توتنهام بايرن ميونيخ .. الزحف النازي على شمال لندن

تحليل- محمد عصام 

دقيقتان فقط من الوقت المحتسب بدلاً من الضائع، ثم صافرة النهاية الباردة من الحكم؛ كان هذا مشهد النهاية من العدوان القاسي الذي شنّه بايرن ميونيخ على ملعب خصمه، ليتحمّل أكبر هزيمة في تاريخه، وتاريخ الفرق الإنجليزية كافة في البطولة. 

كيف السبيل إلى إقناعك أن فريقاً سقط بالسبعة كان في الواقع أفضل –كثيراً- في بعض أوقات المباراة؟

“نسبة الأهداف المتوقعة توتنهام 1.69 – بايرن 1.27” 

في الحقيقة أنه حتى بنهاية المباراة، أشارت إحصائية الأهداف المتوقعة إلى تفوق توتنهام بنسبة 1.69 في مقابل 1.27 للبافاري؛ بل إن توتنهام نجح في صناعة فرصتَين صريحتين Big Chances Created، في مقابل فرصة يتيمة لخصمه.

ما سبق لا يشير أن النتيجة خادعة على الإطلاق؛ لكن نموذج فريقٍ أجاد استغلال الفرصة يعيد تأكيد نفسه في دوري الأبطال كما تفعل مروحة السفينة التي تعاود توازنها سواء أدرتها في هذا الاتجاه أو ذاك. 

استراتيجية بوكتينيهو كانت التركيز على العمق، فبدأ توتنهام برباعي متوسط ميدان، وثنائي هجوم. على النقيض تماماً مال كوفاتش نحو اللعب على الأطراف، بتمركز كلاً سيرجي جنابري وكينجسلي كومان بعرض الملعب، ومساندة الظهيرين بينجامين بافارد ودافيد ألابا. 

لذلك، كلما نجح توتنهام في خنق المباراة وتوجيهها نحو العمق، كانت له الغلبة، وهو ما تحقق له في النصف ساعة الأولى بضغط بعناصر أقدر بدنياً على ظهيري ومحوري وسط ميدان البايرن، مع خجل واضح من كوتينيو في النزول ومساندة زملائه للخروج من هذا الفخ. 

ثلاث فرص لتوتنهام وقعت عند أقدام سون، ثم هدف سجله الكوري ليضع النادي اللندني في المقدمة، في وقت لم يجد البافاري حلاً سوى في الكرات الطويلة.

لكن كان هناك لاعباً بعينه في صفوف النادي الألماني أقدر من زملائه في تقديمها، حين أرسل في الشوط الأول 15 طولية كلها صحيحة، وسجل في النهاية هدف التعادل، والهدف الأهم في هذه الليلة؛ إنه جوشوا كيميتش. 

هدأ ضغط السبيرز بعد نصف ساعة، ربما للاقتصاد البدني، وهنا ظهرت عيوب دفاعه واضحة؛ ضيق الملعب وغياب الأطراف، مع فتح البايرن الملعب طولياً وعرضياً، فلم يمنحه البافاري رفاهية الراحة، وحين هبت رياحه، اغتنمها ليفاندوفسكي، ووضع البايرن في المقدمة فيما يمكن وصفه بأفضل أشواط لتوتنهام هذا الموسم. 

خرج دافيد ألابا بين شوطي المباراة واشترك تياجو ألكانترا، وسواء كان هذا التغيير اضطرارياً أم لا فقد جاء بالحل للفريق البافاري، بتحول كيميتش نحو مركز الظهير الأيمن، وتواجد لاعب بقيمة تياجو في العمق أثناء خروج الهجمات. 

يمكن تحديد فترة الربع ساعة الأولى من الشوط الثاني بالنقطة التي فقد فيها توتنهام توازنه، وانهار تماماً؛ فمع تعديل عمق البايرن، حاد مسار المباراة نحو الأطراف؛ ولو كان تسجيل البايرن في أسوأ أحواله غريبا، فلن يكون كذلك بعد التعديل، حين أتاح توتنهام مساحات كبرى لجنابري، أكثر مما يحتاجها في الواقع، مرتين.

وجد توتنهام نفسه متأخراً بفارق ثلاثة أهداف قبل أن يدرك، ولم تقدم تغييرات بوكتينيو يد العون، حين دفع بكريستيان إيريكسن بدلاً من أفضل لاعب في السبيرز تانجواي ندومبيلي، مع ميل سون يميناً، في محاولة لاستغلال المركز الغير معتاد لبافارد على اليسار.

لكن لم يضع ذلك حلاً لتلك المساحات خلف أظهرة توتنهام، ولم يصنع تهديداً حقيقياً على مرمى البافاري حتى مع تسجيل هدف لتقليص الفارق من علامة الجزاء؛ ظل ديلي آلي في الملعب أطول مما استحق، وظل خطر مرتدات البايرن وارداً في كل لحظة. 

رمى بوكتينيو النرد مرة تلو الآخرى بإشراك لاميلا، والورقة الرابحة لوكاس مورا، لتحمل تشكيلة توتنهام كين، سون، لاميلا، مورا، إيريكسن جميعاً بطريقة ما، مع ضغط غير فعّال بالمرة، لتنفتح دفاعاته لسحابة من الأهداف في العشر دقائق الآخيرة، ويسجل البايرن الهدف تلو الآخر كما تظل الرئتان تجذبان النفس مادام الهواء موجوداً. 

“نسبة الأهداف والأسيست المتوقع من جنابري-مقارنة بما قدمه في المباراة”

نتيجة عريضة أكثر مما تتوقعه الإحصائيات؛ لكن قانون الغاب الذي يسود بقاع هذه البطولة أقوى من أية أرقام، ويُحسَب للبايرن تلك الفعالية والفتك بخصمه من أقل الفرص المتاحة، بينما توتنهام سيحتاج لإعادة تأهيل نفسي بعد هذا الكابوس، وكمادات تزيل الإهانات لم تخترعها شركات الأدوية بعد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى