الكرة الكويتية.. غطيني وصوتي!

كتب- محمد العولقي

من حق الجمهور الكويتي علينا ألا نترك بعض أسئلته معلقة، ومن واجبنا كمحبين للكرة الكويتية أن نتقصى ونحن نقدم الإجابة عن سؤال يتصاعد من رأس عاشق غير ضال للكويت :
لماذا تواصل الكرة الكويتية انحدارها السمج في آسيا وتبث مهازلها على الهواء، ثم تهوي من حالق مثل جلمود حطه السيل من عل ..؟

ثمة فسحة للنفاق وبساط للمجاملة وملعب للتجمل، لكن بعد أن وصلت الكرة الكويتية إلى مرحلة المهازل والفضائح المجلجلة والمدوية في النتائج، يبقى الكذب على الجماهير الكويتية الوفية خيبة أكبر من خيبة خسارة الأزرق الصغير أمام طاجكستان بتسعة أهداف عدا ونقدا ..

سيقول بعض المتسلقين على حبال الكذب القصير والطويل: كرة القدم فيها الغث والسمين، فيها الفوز والخسارة، ولا أحد معصوم من تجرع كأس المذلة يوما .. لكن مثل هذه المبررات الأوهن من بيت العنكبوت، لا تمنع حقيقة أن الأزرق بات ملطشة في آسيا بصورة تدفعني للتساؤل : كيف هانت الكرة الكويتية على أربابها في الاتحاد الذين يدعون عشقا بالأزرق، والأزرق لا يقر لهم بذلك ..؟

سيبقى السؤال الصادم للكويتيين حافي القدمين مكشوف الرأس، ما لم يحل لنا اتحاد الكرة هذه الفزورة :كيف غسلت أستراليا الأزرق وجعلته أنصع بياضا من وجه (المقنع الكندي)؟، هكذا أمام العباد سكان بلاد الكويت، دون الوضع في الاعتبار أن أستراليا بكل حمولتها القارية كانت ترتعد أيام أزرق جاسم يعقوب وفيصل الدخيل والعنبري ونعيم سعد ومحبوب جمعة والبلوشي والغانم ومعيوف والطرابلسي وسويد وكميل والحداد ..؟.

ثم كيف سمح الاتحاد الكويتي بنقل عدوى مهزلة الأزرق الكبير إلى الأزرق الصغير، الذي زاد كرمه ست حبات عن كرم الأزرق الكبير، فسقط أمام طاجكستان مغشيا عليه بتسعة أهداف أكثر مرارة من علقم (أزيرق) بدر المطوع ؟.

لا يمكن لي ولا لغيري فهم إصرار الاتحاد الكويتي على تصدير النوبات القلبية والجلطات المميتة للجماهير الكويتية بكل هذه السيولة والسلاسة، إلا إذا كان اتحاد الكرة الكويتي يريد إثبات أن من شابه أخاه فما ظلم، وأن من يهن يسهل الهوان عليه، مرة أخرى ليس هذا الطرح من قبيل الخبط العشوائي، وليس محاولة لرمي نبال وسهام الأسئلة بهدف إصابة هواة الاصطياد في المياه الزرقاء الراكدة، لكنه في الواقع جلد للذات حتى يعرف الجمهور الكويتي أسباب هذه المهازل التي تتناسل على الأزرق في الملاعب وخارج غرف النوم في الكويت كل أزمة كروية تسلم الأزرق لأختها، وكلما تنفس عشاق الأزرق الصعداء بعد رفع الإيقاف وقالوا : عساها تنجلي، قالت الأيام القاتمة غير الملاح : هذا مبتداها ..

مشكلة الكرة الكويتية منذ زمن تتعلق بالعمل الارتجالي الذي يصاحب موال فرقة حسب الله، ففي ظل غياب الإدارة المتخصصة تسلقت الطحالب جدران الكرة الكويتية، ووسط ضجيج جمعيات عمومية نسمع جعجعتها كل دورة انتخابية ولا نرى طيحنها، تتحول الإدارة الدخيلة على التخصص إلى أداة سلطة وتسلط وعناد، مع أني أعرف أن العمل الإداري في دنيا الهواة مغرم وليس مغنما.

لقد تكاثرت الديوك المتصارعة في اتحاد الكرة الكويتية، فأفسدت فجر الأزرق، والنتيجة أن الأزمات الداخلية عن اللائحة، دعت مجلس الأمة إلى حشر أنفه في شأن إداري بحت، زاد من حدة المعارك والحروب والتي بلغت الحلقوم ، خصوصا وأن الأخوة الأعداء في الاتحاد جعلوا من تلك المماحكات غير البريئة عملية كسر عظام زادت الشقاق، كما تضاعف النواح والصياح مع دراما النائحة المستأجرة، والنائحة المستأجرة التي تشق ملابسها أمام مبنى اتحاد الكرة ليست كالنائحة الثكلى، فتحول الاختلاف في وجهات النظر إلى خلافات حادة أفسدت الود والقضية معا ..

لقد أكدت خسارتا الأزرق الكبير على أرضه أمام أستراليا بثالثة الأثافي والنار الهادئة، والأزرق الصغير أمام طاجكستان بتسعة أهداف مع الرأفة بعزيز القوم سابقا، أن الكرة الكويتية تمر بمنعطف خطير جدا، في ظل توسع دائرة المهرجين الذين بسطوا نفوذهم على كل مقاليد الإدارة الرياضية المتخصصة ..

في السابق كانت الكرة الكويتية تستمد روحها وقوتها من قبضة الشهيد البطل الشيخ فهد الأحمد، لكن تلك القبضة الحديدية كانت قبضة تستوعب العقول وتلغي مفهوم العجول، لذا كانت عبارة الشيخ الشهيد (أنا كويتي أنا) خطا أحمر لا يمكن تجاوزه ..

لم يفهم الجيل الحالي أن شعار الشهيد (كويتي أنا) لا يعني أن يفتح ذوو الشأن الكروي النافذة على البحري أمام النطيحة والمتردية وما أكل السبع، لم يفهموا أنه شعار خالد ينتصر للإرادة والعزيمة والنخب ذات الكفاءة ..

ولعل الحل يبدأ من غربلة النظام الإداري العقيم مع تطوير آليات المسابقات، وهو حل يرتبط أساسا بنوايا إعادة النظر في الهرم الإداري لاتحاد الكرة عبر الاستعانة بإداريين محترفين على قدر كبير من العلم والثقافة والدراية إداريا وفنيا وترويجيا وتسويقيا وما أكثرهم في الكويت ..

وإذا كانت المماحكات الإدارية وأساليب الكيد والكيد المضاد قد استنزفت الكثير من سمعة الكرة الكويتية، فلأن شيوخ اللعبة أثقلوا كاهل الإدارة بدخلاء خريجي الأمية الإدارية، وهذه الأمية هي التي جعلت المسابقات الكروية عقيمة وجامدة خالية من كل جديد ومفيد ..

في تصوري أن الأندية في الكويت – وهي بلد ديمقراطي بامتياز – بحاجة إلى جمعيات عمومية فعالة تشارك في صنع القرار وتساهم في التمويل، وليست بحاجة إلى جمعيات دمار شامل تقتل الكرة الكويتية وتمشي في جنازتها، فالأصل أن تطوير الكرة إداريا يبدأ من تشكيل جمعية عمومية فاعلة وفعالة تمتلك القدرة على فرز الغث من السمين ..

سيعود الجمهور الكويتي إلى المدرجات من جديد عندما يشعر أن كل تلك المماحكات الإدارية ولت إلى غير رجعة، سيعود الجمهور شريطة تنقية الأجواء الإدارية الموبؤة وغربلة المسابقات وتخليصها من الروتين الإداري الممل

طرق مصالحة الجماهير الكويتية بعد المرمطة الأخيرة كثيرة جدا، تبدأ من إصلاح التصدع الإداري من الداخل، مرورا بتطوير المسابقات وحقنها بامتيازات جديدة، بينها تعاقد الأندية مع لاعبين ذي قيمة فنية وتسويقية، ولا تنتهي عند فرض روزنامة عمل فنية تتلاقح فيها الأفكار البناءة مع الوقار الإداري الداخلي ..

بدون أفكار حقيقية مبتكرة تتناسب طرديا مع تحديث آليات العمل الإداري والفني. ستبقى الكرة الكويتية في ذات الارتباك. ما إن تغادر الحيص حتى تقع في البيص، وهو وضع قد يرغمني على رفع الراية الزرقاء قائلا : “غطيني وصوتي، على أساس أنه مافيش فائدة يا صفية ..!”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى