة في الفريق، بل ستتضاعف شهية سيطرته على الفريق فنيا وإداريا، في وقت سيتأكد فيه الجميع أن آرنستو فالفيردي مدرب الفريق مجرد موظف عند ميسي لا أكثر ولا أقل ..

لاحظوا أن فالفيردي لم يصر أو يلح على إعادة نيمار لا من قريب ولا من بعيد، وهو بريء حتى الآن من دماء لاعبين سيضطر برشلونة إلى بيعهم و إعارتهم في نهاية الميركاتو الصيفي، لتلبية رغبة ليونيل ميسي في استعادة خائن الأمس ..لا أظن أن عراكا ما قد يخل بمنظومة برشلونة في وجود المتحكم بكل شيء ليونيل ميسي، والمؤكد أن نيمار سيكسب ميسي الكثير من النفوذ والقوة والسطوة هذا الموسم..

في تقديري الشخصي أن الثلاثي ميسي وسواريز ونيمار لن يقبلوا بشريك رابع يخترق المنظومة، حتى لو كان هذا الواحد هو بطل كأس العالم الديك الفرنسي أنطوان غريزمان ..الفرنسي عليه من الآن الوصول إلى قلب ميسي تحديدا لضمان الحماية، لاسيما وهو يعاني من حالة جفاء مع لويس سواريز على خلفية احتفاله بالعلم الأورغواياني في كأس العالم الأخيرة ..

سيكون غريزمان أكثر المتضررين من عودة نيمار، وربما يجد نفسه بديلا في كل الأحوال، خصوصا وأن الفرنسي لم يتلق اتصالا من الحاكم بأمره في برشلونة يرحب بقدومه، وهذا مؤشر خطير ونذير شؤم على الفرنسي الذي كان في الواقع مطلبا إداريا بالدرجة الأولى وليس مطلبا شخصيا من ميسي
وعندما سارعت إدارة برشلونة لإتمام صفقة جريزمان ودفع قيمة الشرط الجزائي لأتلتيكو مدريد، لم يكن رئيسها يتوقع تدخل ميسي بكل ثقله لإعادة نيمار ..

لو كان الأمر كذلك لفضل رئيس النادي غض الطرف عن جريزمان، ثم إنفاق 120مليون دولار ضمن صفقة إعادة نيمار، مادام السيد يهدد بمغادرة برشلونة إن لم يجمعه سقف واحد مع صديقه نيمار ..
ما رأيكم أيها البرشلونيون العقلاء ألا ترون معي أن ميسي هو برشلونة وبرشلونة هو ميسي ..؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى