عام مع بيلسا..قصة عودة ليدز يونايتد للحياة (2)

تقرير- محمد يوسف 

لم تمر ثورة بيلسا بدون خسائر؛ ارتفع معدل الإصابات منذ بداية الموسم، على الرغم من أن الطاقم الطبي يذكر أن تلف الأنسجة الرخوة، وهو مؤشر على وصول أجسام اللاعبين إلى نقطة الانهيار نتيجة المجهود الزائد، أقل من المتوسط.

وجد بيلسا نفسه أيضاً في قلب العاصفة في شهر يناير، عندما أوقفت الشرطة أحد موظفيه الكثيرين، بعد أن شوهد خارج ملعب تدريب نادي ديربي كونتي، قبل 24 ساعة فحسب من مباراتهم معاً، والتي انتهت بهزيمة ديربي كونتي 2-0 على ملعب «إيلاند رود».

اعترف الأرجنتيني بإرسال موظفين لمشاهدة الحصص التدريبية لكل أندية التشامبيون شيب، وقام الاتحاد الإنجليزي بتغريم ليدز يونايتد 200 ألف جنيه استرليني.

لم يقلق بيلسا بشأن الغضب الذي تسبب فيه؛ حيث كانت مشاهدة الفرق المنافسة أثناء التدريبات أمر شائع في الأرجنتين، وكانت تُلعب حصصه التدريبية في أتلتيك بلباو، بين عامي 2011 و2013، أمام الجماهير. وفي الأسبوع التالي، عقد اجتماعاً شرح فيه وجهة نظره، وأنه يملك بالفعل كثيراً من التفاصيل حول فريق فرانك لامبارد، وأنه لم يفعل هذا الأمر سوى لتقليل شعوره بالقلق فحسب.

مارسيلو بيلسا.. الفلسفة والتكتيك

مارسيلو بيلسا – leedsunited.com

يصفه المدربون واللاعبون بالعبقرية. تتنوع تعليقاته بين الفلسفة والتكتيك، وعندما نتحدث عن التكتيك يأتي خيال بيلسا إلى قيد الحياة؛ فهو يستخدم تشكيل 4-1-4-1 ضد الفرق التي تلعب بمهاجم واحد، و3-3-1-3 ضد الفرق التي تلعب بمهاجمين، وهو النظام التكتيكي الذي أكسبه لقب «اللوكو» قبل 30 عاماً.

يُدرب لاعبيه على الانتقال بين الخطتين في منتصف المباراة، مما يؤدي إلى زيادة الضغط على الأجنحة، ويستخدم اللاعبون التمريرات القصيرة في المناطق المزدحمة ليتخلصوا من جدار المدافعين أمامهم. ورغم كل هذا، لا يزال عقل بيلسا منفتحاً على مزيد من الابتكار؛ حيث اكتشف بعضاً مما شاهده في البطولة مفيداً، وخاصةً استخدام كريس وايلدر غير التقليدي لتقدم قلبي الدفاع على الأطراف في شيفيلد يونايتد.

يتطور بيلسا مع الزمن من الناحية التكتيكية والتكنولوجية، ولكن نمو كرة القدم الحالي كعمل تجاري، وتركيزها على النتائج فحسب، يزعجه للغاية. حيث يقول: «تقع على عاتقنا جميعاً مسؤولية نقاش أهمية النتائج في مقابل جمال اللعبة. نحن ندمر كرة القدم، وفي المستقبل سنرى الآثار السلبية لأعمالنا».

شهد ليدز يونايتد عاماً مختلفاً مع بيلسا؛ لينتقل من فترة مستمرة من رتابة منتصف الجدول كل موسم، إلى فترة تُباع فيها مقاعد الملعب بشكل روتيني كل أسبوع. يزيد عدد حاملي التذاكر الموسمية عن 22 ألف مشجع، ويخطط النادي لتعليق المزيد من المبيعات إذا عادوا إلى الدوري الإنجليزي الممتاز، ليضمنوا توفر بعض المقاعد لمزيد من المشجعين.

الجائزة الكبرى للنادي

يصرّ بيلسا على أن يبيت اللاعبين في الفندق الليلة التي تسبق كل مباراة، حتى المباريات التي تُلعب على أرضهم، وتحيط بهم حشود الجماهير عندما تصل حافلة الفريق إلى ملعب «إيلاند رود». تُجهز غرفة في الفندق لأربعة محللين، لتجميع مقاطع الفيديو الخاصة بالمباراة، وإرسالها إلى اللاعبين عبر تطبيق واتساب. اعتاد موظفو النادي على تسمية هذه الغرفة بـ «مركز تحكم المهمة».

على الرغم من أن بيلسا لا تربطه علاقة قوية مع أعضاء فريقه؛ فيقول: «أنا أحب لاعبي فريقي، لكن إذا اقتربوا مني أكثر سيقل احترامهم لي؛ لأنهم سيرونني على حقيقتي»، إلا أنه ارتبط كثيراً بنادي ليدز وبالمدينة أيضاً.

يعد نادي ليدز تاريخياً نادٍ معقد؛ حيث تُحدث السياسة الدمار، تاركةً المدربين تحت رحمة حالة الفوضى المحيطة بهم. لكن سلطة بيلسا كانت مطلقة منذ اليوم الأول، بفضل سمعته التي تفوق سلطة أي شخص، سواءً في غرفة تبديل الملابس أو في مجلس إدارة النادي.

يحب المشجعون أسلوبه في كرة القدم، ويحبون شخصيته أيضاً، مزيج استثنائي وممتع من التواضع والذكاء والغرابة، والذي يقدمه كرجل الجماهير المفضل.

لم تأت هذه العلاقة بين النادي والمدرب بثمن بخس؛ حيث يأتي بيلسا ومعظم مساعديه، الذين يرافقونه إلى أي مكان، كمجموعة واحدة، ويتقاضون رواتب تزيد على ثلاثة ملايين جنيه إسترليني. وفي ذات الوقت، كلّفت عملية تجديد المجمع التدريبي للنادي حوالي 600 ألف جنيه إسترليني، تم إنفاقها على تطوير المنشأة التي ينوي النادي تركها والانتقال لمكان جديد في وسط المدينة خلال السنوات القليلة المقبلة.

يعتبر هذا مبلغ ضئيل بمعايير سوق اللاعبين، لكنه يمثل إنفاقاً ضخماً على الإدارة الفنية. وهنا حيث يراهن النادي بمعظم أمواله على أمل تصحيح العواقب الوخيمة نتيجة الهبوط من الدوري الإنجليزي الممتاز عام 2004، وإعادة تصحيح مساره بعودته إلى دوري الأضواء مرة أخرى. يبدو أن النادي الذي خسر المقامرة في السابق، سيحقق الجائزة الكبرى في نهاية المطاف.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* الجزء الثاني من تقرير مترجم من FourFourTwo

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى