نابولي أنشيلوتي كمثال.. كيف تقلل من خطورة أظهرة ليفربول؟

تحليل – أحمد مختار

“فقط عندما بدا أن كل شيء قد انتهى وأن ليفربول سيطر بالكامل على المباراة، جاء الهدفين من ظروف استثنائية وغير عادية”، هكذا علق كارلو أنشيلوتي في المؤتمر الصحفي بعد المباراة، وفق ما جاء في حساب الصحافي جيمس بيرس المهتم بأخبار فريق ليفربول.

تصريح أنشيلوتي ربما يكون من باب التواضع في جزء منه، لكنه منطقياً للغاية فيما يخص الشق الخططي والتكتيكي، لأن تبديلات الإيطالي لم تساهم في سيطرة فريقه على المباراة، ولم تكن سبباً بشكل مباشر في الأهداف، رغم أن يورينتي البديل من سجل الهدف الثاني على سبيل المثالي..

لذلك لا يتحدث التحليل الآتي عن كيفية هزيمة فريق ليفربول، ولكنه يركز أكثر على كيفية تقليل خطورة بطل أوروبا، وهذا ما فعله نابولي أنشيلوتي بالتحديد خلال مباراة الثلاثاء، وفي قمة الموسم الماضي بالسان باولو أيضاً.

تؤكد إحصاءات الموسم الماضي من دوري الأبطال هذه الأرقام:

– 26 % من أهداف الشامبيونزليج جاءت عن طريق العرضيات والـ CUT BACKS.

– 94 هدف في البطولة عن طريق لاعبي الأطراف، سواء أظهرة أو أجنحة.

– معدل أقل من 4 تمريرات فقط عند البناء من الخلف.

تثبت تجارب الماضي أن الفرق التي تمتلك أظهرة مميزة تكون لها حظوظ كبيرة. كرفخال ومارسيلو في 2017، أرنولد وروبتسون في 2019 مع ليفربول. باتت الحاجة إلى استغلال الأطراف ملحة وضرورية، مع رفع شعار واحد صريح، العمق سهل غلقه ويُصعب اختراقه، لذلك الحل في صعود الأظهرة إلى الثلث الهجومي الأخير.

لقد قلب كلوب الآية الخططية قليلاً، مع خط وسط يدافع ويركض ويجري، وهجوم يسجل أكثر مما يصنع، مع ثنائي من الأظهرة السريعة دفاعاً وهجوماً، ومعهما ثنائي دفاعي قادر على لعب الكرات الطولية من الخلف إلى الأمام، لذلك بدأت هجمات عديدة من ماتيب وفان دايك مروراً بأرنولد وروبرتسون قبل أن يخطف ماني وصلاح الأضواء من الجميع بالتسجيل وقنص اللمسة الأخيرة أمام المرمى.

يتحدث الجميع في أوروبا عن قوة ثلاثي ليفربول الهجومي، هذا أمر طبيعي وحقيقي فعلياً، لكن جزء رئيسي من صناعة الفرص واللعب يقوم على ما يقدمه الثنائي روبرتسون وأرنولد خصيصاً داخل الملعب، لذلك لا غرابة أبداً من تألق الظهير الأيمن أرنولد بوضوح خلال مباراة “الريمونتادا” أمام الأنفيلد، كون هذا اللقاء رسم ملامح فوز الليفر بالبطولة دون جدال.

لذلك يجب أن يكون السؤال أمام فريق كلوب، كيف تقلل من قوة أظهرته حتى تقلل من خطورته بالتدريج؟

خلال مباراة الموسم الماضي التي انتهت بهدف دون رد، عرف أنشيلوتي من أين تؤكل الكتف، لأنه استخدم وسطه كطُعم أو شبكة، فقط للحركة والتغطية خلف تقدم الظهيرين، مع جعل الدفاع “ثنائية ألبيول والرائع كوليبالي” يقومان بالتمريرات الطولية العمودية، من الخلف إلى الأمام مباشرة.

ميليك مهاجم قوي البنية، يزاحم الدفاع جيدا، يجيد اللعب من لمسة واحدة، يستلم ويمرر سريعا لإنسيني، المهاجم الثاني في الخطة وليس الجناح كما جرت العادة، للاستفادة من نقطة ضعف دفاع الليفر، المتمثلة في ارتكابهم هفوات سهلة عندما يشن خصمهم أكثر من هجمة، لأنهم باختصار شديد غير معتادين على هذا الكم من الجرأة للمنافسين!

4-4-2 /3-5-2 أكثر منها 4-3-3 لكارلو وفريقه، من خلال صعود إنسيني بجوار ميليك، فتح الملعب على الأطراف بثنائي على كل جانب. كابيخون يمينا، روي يسارا، مع تحركات فابيان رويز في أنصاف المسافات على اليسار، وصعود ماكسيموفيتش كلاعب وسط إضافي، للتغطية خلف الجناح الإسباني الطائر.

شكل الهجمات إما عن طريق تمريرة قطرية من الظهير إلى الهجوم مباشرة، أو استخدام مهارة اللمسة الواحدة للمهاجمين، بلعب التمريرة السريعة من ميليك إلى إنسيني أو العكس، وضرب دفاع ليفربول بوجود ثنائي صريح في العمق، مما يؤدي لخلق موقف 2 ضد 2.

بعد نزول ميرتينيز، الوضع أصبح قريب من “الفوضى المقصودة”، البلجيكي مع الإيطالي إنسيني، ثنائي قصير سريع مكير. دفاع ليفربول يبحث عن من يراقبه دون جدوى، لأنه لا يوجد لاعب منهما داخل منطقة الجزاء، فقط كابيخون يقطع يمينا، وروي يسارا، مع ظهور فارق الجودة الكبير بين وسط نابولي ووسط ليفربول، الذي لا يعرف سوى الركض والتحولات في مناسبات عديدة.

https://twitter.com/footyanalytics2/status/1174064146331123726

في مباراة الثلاثاء، لم تكن سيطرة نابولي كبيرة كما جرى بالعام الماضي. بالعكس كان ليفربول صاحب الفرص الأكثر والتسديدات الأقوى على مدار الشوطين، لكن أنشيلوتي وفريقه نجحا في تقليل أهمية الثنائي روبتسون وأرنولد بوضوح، ليتم إجبار كلوب على الاستعانة بوسطه الضعيف في البناء والصناعة، مما ضاعف الضغط على ثلاثي الهجوم، ليخرج فيرمينو من مناطقه طلباً للكرة، ويتطرف صلاح وماني على الخط “زيادة عن اللازم”.

أفضل طريقة لمواجهة أظهرة ليفربول القوية هي اللعب بأجنحة “الوينج باك” على الخط، أو التحول إلى رسم 4-4-2 القائم على تواجد ثنائي صريح على الخط في كل جانب، وهذا ما راهن عليه كارلو هذا الموسم، بتمركز ثنائي صريح على الأطراف، ظهير يلعب على الخط وجناح للداخل في أنصاف المسافات، أو العكس بدخول الظهير إلى العمق قليلاً وبقاء الجناح على الخط.

ضد ليفربول، فعل أنشيلوتي نفس الطريقة لكن بإضافة ثنائي هجومي متحرك غير ثابت، لوزانو على اليسار لمساندة جبهة إنسيني وروي، وميرتينز على اليمين بالقرب من لورينزو وكابيخون، ليمنع أرنولد وروبرتسون من الاستلام والتسليم بحرية، ويستغل المساحات خلفهما أثناء التحولات السريعة، كالفرصة التي تصدى لها أدريان في الشوط الثاني ببراعة، ولقطة ضربة الجزاء بعد احتكاك كابيخون بظهير الليفر.

حتى على مستوى البناء من الخلف، عرف نابولي كيف يخرج من ضغط ليفربول، بعودة آلان ورويز خطوات بالقرب من قلبي الدفاع، وتدوير الكرة في المساحات القصيرة، قبل لعب التمريرة العمودية مباشرة في وبين الخطوط، تجاه اللاعب القادر على الحيازة والمراوغة والدوران سريعاً. إنسيني على اليسار يستلم ويمر، ثم يمرر سريعاً تجاه الطرف الآخر، جهة ميرتنيز وكابيخون، من أجل نقل الهجمة من جهة إلى أخرى، تجاه الجانب الضعيف في دفاع ليفربول، ونحو اللاعب الحر في نابولي، والذي يكون غالباً إما كابيخون يميناً أو لوزانو يساراًً.

تمريرات قصيرة

كرة طولية

مراوغة في مساحة ضيقة

قلب اللعب من جهة إلى أخرى

هجمة من اليسار إلى اليمين.

من الصعب جدًا اللعب ضد ليفربول، ودائمًا تعاني أمامهم منذ الدقيقة الأولى وحتى الثانية الأخيرة، لذا كان ينبغي علينا أن نُضحي بأنفسنا، لكن دون أن نفقد هويتنا“.

كارلو أنشيلوتي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى