تحليل- محمد عصام
مرة آخرى في “اسطنبول”، ولكن في ملعب “فودافون أرينا” معقل نادي “بيشكتاش”، ابتسمت الكأس الأوروبية للريدز في ليلة درامية، وأحداث متقلبة.
المباراة تقام بعد مرور جولة واحدة من مسابقة الدوري الإنجليزي، فاز فيها ليفربول برباعية، وسقط فيها تشيلسي باستقبال نفس العدد، البلوز الذي خاض مباراته ضد مانشستر يونايتد يوم الأحد، في حين لعب الريدز مساء الجمعة، هو ذاته تشيلسي الذي يدخل الموسم محروماً من سوق الانتقالات بعد خروج نجمه الأول “إيدين هازارد”.
إن كنت تراهن ضد تشيلسي بعد قراءة الظروف السابقة فهي سقطة معتادة، لأن هذا النادي أثبت مراراً وتكراراً أنه يهوى تقديم مباريات بطولية حين تكون جميع الظروف ضده، لذلك ما حدث، بدون أدنى محاولة تجميل للكلمات، هو أن فرانك لامبارد وفريقه اكتسحا المباراة في معظم أوقاتها.
قرر كلوب إراحة فيرمينيو، والبدء بأليكس أوكسليد تشامبرلين، الذي يلعب مباراته الأولى الرسمية أساسياً منذ 16 شهراً، مع مشاركة ماتيب أساسياً ونقل جو جوميز إلى الرواق الأيمن.
سعى الألماني بذلك أن يمنح المزيد من الحرية للثنائي “ماني، محمد صلاح” في العمق لتهديد دفاع تشيلسي “التجريبي”، مع فتح الملعب عرضياً بهندرسون يميناً، وتشامبرلين يساراً، والحد من صعود أظهرة فريقه لتغطية المساحات خلفهما والتي ظهرت في مباراة الدرع الخيرية، وافتتاحية الدروي ضد نوريتش.
في الحقيقة لم يكن هناك حاجة للتفكير المطوّل في المباراة، والحذر المبالغ فيه، فبينما حاول كلوب سد ثغرة فريقه على الأطراف، فقد في المقابل الدور المحوري الذي يلعبه ظهيراه هجومياً، واللذان قدما مجموع 28 تمريرة حاسمة في الدوري والتشامبيونزليج الموسم السابق.
فرانك لامبارد، الرجل الذي يخوض تجربته الأولى في هذا المستوى، قرر أن كرة القدم أبسط من ذلك، لذلك كان خياره الأمثل هو خطة 4-3-3 المتماثلة “Symmetric”، جناحان قادران على الموازنة بين الهجوم والدفاع، مع القطع إلى عمق الملعب كلما سنحت الفرصة.
الهدف من وجود “بيدرو وبوليزيتش” كان تحريك الخصم وليس الكرة، أي تباعد رباعي دفاع ليفربول لظهور أنصاف المسافات للتحركات القطرية التي يمتاز بها الثنائي، أو العمودية لكوفاسيتش وكانتي، مع الإمداد الغزير بالكرات خلف الدفاع من قِبل المايسترو جورجينهو.
في الشوط الأول، انقلب السحر على الساحر، فرائد الضغط العكسي يورجن كلوب سقط في فخ الضغط، وامتلاك الاستحواذ بلا ملامح خطورة حقيقية، حيث افتقد ليفربول لاعب الوسط القادر على ربط الخطوط بإصابة نابي كايتا، وانعزل فابينهو في النهاية وحيداً أمام رباعي الدفاع.
بكلمات أبسط، ليفربول أجاد الاستحواذ في مناطقه الدفاعية، ولكن تشيلسي كان أقدر على الحفاظ على الكرة في مناطقهم الهجومية.
لمس تشامبرلين الكرة في 21 مناسبة في الشوط الأول، وهو رقم متواضع، ولمسات ذات طابع غير مؤثر على مجريات اللعب، لذلك أصبح جلياً مشاركة فيرمينيو بين شوطي المباراة في محل الإنجليزي العائد من الإصابة.
أضاف فيرمينيو البؤرة المطلوبة لفتح قناة اتصال مع فابينهو، وتحرك في العديد من اللقطات بجانب الارتكاز البرازيلي، مع إعطاء الحرية لروبيرتسون وتفعيل دور الظهير الأيسر هجومياً.
ورغم تسجيل ليفربول التعادل، فلم يدم التفوق التكتيكي على الملعب مدة طويلة، بل جاءت تغييرات لامبارد بنزول ماسون ماونت، وأبراهام –والذي ربما كان من الأفضل الإبقاء على جيرو بخبرته الأكبر- وأضافت المزيد من الضغط على فريق ليفربول الذي يبدو أنه لم يعد من أجواء المباريات التحضيرية بعد.
تسبب بيدرو رودريجيز المتاعب لدفاعات الريدز، فلطالما قدم الكناري مباريات سوبر أوروبي مميزة في مسيرته، لذلك وضع كلوب في بداية الشوط الإضافي الأول جوميز على اليسار، ودفع بأليكسندر أرنولد يميناً للحد من خطورة هذه الجبهة.
سجل ماني هدف التقدم في الشوط الإضافي الأول بالتزامن مع دقة ساعة منتصف الليل بتوقيت اسطنبول، تقدم لحظي لدقائق معدودة ذهب أدراج الرياح بأقدام جورجينهو، وتعود مفاتيح السيطرة للبلوز على المباراة حتى نهايتها، تلاها ضربات جزاء مريرة أعادت ذكريات مباراة السوبر الأوروبي ضد بايرن ميونيخ عام 2013، وتضييع لوكاكو للركلة الأخيرة.
قدم وسط تشيلسي مباراة بطولية، وربما هذا الخط الأميز الذي يمتلكه لامبارد الآن، واستطاع استغلال نقاط قوته وتقليل مواطن الضعف في فريقه، مع قدرة فائقة في التحرك ونقل الهجمات بسلاسة.
ولكن الشكوك كانت في قدرة هجومه على تقديم الفاعلية المطلوبة، وفي قدرة دفاعه على الوقوف بصلابة وتحمل أعباء المباراة أمام فريق ينتهز اللحظة ليشن غارات في الوقت المناسب.
والسؤال الذي توضح إجابته قيمة المباراة التي قدمها تشيلسي ولامبارد بالأمس هو: كم لاعب من تشكيل تشيلسي ليلة الأمس يمكنه دخول تشكيل ليفربول أساسياً؟