وسط مساعد أو ارتكاز دفاعي.. نجولو كانتي لا يمس!

تقرير- محمد يوسف

في السنوات الماضية، ربما كان نجولو كانتي أكثر لاعبي فريقه قيمة وأهمية.

في أغسطس 2015، وقع ليستر سيتي مع لاعب خط الوسط الفرنسي غير المعروف آنذاك من نادي كاين الفرنسي مقابل 5.6 مليون جنيه استرليني، في الموسم السابق لوصوله، أنهى ليستر سيتي الدوري برصيد 41 نقطة، ولكن في موسمه الوحيد مع النادي، أنهى ليستر الدوري برصيد 81 نقطة ليفوز بالبطولة، وهو ربما الحدث الأكثر غرابة ومفاجأة في تاريخ الرياضة الحديث.

ثم في يوليو 2016، وقع تشيلسي مع لاعب خط الوسط الفرنسي الذي أصبح مشهوراً الآن مقابل 32 مليون جنيه استرليني، قبل عام من وصوله إلى ملعب ستامفورد بريدج، أنهى النادي الدوري برصيد 50 نقطة، وهي أسوأ حصيلة نقاط جمعها منذ اشتراه رومان إبراموفيتش عام 2003، ولكن في الموسم الأول لكانتي مع الفريق، أنهاه تشيلسي برصيد 93 نقطة، ليفوز ببطولة الدوري الممتاز الخامسة في تاريخه.

وفي نفس الموسم، احتفظ ليستر سيتي بكل لاعبيه الأساسيين الآخرين للفريق الذي حصد البطولة، ولكن دون كانتي بالطبع، ليتراجع الفريق تقريباً لنفس المكان الذي كان فيه قبل كانتي، وينهي البطولة برصيد 44 نقطة.

كانتي.. اللاعب الأكثر قيمة

نجولو كانتي

إذا تجاهلنا أي سياق آخر، فسيبدو كأن قيمة نجولو كانتي وحده تستحق ما يقرب 40 نقطة في الموسم، بالتأكيد لا يعدو هذا كونه مجرد تشبيه، ولكن ما بدا وكأنه حقيقي تماماً هو أن كانتي واحد من هؤلاء اللاعبين النادرين الذين بإمكانهم تغيير أداء فرقهم بشكل هائل، حتى بدون أن يضع الكرة في الشباك.

وفي صيف 2017، نشرت مجموعة من الباحثين من جامعتي سالفورد ولندن ورقة بحثية تدعم هذه الفكرة تحديداً، حيث وضعوا عدداً من النماذج ليصنّفوا مساهمة اللاعب مع فريقه بالإيجاب أو السلب، من خلال مقارنة أداء الفريق عندما يكون اللاعب حاضراً على أرض الملعب أو حال غيابه، في محاولة استنتاج مدى أهمية كل لاعب في نجاح الفريق.

أكدت نتائج هذه الورقة البحثية ما كان يعتقده الجميع في تشيلسي وليستر حول قيمة نجولو كانتي، ففي المواسم التي تناولتها الدراسة، وجد الباحثون أن كانتي أكثر لاعب يساهم في نجاح الفريق، ولم يقتصر الأمر على ليستر سيتي وتشيلسي فحسب، بل إذا تم تكوين فريق افتراضي من أية مجموعة من اللاعبين، سيساهم كانتي أيضاً بالنصيب الأكبر.

ولكن في الموسمين التاليين منذ ذلك الحين، حدث شيء جديد، الفريق الذي يلعب له كانتي لم يفز ببطولة الدوري الممتاز، في الموسم قبل الماضي أنهى تشيلسي الدوري في المركز الخامس، وفي الموسم الماضي انتهى بهم الحال في المركز الثالث، فما سبب هذا التراجع؟

ثلاثة مدربين ودور مختلف لكانتي

تدور نقاشات كثيرة حول مستوى كانتي خلال الفترة الأخيرة؛ منذ توقيع تشيلسي مع جورجينيو، وهو لاعب قليل الحركة نسبياً ويحتاج إلى التواجد أمام الدفاع محتفظاً بالكرة باستمرار بين قدميه لكي تحصل على فعاليته الكاملة، لذا تحرك كانتي للأمام في وسط الميدان تحت قيادة ماوريسيو ساري والمدير الفني الحالي للفريق فرانك لامبارد.

ويلخص هذا النقاش بين محللي بي بي سي آلان شيرار وإيان رايت الشعور العام حول فكرة من الأفضل في تأدية دور الارتكاز الدفاعي: جورجينيو أم كانتي.

ومع ذلك، كانت وجهة نظر ساري أنه بحاجة إلى لاعب يمتلك (بروفايل) مختلف في الارتكاز الدفاعي تحديداً، حيث ذكر في تصريح سابق: «في هذا المركز، أريد لاعباً قادراً على تحريك الكرة بسرعة كبيرة، نجولو مفيد للغاية بالنسبة لنا، ولكن هذه ليست أفضل إمكانياته».

وفي أغسطس الماضي، أكد لامبارد على تلك الفكرة في مؤتمر صحفي قائلاً: «فكرة أن كانتي يمكنه استخلاص الكرة، ربما مثل أي شخص في عالم كرة القدم، لا يعني أن عليه اللعب أمام رباعي خط الظهر ليستخلص الكرة، فهو يمتلك الكثير أيضاً للتحرك إلى الأمام بالكرة، لقيادة خط الوسط، واستخلاص الكرة في مناطق متقدمة من الملعب، هذا ما أريد أن أعطيه حرية القيام به”.

لامبارد

حتى عندما فازت فرنسا بكأس العالم العام الماضي، اختار ديدييه ديشامب أن يلعب بول بوجبا كارتكاز دفاعي، مع إعطاء كانتي حرية الحركة التي تحدث عنها لامبارد، أن يستخلص الكرة في الثلث الهجومي للفريق المنافس، تصور ثلاثة مدربين مختلفين دوراً أكثر تقدماً لكانتي، فهل يمكن أن يكونوا جميعاً مخطئين؟، وسط مساعد أو ارتكاز دفاعي، القيمة واحدة في النهاية.

الموسم الماضي تحت قيادة ساري، تراجعت أرقام كانتي الدفاعية ما عدا رقم واحد، في الموسم الوحيد له في ليستر، تمكن من تنفيذ 5.22 عرقلة و4.65 اعتراض خلال 90 دقيقة، وهو ما قاد ليستر للفوز بالدوري الممتاز، أما في موسمين تحت قيادة أنطونيو كونتي، تمكن من تنفيذ ​​3.67 عرقلة و2.45 اعتراض في المتوسط، وفي العام الماضي مع ساري، انخفض الرقم إلى 2.18 عرقلة و1.28 اعتراض.

في ليستر ومع كونتي، تمكن كانتي من استعادة الاستحواذ في خط الوسط ​​4.85 مرة في المتوسط خلال 90 دقيقة، ليحتل في كل موسم مركزاً من المراكز الثلاثة الأولى في الثلاث سنوات، أما تحت قيادة ساري، انخفض هذا الرقم إلى 3.26 مرة خلال 90 دقيقة.

ولكن الرقم الذي لم ينخفض، كان عدد المرات التي استرجع فيها الكرة في الثلث الهجومي، بل إنه ارتفع إلى 1.02 مرة خلال 90 دقيقة بعد أن كان لا يتخطى 0.63 مرة في أي من المواسم الثلاثة السابقة، في الواقع، سبقه في هذه القائمة الموسم الماضي محمد صلاح ورتشارليسون فحسب، الفارق هنا بالطبع، هو أن كانتي لاعب خط وسط بينما الاثنان يلعبان في الهجوم.

لذلك عندما يستعيد كانتي الكرة في مناطق متقدمة من الملعب، فهناك لاعبون يسبقونه للكرة، وبالتالي قادرون على الاستفادة من الاستحواذ عليها، لماذا هذا مهم؟، لأنه قد تبين أيضاً أن الفوز بالاستحواذ في الثلث الهجومي يرتبط بالفوز بالمباريات.

بالإضافة إلى ذلك، وجد كانتي طريقه إلى منطقة جزاء الخصم أكثر من أي وقت مضى، حيث لمس الكرة 73 مرة في الصندوق الموسم الماضي، بعد أن كان الرقم 58 لمسة فقط في المواسم الثلاثة السابقة بأكملها.

الفوز بالكرة في الثلث الهجومي، وإيجاد المساحات في منطقة جزاء الخصم من أهم الأشياء التي يمكن أن ينفذها اللاعب ولا تساهم بشكل مباشر في الإعداد أو التسديد على المرمى، قد يلعب كانتي دوراً جديداً، لكنه حتى في هذا الوضع، شارك في التسديد على المرمى، وفي خلق الفرص والأهداف وصناعة اللعب.

ومع ذلك، كانت القيمة الحقيقية التي قدمها كانتي في السنوات الماضية أنه قام بالعمل الدفاعي لعدّة لاعبين، مما سمح لكل من رانييري وكونتي أن يلعبا باثنين من لاعبي خط الوسط بدلاً من ثلاثة، والذي تفعله أفضل فرق الدوري الممتاز في العادة، وهو ما أعطى المساحة لإضافة مهاجم آخر، وهو خط الوسط المساعد الذي يمكن أن يفوز بالكرة والاستحواذ في الثلث الهجومي، وينطلق إلى داخل منطقة جزاء الخصم.

كانت النكتة الشهيرة في ليستر أنهم لعبوا بثلاثة في خط الوسط، درينكووتر في المنتصف، وكانتي على الجانبين، وفي تشيلسي، قال إيدن هازارد عن تواجد كانتي في كل مكان: «أعتقد أنني ألعب مع توأم».

بُنيت خطط الفريقين، على الأقل جزئياً، حول مهارات وإمكانيات كانتي الفريدة، لم تكن قيمته بالضرورة فيما يفعله، ولكنها جاءت من كل ما يسمح لزملائه ومدربيه القيام به.

لكن ما زال من غير الواضح أي دور أفضل من الآخر، الارتكاز الدفاعي أم الوسط المساعد؟

لم يلعب كانتي بالشكل الكافي لتحديد دوره ضمن النظام المفضل لفرانك لامبارد، ولكن تشير البواد إلى أنه سيلعب في مركز مختلط إلى حد ما؛ فأرقام فوزه بالاستحواذ في خط الوسط أعلى من العام الماضي، لكنه أيضاً سجل هدفين بالفعل.

وهكذا، ربما كانت حقيقة لغز كانتي هو أنه لا يمتلك مركزاً أفضل من الآخر؛ فهو لم يكن يوماً لاعب ارتكاز دفاعي بحت، ولم يكن أيضاً لاعب خط وسط مساعد، لقد كان دائماً في مكان ما بين المركزين، ولكن عندما يلعب في أي منهما، أثبت دائماً أنه لا يُمس.

تقرير مترجم من ESPN

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى