دكتور مينو والسيد رايولا..شخصيتان مختلفتان لوكيل واحد

تقرير- محمد يوسف

«مرحبا، هنا مينو. لا تترك لي رسالة بريد صوتي، من الأفضل أن ترسل رسالة نصية».

تخبرك رسالة البريد الصوتي لـ مينو رايولا بالعديد من الأشياء عن الرجل الذي أصبح أحد أقوى وكلاء اللاعبين في كرة القدم العالمية: أولها أنه يتلقى الكثير من المكالمات الهاتفية، وثانيها أن وقته ثمين للغاية، وثالثها أنه يحب أن يختصر الأمور.

ظل هاتف رايولا يرن كثيراً هذا الصيف؛ فقد لعب دوراً أساسياً في انتقال الهولندي ماتيس دي ليخت من أياكس إلى يوفنتوس بمبلغ 75 مليون يورو، وعودة ماريو بالوتيلي إلى وطنه في نادي بريشيا الإيطالي، وانتقال مويس كين بمبلغ 27.5 مليون يورو إلى إيفرتون، وكذلك انتقال هيرفينج لوزانو بقيمة 40 مليون يورو من أيندهوفن إلى نابولي.

النجاح الكبير الذي حققه رايولا في قيادة بعض أكبر عمليات انتقال اللاعبين، وأكثرها ربحاً، في تاريخ كرة القدم أعطاه شعبيةً وشهرة واسعة، ربما تُقارن بعملائه من أشهر اللاعبين في الوقت الحالي. عندما حضر إلى تورينو لمرافقة دي ليخت إلى مركز نادي يوفنتوس الطبي في شهر يوليو الماضي، تغنى المشجعون الذين كانوا ينتظرون خارج المركز باسم رايولا، وطلبوا توقيعه.

مينو رايولا

الشخصية المثيرة للجدل، والبالغة من العمر 51 عاماً، تحمل كلماتها دائماً وزناً كبيراً. على الرغم من أنه يتحدث بوتيرة متسارعة عندما يكون بصحبة أحدهم، إلا أنه يختار كلماته العامة بعناية شديدة، ولا يتحدث إلى الصحافة إلا عندما يكون لديه رسالة ينقلها. ونادراً ما يرد على هاتفه إذا كان المتصل صحفياً.

يعيش مع أسرته في ولاية موناكو، وكان على موقع تويتر منذ نوفمبر 2014، لكنه لم يكتب سوى 46 تغريدة منذ ذلك الوقت؛ فهو يستخدم المنصة عموماً للتنديد بالقصص التي تفتقر إلى الدقة عن موكليه، لمهاجمة من ينتقدون لاعبيه، وللتحدث ضد العنصرية في هذه الرياضة. وهو لم يرد أبداً على أي تغريدة من شخص آخر.

أسلوب تعامله المندفع والصدامي جلب له العديد من الصراعات مع شخصيات قوية في عالم كرة القدم، فقد وصف بيب جوارديولا بالـ «جبان» و«الكلب» لما فعله مع زلاتان أثناء فترته في برشلونة، كما ألقى بشتائم مماثلة على يورجن كلوب لتعامله مع بالوتيلي في ليفربول، كما شبّه رئيس نابولي أوريليو دي لورينتيس بالدكتاتور الإيطالي موسوليني.

ذكر السير أليكس فيرجسون في كتابه «القيادة» في عام 2015 قائلاً عن رايولا: «أنا لا أثق به منذ اللحظة التي قابلته فيها».

من بعض تصريحاته الإعلامية، يمكن أن تفترض أن رايولا شخصاً غير مرغوب فيه للغاية، ولكن من قضوا وقتاً بصحبته غالباً ما يصفونه بأنه شخص ساحر وأنيق. قضى سيمون كوبر عدة ساعات معه في عام 2016 أثناء إجراء حوار مع صحيفة الفاينانشيال تايمز، وقال إن الرجل الذي التقى به كان مختلفاً تماماً عن الصورة المرسومة له في الصحف والإعلام.
                                                             

وُلد في ساليرنو بإيطاليا في نوفمبر عام 1967، وانتقل إلى مدينة هارلم الهولندية مع أسرته وهو طفل صغير. افتتحت العائلة مطعم للبيتزا في سوق المدينة، وساعد الشاب مينو في غسل الصحون وخدمة الزبائن، والمساعدة في نهاية المطاف على إدارة أعمال العائلة. ويذكر أن هذه التجربة زودته بمهارات العمل التي ستحوله ذات يوم إلى شخص يعرف كيف يدير صفقات لاعبي كرة القدم بنجاح.

بينما ساعده الحديث مع الزبائن في تطوير اللغات التي يتحدث بها، إلا أن الوقت الذي أمضاه في تدوين دفاتر حسابات المطعم أعطاه قوة هائلة في العمليات الحسابية. حتى عُرف عنه وهو على طاولة المفاوضات، يمكنه إجراء الحسابات في رأسه أسرع من شخص لديه آلة حاسبة.

عندما كان يلعب زلاتان في أياكس، طلب من الصحفي تييس سليجرز، الذي كان يعمل صحفيًا في المجلة الهولندية Voetbal International، أن يجد له وكيل أعمال جديد، فحدد له سليجرز مقابلة مع ثلاثة منهم، كان أولهم مينو رايولا.

يذكر زلاتان أنه عندما رأي رايولا أول مرة، شبهه بأحد الممثلين في مسلسل The Sopranos، وبينما هم جالسون في هذه المقابلة، تلقى رايولا مكالمة فقام مبتعداً عنهم، ليقول زلاتان لسليجرز: «يمكنك الاتصال بالشخصين الآخرين والاعتذار لهم، هذا هو الرجل الذي احتاجه».

بعد أسبوعين من نشر كتاب السيرة الذاتية لزلاتان، تواصل 15 لاعب كرة قدم محترف مع سليجرز يطلبون تقديمهم إلى رايولا. في بيئة يُحاصر فيها لاعبو كرة القدم في الغالب بأشخاص ينفذون كل رغباتهم، فإن شخصاً صريحاً وصادماً مثل رايولا يُعد سلعة نادرة. حيث يذكر سليجرز: «لا يقول رايولا ما يريد اللاعب سماعه؛ فهو يقول ما يفكر فيه. أعتقد أن هذا أمر حاسم في الحياة المهنية لأي لاعب. فهو يعرف كيف يتوغل إلى رؤوس لاعبيه، ويحرر أعلى حدود طموحاتهم. وهو مستعد لخوض الحروب من أجل موكليه».

بافل نيدفيد

حصل رايولا على أول انتقال كبير له في عام 1996، عندما ساعد النجم بافل نيدفيد في الانتقال من سبارتا براج إلى لاتسيو. وبعد خمس سنوات، غادر نيدفيد لاتسيو منتقلاً إلى يوفنتوس، حيث فاز هناك بجائزة الكرة الذهبية في عام 2003.

أدت إضافة نيدفيد إلى قائمة موكليه إلى انتقاله إلى بعد جديد، ولكن تفاني لاعب خط الوسط الأشقر في مسيرته المهنية غيّر أيضاً الطريقة التي يفكر بها وكيل أعماله في كرة القدم. فتح انضباط ولياقة نيدفيد عيون رايولا على أعلى متطلبات في كرة القدم الحديثة، مما منحه الثقة أن يخبر نجوم مثل زلاتان أن يحاول تطوير نفسه ومستواه.

في إشارة إلى التقدير الكبير الذي يحمله تجاه دي ليخت، ذكر أن لاعب قلب الدفاع، البالغ من العمر 20 عاماً، لديه من الإمكانيات ما قد يمكنه من الاقتراب من مستوى نيدفيد، وحتى تجاوزه، من حيث المجهود والالتزام والعقلية.

لا يوجد شيء ساحر أو مميز حول مظهر رايولا، والذي يتناقض تماماً مع قيمة ثروته الشخصية التي تقدر بحوالي 63 مليون دولار. ولكن من خلال تكوين روابط شخصية قوية مع لاعبيه، الذين يصفهم بأنهم عائلته، والمحاربة للضغط بكل الطرق على الأندية التي يلعبون لها، مكنته من جمع قائمة عملاء لا يوجد من ينافسه فيها حالياً.

إن هذا التركيز الشديد على كسب المال لعملائه، وبالتالي لنفسه، حتى لو كان ذلك يعني إجبارهم على إجراء انتقالات معقدة وغير شعبية، قد وضع رايولا في مسار تصادمي مع بعض أكبر الأندية في العالم؛ ولهذا السبب أصبح عدواً لدوداً لرجال مثل فيرجسون وجوارديولا.

ولهذا يعتبر بالنسبة للاعبين مثل بوجبا ودي ليخت وبالوتلي حليفهم الأقرب الذي يثقون به دائماً.

تقرير مترجم من bleacherreport

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى