عمالقة الليجا في الميركاتو…من قام حقاً بالثورة؟ (1)

تحليل- محمد عصام

أن تشرع في تعويض نجم فريق لما يقارب عقداً كاملاً هو أمر عسير، ولكن الأصعب هو حين لا تحاول أصلا بجدية في هذا الصدد.

هذا ما حدث في أروقة ريال مدريد منذ عام، حين ترك الأبواب مفتوحة لرحيل كريستيانو رونالدو صوب يوفنتوس، وشاعت حكمة سائدة في النادي بأن الفريق قادر على المضي قدماً بلا تدعيمات تتوافق مع حجم خسارة صاحب الخمسة جوائز بالون دور.

ما حدث بعد ذلك معروف للجميع، المركز الثالث في الليجا متخلفاً عن البطل برشلونة بتسعة عشر نقطة، وأتلتيكو مدريد بثمان نقاط، خروج مبكر من دوري أبطال أوروبا، وتعاقب ثلاثة مدربين على غرفة ملابس الفريق.

عاد زيدان آخيراً، مع وعود من بيريز بأن يكرس كل الجهودات الممكنة لتصحيح المسار، أو ما أطلقت عليه الصحف لقب “ثورة ريال مدريد”، ولكن مع تبقي أيام قليلة قبل إغلاق سوق الانتقالات، فمن قام حقاً بالثورة بين ثلاثي عمالقة الليجا؟

البداية مع ريال مدريد، وكما توضح الصورة، فالفارق بين الإحصائيات الهجومية للفريق موسم 2017-18 (باللون الأحمر) –آخر موسم لرونالدو- بالمقارنة بالموسم السابق (باللون الأزرق)، ستجد ببساطة أن الفريق أسوأ هجومياً في كل جانب، تسديدات أقل من كل نوع، مع انحدار في نسبة الأهداف المتوقعة.

بدأ الميرينجي تحركاته منذ مطلع الصيف، وكانت الضربة الأكبر بانتداب إيدين هازارد من صفوف تشيلسي، أحد أبرز النجوم في عالم المستديرة، والقادر على إعادة صفة “السوبر ستار” المفقودة لتركيبة هجوم ريال مدريد.

ورغم الثقل الواضح للصفقة، ولكن إيدين هازارد ليس الحل المباشر لتعويض قيمة رونالدو التهديفية، فالبلجيكي متمرس في عملية الصناعة والمراوغة عوضاً عن التهديف، وسجله الرقمي يأتي من كونه المسدد الأول لضربات الجزاء في فريقه عوضاً عن حاسته التهديفية، وميله للتحركات المستمرة في منطقة العمليات.

في الواقع، فقد ظهر الموسم السابق في ريال مدريد لاعباً مشابهاً، وكان النقطة المضيئة الوحيدة في عام مظلم، وهو الموهبة البرازيلية فينسيوس جونيور، والذي ينشط في نفس مناطق هازارد، ويقدم ذات الإضافة، ولو بجودة أقل بديهياً.

لذلك كانت الورقة الأخرى، لوكا يوفيتش، المهاجم الهداف بالفطرة، والقادر على التسجيل بالرأس وكلتا القدمين، والقادم من أينتراخت فرانكفورت بمبلغ وصل حوالي 60 مليون يورو.

ولكن مجدداً ترتفع التساؤلات عن مدى ثقة زيدان في الصربي، بالإضافة إلى الشكوك في قدرته على الدخول أساسياً في خط هجومي بجانب الثنائي الأكيد هازارد- بنزيما، وقدرته على توفير الغطاء الدفاعي بجانب تقديم العمل الهجومي المطلوب.

في الدفاع، أتم ريال مدريد صفقتي إيدير ميليتاو، والظهير الأيسر فيريلاند ميندي، تعاقدان يبدوان الأكثر منطقية، والأسرع ملائمة لحاجة الفريق بدون قراءة أعمق غير مطلوبة للموقف.

المعضلة الآخيرة المعلَّقَة حتى هذه اللحظة تتمثل في قلب مدريد النابض، إنه ثلاثي الوسط المتباطئ تدريجياً والذي لا يملك بديلاً بعد إعارة سيبايوس إلى أرسنال، إتمام نقل كوفاسيتش نهائياً لتشيلسي، والتفريط في ماركوس يورينتي للغريم اللدود أتلتيكو مدريد.

ارتبط الفريق بالفرنسي بوجبا طيلة الصيف، الطلب الشخصي لزيدان، ولكن مع تعقد الصفقة، تظهر الخيارات البديلة المتمثلة في الدنماركي كريستيان إيريكسن، والهولندي دوني فان دي بيك تدريجياً في الصورة بشكل أوضح.

ورغم الاختلاف الواضح في خصائص الثلاثي (بوجبا- فان دي بيك- إيريكسن)، لكن المعطيات الحالية تشير إلى ضرورة توفير صفقة الوسط بأي ثمن، بدلاً من دخول الموسم مع قصر ذات اليد في الخط الأهم لجل أندية اللعبة.

حتى الآن، لا يبدو ماسبق متوافقاً مع القوة التي تمنحها وقع كلمة “الثورة” على المسامع، ورغم سرعة إنهاء الصفقات وتواليها والتي منحت شعوراً ثورياً بلا شك، جاءت المباريات التحضيرية لتعيد دراسة متطلبات الفريق، وتثبت أنه مازال بحاجة للمزيد من الصفقات والعمل داخل الميدان على حد سواء.

قام زيدان حتى الآن بعدة تجارب في جميع الخطوط، بين الثنائي الهجومي والمهاجم الوحيد، وثلاثي ورباعي الوسط، حتى دفاعياً استخدم ثلاثي ورباعي الدفاع بالتبادل، ومع ذلك، مازال الفرنسي في حيرة من أمره حتى الآن رغم بداية الموسم الكروي، ولم يصل بعد للتركيبة الأنسب التي توافق مجموعته الحالية من النجوم، مع تعقيد الإصابات من مهمته، فهل هذا ما تبدو عليه الأمور بعد “الثورة”؟.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى