
كتب- محمد العولقي
الهلال السعودي فوق الجميع محليا وقاريا .. إنها الحقيقة بلحمها وشحمها وعظمها .. قولوا عني هلالي أزرق الهوى .. وزعوا تهم التعصب يسارا ويمينا .. طولا وعرضا .. لكن الحقيقة أن الهلال هذا الموسم بشهادة الموالين والمعارضين فوق الجميع.. شاء من شاء وأبى من أبى
بالنسبة للمنافسين داخل القارة وخارجها.. في المملكة وحدودها.. تحول الهلال إلى لغز محير بالفعل .. كلما لعب الهلال في المملكة بأستذة فاز وتجشأ النقاط على موائد منافسيه .. وأدخل كل معازيم دوري محمد بن سلمان للمحترفين في حرج كبير .. وربما في خبر كان..
تبدو شهية الهلال هذا الموسم مفتوحة على الآخر .. فكلما ختم الهلال على كل جولة محلية بالشمع الأزرق.. تيقنت جميع أندية المملكة أن الانتصار على الهلال هذا الموسم بات كالعنقاء.. ومن ثالث المستحيلات .. أو رابعها إن شئت.
على مستوى دوري أبطال آسيا.. علا موج الهلال الهادر .. تحول فجأة إلى تسونامي .. يبتلع الأرقام .. يتخطى الأوهام .. ثم يوقع في دفتر الحضور على صدمات لا تحمل سوى بصمة الفوز .. وبتخمة من الأهداف السينمائية التي تدرس الآن في جامعة الملك سعود..
قفز الهلال في دوري أبطال آسيا فوق كل الحواجز والأسلاك الشائكة .. قفز الزعيم الذي يتشبه به بعض خائبي الرجا فوق كل المعادلات .. ألغى من مفهومه مبدأ الخسارة الواردة والنزيف النقاطي .. لا تعادل .. لا خسارة ..لا أنصاف حلول .. لا نقاش مع المنافسين.. ولا حوار ولا هم يحزنون .. يا إلهي ما هذا البخل الأزرق .. وما هذه الديكتاتورية القمعية وقوة الطباع؟ ..!
كتب على الهلال الفوز داخل الرياض وخارجها طوعا وكرها .. وعندما يستضيف وفادة السد القطري في إياب نصف نهائي دوري أبطال آسيا على ملعب جامعة الملك سعود.. ستنحني له كل الأرقام.. وسيكون من حسن حظ موسوعة جينيس للأرقام القياسية أن تفتح أبواب مغاراتها للزعيم الذي تتناثر أمامه فرق آسيا مثل ريش في مهب العاصفة الهلالية الزرقاء التي لا تبقي ولا تذر ..
تعلم الهلال من تجربة الموسم الماضي القاسية.. عندما خسر لقب دوري المحترفين السعودي في الأمتار الأخيرة لصالح غريمه النصر .. ثم خرج من مولد دوري أبطال آسيا بلا حمص أو فاصوليا .. هذا الموسم فضل الهلال أن يرعب خصومه من أول جولة.. وأن يكشر عن أنيابه من الوهلة الأولى .. انطلق مارد الهلال من قمقمه الأزرق لا يلوي على شيء .. انطلق بسرعة إعصار العداء الجاميكي (بولت) .. راح يبتلع الفوز تلو الفوز .. اختل التوازن قليلا أمام الفيحاء.. لكنه سرعان ما فجر غضبه أرقاما زلزل بها الأرض تحت أقدام كبار القوم في الرياض وجدة..
انتقلت شراهة الهلال من الداخل إلى الخارج .. أعلن في بيان أزرق الهوى أنه سيحكم زعامته على آسيا.. وأنه سيسترد صولجانه سعوديا وآسيويا .. بدأ موج الهلال عاتيا.. وفي كل جولة يغرق سفن منافسيه بلا رحمة.. تمنى بعض التعساء أن يخسر الهلال في دوري أبطال آسيا ولو مباراة واحدة.. حتى لا تتحول المباريات أمامه إلى تسلية وجلسة سمر مصحوبة بالغشمرة وقليل من الحشوش.. لكن الهلال رفض هذا المبدأ المكيافيللي..
تسلى الهلال بمنافسيه في مرحلة المجموعات.. ثم تفرغ في المباريات التي لا تعرف أنصاف الحلول إلى تحطيم الأرقام القياسية .. ظل خط هجومه الناري كريما في مراقصة الشباك ومغازلتها بأهداف ماركة عالمية قلما تجدها في بورصة الآخرين.. وظل الهلال مثل العقرب شوكته على ظهره.. يفوز بإشباع .. ويكسب بإقناع .. ولم يستطع أحد أن يسأل في خضم هذا التسونامي الأزرق : من يقدر على كسر شوكة الهلال ؟ .. وأي فريق ولو من كوكب آخر قادر على فك كل طلاسم هذا الاستعصاء..؟ ، حتى أنني طالبت الاتحادين السعودي والآسيوي بتخصيص جائزة لمن يستطيع الفوز على الهلال ..
وإذا كان الهلال يمشي في ملاعب آسيا والسعودية واثق الخطوة كالملوك .. ويحقق التوازن المطلوب بين شراسة المنافسة المحلية وحرارة التحدي القارية..فلأن الهلال استوعب الدرسين المحلي والقاري .. فقد استطاع أن يعيد صياغة المفهوم الإداري.. ويغربل المضمون الفني.. مرة لأنه يمتلك كتيبة زرقاء تحارب بالسيف والقرطاس والقدم.. ومرة أخرى لأنه جعل من غرفة الملابس نقطة قوة لا تقبل بغير ابتلاع المنافس مهما كان حجمه أو وزنه..
حاولت الحصول على تذكرة حضور مباراة الإياب بين الهلال والسد.. لكنني اصطدمت بعقبة (الفيزا) .. فنحيت فكرة الحضور جانبا.. كنت أنوي فقط مخاطبة كل من يؤمن بحدوث ريمونتادا تاريخية تقلب موازين رباعية الذهاب الزرقاء في الدوحة قائلا : بطاقة التأهل للنهائي في جيب الهلال.. ولا يمكن لأحد انتزاعها منه مهما بلغت قوة زلزاله على مقياس ريختر.. فالهلال ليس باريس سان جرمان .. والسد ليس برشلونة ..
ستكون كرة القدم ظالمة جدا إذا لم تتوج الهلال بطلا لآسيا هذا العام .. ستكون غدارة إذا لم تنصف الهلال وتوشحه بالذهب على حساب ممثل شرق القارة.. فالهلال يقدم كرة هجومية مغلفة بالكثير من السحر والإبهار.. وهو من أبرز خمسة فرق عالمية تؤمن بأن الكرة متعة وأهداف وفنون كروية تأسر القلوب والعيون معا..
ومن الطبيعي أن يكون الهلال ممثلا لقارة آسيا في بطولة كأس العالم للأندية بالدوحة بداية العام القادم.. ليس لأنه فريق أرستقراطي يلعب الكرة بالشوكة والسكين فقط.. ولكن لأنه الفريق الوحيد القادر على رفع أسهم الكرة الآسيوية في بورصة البطولات العالمية .. والوحيد الذي يمكنه أن يضع في بطون عشاقه كل البطيخ الصيفي.. قياسا إلى مؤهلات لاعبيه.. وحنكة إدارته.. وروعة جمهوره.. وقدرة الفريق مع محترفيه على تحريك كل مساحات التاريخ عالميا ..
وحتى لا ينزعج مني أنصار السد القطري ومشجعوه .. عطفا على أن العبد لله واثق تماما أن مهمة السد في الرياض شديدة الشبه برجل قرر أن يتسلق قمة جبل إيفرست دون حبال أو رجال يساندون الموقف .. فلا بأس من الترقب كأضعف الإيمان، رغم أن كتاب المواجهة يقرأ من عنوانه الأزرق..
قد يسأل مشجع سداوي.. من منطق أن الكرة تدور وليس لها أمان : وماذا لو حقق السد ريمونتادا تاريخية في قلب الرياض وأقصى الهلال من المشهد ..؟، أجيبكم : بسيطة.. لو تحقق ذلك سيكون من حقكم مطالبة أسرة تحرير (توووفه) بتسليمي إلى أقرب مستشفى للأمراض العقلية ..!