فوضى زيدانية ..!

كتب- محمد العولقي

معذرة يا جماهير ريال مدريد الإسباني، فريقكم مثخن بالكثير من العيوب الفنية، والكثير جدا جدا من الفوضى التكتيكية غير الخلاقة، التي تشير إلى أن أسوأ أيام ريال مدريد لم نعشها بعد.

هرول زين الدين زيدان ملبيا طلب العودة مجددا لقيادة الميرنجي بعاطفته التي استسلمت ذات مرة لنداء خفي إعاده إلى المنتخب الفرنسي، بعد أن طلق الديوك بالثلاثة.

هذه المرة ذهب زيدان لقيادة الجهاز الفني للريال بحماسة فارس نبيل، كان يظن أن عبقريته كلاعب كفيلة بإصلاح منظومة الريال المعطوبة، لم يكن يتوقع أن ريال مدريد بلا هوية واضحة، وأن الحالة المرضية لعزيز القوم الذي ذل الموسم الأخير تحتاج من البداية للكي كآخر مراحل العلاج.

وفي ظل مرحلة إعداد فاشلة بحسابات الهزائم والمستوى الفني الضعيف، سيدخل الريال منافسات هذا الموسم مع زيدان وهو شديد الشبه بذلك الذي يذهب إلى الهيجاء بغير سلاح.

معذرة مرة أخرى يا جماهير الريال المتعصبة منها والمعتدلة، يؤسفني إبلاغكم أن زيدان خاض مرحلة إعداد عبثية لم يستقر خلالها على تشكيلة أو شاكلة، والأدهى أنه تمادى في خبطه العشواء مع دخول فريقه عنق الزجاجة، قبل أيام من انطلاقة لا ليجا.

معذرة مرة ثالثة – والثالثة ثابتة – فزيدان الذي تفرغ للتخلص من جاريث بيل، ثم صب كل تركيزه على جلب مواطنه بول بوجبا من مانشستر يونايتد بأي ثمن، فشل فشلا ذريعا في الحالتين.

سيدخل زيدان منافسات الموسم الجديد مع فريقه المترنح على مختلف الجبهات وهو مجرد من سلاح التوازن النفسي، فانطبق عليه المثل الذي قيل بحق العذراء، التي أصرت على الأخذ بثأر أبيها بنفسها بعد أن نصحها الأهل، فلم تسمع الكلام، ثم عادت إلى الدار حبلى.

سار ريال مدريد مع زيدان منذ أن لبى نداء العودة مدربا على نهج خطوة إلى الأمام وخطوتين إلى الخلف واليوم خمر وغدا أمر ، وهات يا وعود بينه وبين فلورنتينو بيريز ، ويبدو أن مسلسل الوعود بتصحيح مسار الملكي سيفضي إلى الفشل، لا معزة ولا فيل، فقط كلام الليل يمحوه النهار.

لن نأتي بجديد عندما نشير إلى أن مشكلة الريال الحقيقة تكمن في عدم التجانس بين بيريز وزيدان، وبين حانا زيدان ومانا بيريز ضاعت لحى الريال، بدليل هذا العبث التفاوضي لبعض اللاعبين، عبث مدريدي كشف عن هوة تقاطع بين طلبات زيدان ورغبات بيريز.

نحب زيدان اللاعب والمدرب حبا ما له حدود، وليس لنا إلا أن ننتقده بموس الحلاقة، خصوصا و أن إعلام ريال مدريد المسموع والمرئي والمكتوب لا يترك نقيصة لزيدان إلا أحصاها ولا جديبة إلا عراها وفضحها ولا عويصة إلا حللها وأشبعها دراسة وتمحيصا.

لا ننكر أن زين الدين زيدان صنع لريال مدريد في موسمين ونصف الموسم تاريخا خارقا، حين تحول معه إلى غول أشبع كل أوروبا رقصا وتنكيلا، لكن تلك المرحلة انتهت لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت، ومن العبث أن يعيش زيدان على تلك الأطلال متوعدا بالكرة مرة أخرى وبنفس ملامح وأدوات أصابها الصدأ، بحكم أن لكل زمان دولة ورجال، ومن سره زمن ساءته أزمان على حد تعبير الباكي على أطلال الأندلس أبي البقاء الرندي.

انشغل زيدان عن فريقه بفتح جبهتين في آن واحد ج،بهة مع جاريث بيل بهدف تصفيته، وثانية مع بيريز الذي لم يرضخ لطلبات زيدان، والمبكي والمضحك معا أن زيدان سقط في الجولتين بالضربة الفنية الماحقة.

أصبح جاريث بيل بالنسبة لزيدان مثل حذاء الطنبوري، فقد فشل في التخلص منه وإنقاذ غرفة الملابس من الحرب الباردة التي تعصف بالاستقرار الذهني، فكلما صفت سماء العلاقة بين الطرفين تحت إلحاح أولاد الحلال غيمت من جديد، لكن الأكيد أن بيل سيبقى كاتما على أنفاس زيدان طوال فترة إقامته مع الفريق، ومن المتوقع بحسب الأداء التنازلي أنها لن تطول، كما يراهن بيل بنفسه.

لا نصدق أن رئيسا عنيدا مثل فلورنتينو بيريز اشتهر بثعلبيته وقدرته الفائقة على ترويض شياطين الإنس، يبدو بلا حيلة أمام رغبة زيدان في جلب الفرنسي بول بوجبا، ففي الواقع أن بيريز يخالف رغبة زيدان، وهو لا يرى أية ضرورة تستدعي إنفاق 170 مليون يورو للتعاقد مع بوجبا.

نعم يستطيع بيريز أن يتعاقد مع بوجبا ويجلبه للريال قبل أن يرتد إلى زيدان طرفه، لكنه يمانع في ذلك ولا يرى أمامه إلا واحدا من اثنين: نيمار داسيلفا المتمرد على البي إس جي، أو الصاروخ الفرنسي كليان مبابي.

الصورة المدريدية القاتمة تقول: ريال مدريد بهذا التخبط الفني والتكتيكي والنفسي تنخره العيوب الكثيرة، فهو يبدو عن قرب مثل منسأة سليمان التي استبطنها العث، بعد أن مات صاحبها دون علم الجن الذين ظلوا في الأصفاد، كما هو حال لاعبي ريال مدريد مع زيدان هذه الأيام الكبيسة.

ترى هل ما يحدث للريال مع زيدان مجرد تمويه وخداع بصري يسبق موسم الانتفاضة الملكية التي وعد بها زيدان أنصار الريال ..؟

هل الريال الذي ظهر في الوديات ضائعا مفكك الخطوط مهلهل الأداء، لا تلملم أفراده خطة لعب ولا تستر عورته ورقة هازارد، يمارس على الخصوم سياسة التخدير؟ أم أن كتاب الريال يقرأ من عنوانه؟
وأخيرا هل سيصدق حدس بيل الذي تنبأ باقالة زيدان قبل عطلة الشتاء ..؟
أدري أن الرياليين يعيشون حالة قلق مليئة الهواجس والشكوك ، لكن الأكيد أن زيدان يحفر قبره بيديه، طالما بقي الفريق بلا تدعيم قوي يعيد الخدمة لخطوط الريال المقطوعة أصلا ..!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى