فابينيو.. الجندي المجهول الحقيقي في تكتيك ليفربول

تحليل- أحمد مختار

يتصارع الثنائي صلاح وماني على لقب الأفضل في صفوف ليفربول، إلا أن البرازيلي فيرمينو يثبت كل مباراة أنه الأهم بالنسبة لتكتيك يورجن كلوب داخل الملعب. رأس الحربة يلعب بطريقة ذكية للغاية، من خلال تحركه المستمر خارج الصندوق لإتاحة الفرصة أمام توغل ماني وصلاح داخله، بالإضافة إلى قيامه بالضغط المثالي.

صحيح أنه صنع الهدف الثالث بحرفنة يحسد عليها، إلا أن عبقرية فيرمينو بحق في لقطة الهدف الثاني، عندما خرج للضغط على نيوكاسل وافتك الكرة بمساندة زميله، ليمررها مباشرة إلى ساديو ماني أمام المرمى، مما ساهم في إرباك حارس المرمى وتسجيل هدف التقدم.

الجزء الخفي في قوة فيرمينو، تحركاته المثمرة. متى يعود للخلف لمساعدة لاعبي الوسط، أين يتمركز من دون الكرة لغلق زوايا التمرير أمام المنافس، كيف يستلم ويحجز بجسمه حفاظا على الكرة، أملا في صعود لاعب زميل، تميزه الشديد في اللعب من لمسة واحدة، حتى يكسر ضغط الخصوم، يسحب المدافع معه، يجعل زميله في وضع أفضل للتمرير.

بالإضافة إلى المساهمة في تسريع نسق الهجمات، نقل الهجمة من وضع الثبات إلى الحركة، الخروج من الأماكن الضيقة المزدحمة بلعبة سريعة تجاه الأطراف، كل هذه الأمور تحتاج إلى نوعية مهاجم من نوع خاص، ويعرف فيرمينو كيف يستغلها جيدا.

“بعد يوم من أي مباراة ننظر إلى الأرقام فترى نجاح باهر لفيرمينو وكمية المسافات التي قطعها”.

“هو لاعب خاص بالنسبة لنا وعندما تنظر إليه في التدريب عقب المباراة تجده طبيعيا دون أي مشاكل”.

“هو رائع كل يوم”.

يورجن كلوب عن مهاجمه.

إذا كان فيرمينو هو الجندي المجهول هجومياً، فإن مواطنه فابينيو هو الجندي المجهول في الشق الدفاعي، حيث يقوم البرازيلي بمجهود وافر هذا الموسم، من خلال التغطية العكسية وتكوين حائط صد أول أمام الدفاع، بالإضافة إلى قوته في الصراعات الثنائية والالتحامات البدنية، وقنص الكرة الثانية على الأرض بعد ألعاب الهواء كما جرت العادة في الدوري الإنجليزي الممتاز.

وتعرف الكرة الثانية أو الـ Second Ball في إنجلترا بأنها التمريرة التي تأتي بعد التمريرة الأولى هجوميا، وفي أغلب الأحيان تكون هي اللعبة التالية للكرة الطولية في نصف ملعب الخصم، وتحتاج هذه اللعبة إلى لياقة قوية من أجل مواصلة الركض باستمرار، ومحاولة الحصول على التمريرات بعد سقوطها من الهواء إلى أرض الملعب، وهذا ما أتقنه فابينيو هذا الموسم، حيث أنه يقف دائما في انتظارها، ويصعد في كرات عديدة لأداء الكرات الرأسية بنفسه.

هذا الموسم، نجح فابينيو في عمل 2.9 عرقلة بالمباراة الواحدة، مع 1.1 افتكاك صحيح، بالإضافة إلى دقة تمرير اقتربت من 90 %، مما يعني تفوقه في الشقين، الدفاعي والهجومي على حد سواء، كما أوضحت شبكة “سكاي سبورتس” في تحليلها لخارطة تركات البرازيلي داخل الملعب تحت قيادة يورجن كلوب.

فابينيو لديه عقل دفاعي قوي لكنه يتقدم للأمام دون خوف، وهذا يعكس دوره في هذا الجانب. إنه الشخص الذي طُلب منه أن يوفر الحماية في الوقت الذي ينطلق فيها الأظهرة إلى الأمام. تتمثل مهمة فابينو في الحفاظ على الهجمات ومنع المرتدات. إنه يفعل ذلك ببراعة ، حيث يقوم بمعالجة مشاكل أي لاعب آخر في ليفربول.

تحركات فابينيو

تظهر الخريطة الحرارية لفابينيو أنه يتحرك باستمرار في نصف ملعب المنافس ولا يكتفي بالتواجد في مناطقه. قد يكون لاعب خط الوسط الدفاعي لكنه لا يزال يعمل في وظائف متقدمة. هذا يجعل الأمر أكثر أهمية أنه يمكن أن يلعب بشكل إيجابي عند الحيازة. لحسن الحظ بالنسبة لفريق ليفربول، فابينو هو أكثر من مجرد فائز بالكرة، والحديث لا زال لـ “سكاي سبورتس”.

أمر مفاجئ وغير متوقع أنه خلق العديد من الفرص من اللعب المفتوح هذا الموسم مثل روبرتو فيرمينو ومحمد صلاح. فقط لعب كل من ترينت ألكسندر أرنولد وساديو ماني أكثر منه على مستوى المزيد من التمريرات المؤدية إلى تسديدات. وقال نيفيل: “الكثير من لاعبي خط الوسط يلعبون أفقياً ويتحركون لكن فابينو يستطيع اللعب رأسياً وعمودياً بتمريراته”.

في تحليله لمباراة ليفربول وتشيلسي، تحدث “زونال ماركينج” عبر “الأتليتك” عن المعركة الخططية الخاصة بين فابينيو وجورينيو، حيث كانت تعليمات كلوب صريحة بعدم إعطاء أي مساحة لصانع لعب تشيلسي، لذلك راقب فابينيو منافسه جورجينيو في نصف ملعبه وبالقرب من دفاعه.

صعد فابينيو خطوات للضغط على حامل الكرة في نصف ملعبه، لينجح الليفر في تعطيل هجمات تشيلسي في أكثر من مناسبة، لكنه أيضاً ترك مساحات خلفه استغلها ويليان في بعض الأحيان عند تحوله إلى العمق. ولكي يعدل كلوب تقدم ارتكازه، أعطى أوامره لفان دايك بالصعود خطوات من أجل التغطية مكانه، فكرة نجحت أكثر من مرة لكنها أثبتت خلل أيضاً، عندما مرر دفاع تشيلسي الكرة مباشرة من الخلف إلى أبراهام الذي انفرد بالمرمى، مستغلاً انشغال فابينيو بجورجينيو وفان دايك بويليان، لكنه أضاع الكرة بغرابة.

يمكن القول أن اندفاع فابينيو في بعض الأحيان يسبب مشاكل لفريقه عند فشل منظومة الضغط، لكن من المؤكد أنه يقدم دوراُ أكبر بمراحل من المرسوم له عند انضمامه إلى صفوف ليفربول، لأن البرازيلي تطور كثيراً مع الوقت. لم يعدل لاعب الارتكاز الذي يدافع ويقطع ويقوم بالأعمال البدنية فحسب، بل حصل على جرعة تكتيكية من كلوب ليضغط ويصعد إلى الهجوم، ويصنع عدد وافر من الفرص والتمريرات العمودية إلى زملائه المهاجمين، دون نسيان العيب الأكبر في كرته والمرتبط بالمساحات المتاحة خلفه في بعض الأحيان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى