تحليل- أحمد مختار
إنجليزي غير منفوخ إعلامياً!؟ سؤال وجهته إلى نفسي سريعاً بعد مشاهدة سانشو لأول مرة خلال الموسم الماضي، لأنني رأيت لاعباً مميزاً رغم صغر سنه وقلة تجربته، مع شخصية قوية لا تتناسب أبداً مع مشواره القصير في الملاعب، واتخاذه خطوة الاحتراف سريعاً، ليرفض دكة البدلاء في مانشستر سيتي ويتجه إلى الفريق الأول لبروسيا دورتموند. لقد أثبت الجناح الصغير أنه مختلف، على مستوى التفكير خارج الملعب، وبالتأكيد داخله من خلال لمساته وأهدافه وأرقامه
سانشو لاعب هجومي رائع، يستطيع التمركز على الطرفين كجناح صريح، مع ميله الأكثر تجاه اليمين، ليحصل على الكرات بالقرب من الخط، ويستخدم مهارته وسرعته في الهروب من الدفاع، ومن ثم لعب الكرات العرضية أو التمريرات البينية داخل منطقة الجزاء.
وخلال مشاركاته مع مان سيتي سابقا، وحتى رفقة بروسيا بدوري أبطال أوروبا للشبان، لعب سانشو أكثر كجناح أيسر مقلوب، حتى يدخل للعمق من أجل التسديد ناحية المرمى.
خلال الموسم الماضي بالبدايات رفقة لوسيان فافر، تواجد أكثر على اليمين، حتى يركز أكثر على الصناعة، من خلال تواجده على الخط الجانبي، ومحاولة إيجاد رأس الحربة الكلاسيكي باكو ألكاسير بالقرب من المرمى. أفاد الإنجليزي فريقه على مستوى قلب المباريات كبديل..
وأثر بالإيجاب على نظام فافر التكتيكي، في إجباره الخصم على ترك مواقعه الدفاعية، نتيجة فتح الملعب عرضياً باستخدام الأجنحة السريعة، ثم فيما بعد أصبح أساسياً حتى نهاية الموسم.
هذا الموسم لم يتغير شيء بالنسبة لسانشو، لكنه أصبح أساسياً باستمرار ووضع نفسه كأحد أهم نجوم دورتموند، نظراً لأهدافه و”أسيستاته” بالإضافة إلى تأثيره بالإيجاب على نتائج فريقه سواء في السوبر الألماني ضد بايرن، أو خلال افتتاحية البوندسليجا هذا الأسبوع، ليحقق بروسيا انتصارات مهمة على مستوى النتائج والتهديف.
إيجابياته: “مميز في التمرير، المراوغة، الإنهاء، الربط مع لاعبي الوسط والهجوم، الحفاظ على الكرة تحت الضغط، صناعة الأهداف وتسجيلها”.
سلبياته: “المشاركة الدفاعية القليلة، وفقدان الكرات بشكل مبالغ فيه في بعض الأحيان”.
يلعب بروسيا مع فافر بمزيج بين 4-2-3-1 و4-3-3، لكن أكثر بتواجد ثنائي محوري في المنتصف، هما جوليان فيجيل وفيتسيل، أمام رباعي الدفاع بقيادة أكانجي، هوميلز، شولز، وبيتشيك في أغلب الدقائق.
بينما هجوميا هناك ماركو رويس في المركز 10، بين كلا من سانشو وهازارد الصغير، وفي المقدمة باكو ألكاسير بالمركز 9.
خططياً، يصنع الفريق معظم فرصه من اللعب على الأطراف، أو استغلال مهارات نجومه في وبين الخطوط، خصوصا رويس وسانشو ثم الثنائي هازارد وبراندت البديل. ويحسب لفافر إعادة رويس إلى الواجهة من جديد، خصوصاً مع تحوله إلى اليسار قليلاً، من أجل الربط مع هازارد ثم براندت، لخلق موقف 2 ضد 1 على اليسار..
كذلك يصعد إلى الأمام خطوات بالقرب من ألكاسير، لقلب الرسم من 4-2-3-1 إلى 4-4-2، كل هذا لفتح الفراغ أمام انطلاقات سانشو على اليمين، عند قلب الملعب من جهة لأخرى، وحصول الدولي الإنجليزي على المساحة اللازمة لاستلامه في موقف 1 ضد 1.
مباغتة الخصم بقلب اللعب ليست الفكرة الوحيدة التي يستغلها دورتموند لإظهار إيجابيات سانشو، حيث أن لوسيان فافر يعتمد أيضاً على البناء المنظم من الخلف، بعودة فيتسيل بين قلبي الدفاع وخروج الكرة من قدمه إلى فيجيل، الارتكاز المساند القادر على نقل الهجمة إلى الثلث الأخير تجاه ألكاسير، رويس مباشرة، ومن أحدهما إلى سانشو في المساحات خلف دفاعات الخصم، مما يجعل التحولات لها قيمة مغايرة.
وإذا تعثر البناء من الخلف عن طريق فيتسيل، فيجيل، وقلب الدفاع أكانجي، فإن دورتموند يلجأ إلى سلاح الكرات الطويلة الذي يتقنه هوميلز، من خلال لعب التمريرات المباشرة تجاه الأطراف الهجومية، لاستغلال فارق السرعات لصالح سانشو ورفاقه.
جادون لاعب سريع، يفيد التحولات والمرتدات الخاطفة، لكنه أيضاً يعرف كيف يتصرف بالكرة تحت الضغط. لديه المهارة التي تساعده على الراوغة، والجرأة في التصرف بالأماكن الضيقة، بالإضافة إلى الشخصية القوية أمام المرمى، كلها صفات ومهارات تكتسب مع الوقت والخبرة والتطور والتعلم، لكن هذا اللاعب بات يمتلك جزء منها بسرعة لا تتناسب أبداً مع سنه وعدد مبارياته الرسمية، على خطى مبابي أيام موناكو، وجواو فيليكس مع بنفيكا.
الإنجليزي شجاع بالفطرة، يملك الرؤية المناسبة لتحوله من دور الجناح إلى المهاجم الإضافي عند الحاجة، ولديه ميزة الجمع بين الصناعة والتسجيل في آن واحد، لكنه أيضاً يفقد الكرات بطريقة مبالغ فيها أحياناً، بسبب قلة خبراته وتسرعه، دون نسيان الشق الدفاعي الذي يحتاج منه إلى عمل كبير خلال الفترة المقبلة، حتى يتحول إلى نسخة مرعبة ومتكاملة للمهاجم الطرفي الذي يناسب الفرق الكبيرة.
لا مستقبل لسانشو في دورتموند، سينتقل آجلاً أم عاجلاً إلى فريق آخر، وربما يعود من جديد إلى بلاده إنجلترا لكن هذه المرة كلاعب أساسي لا مجرد بديل، مع توقعات بأن ناديه الألماني لن يفرط في خدماته بأقل من 120 مليون يورو على الأقل..
لكنه يستحق المغامرة بدفع هذا الرقم خلال فترة الانتقالات الصيفية القادمة، لأنه خامة قابلة للانفجار الإيجابي في فترة وجيزة، ولا عجب إطلاقاً إذا رأينا اهتمام فريق مثل مانشستر سيتي بضمه، خصوصاً إذا انتقل ليروي ساني إلى بايرن ميونخ بعد عودته من الإصابة، في انتظار صيف 2020.