استحواذ وضغط وتحولات.. أهلا بكم مع كرة براندن رودجرز

تحليل- أحمد مختار

“في كرة القدم، عندما تفقد الكرة عليك أن تجري، الكثير من الكرات فقدتها، الكثير من الأمتار ستقطعها في الجري، الضغط مهم وكما بكرة السلة، لكي لا تضغط بشكل جيد، عليك التراجع والتمركز بشكل جيد في منطقة الدفاع، التقدم للأمام بدون ضغط لا يساوي شيئا، 8 ضد7 لكن خلفك مساحات كبيرة والسبعة يمررون الكرة بكل سهولة، الدفاع المتقدم يعني الضغط المميت، والجري بانتظام يعني التمرير بدقة”.

يتحدث براندن رودجرز في حوار قديم عن فلسفته في كرة القدم، ليوضح بإيجاز شديد مبادئه التي يعتمد عليها على طول الخط، حيث الاستحواذ، الضغط، والتحولات بمثابة السمة الأساسية لنظام لعبه.

براندن رودجرز مدرب ليستر سيتي

براندن ليس وليد اللحظة أو أنه مدرب الصدفة مع ليستر سيتي هذا الموسم، لأن الأيرلندي الشمالي كانت له تجربة جديرة بالاحترام رفقة ليفربول في وقت سابق، وكان قريباً للغاية من الحصول على لقب البريميرليج لولا بعض التفاصيل الصغيرة جداً جداً جداً.

يقول المدرب السابق لليفربول: “يتخيل الناس أن النظام التكتيكي يأتي بالحظ في بعض الأحيان، ولكن هذا الأمر غير صحيح بالمرة، لأنني أقضي ليالي كاملة وأستيقظ مبكراً حتى أضع حلولا لمشاكل فريقي، وأصل إلى درجة كفاءة كبيرة، ألعب برباعي في الوسط وثلاثي بالخلف، لكن لم نحقق التكامل المرجو بعد”.

“نحن نملك 11 لاعبا في الملعب، بينما الآخرون يملكون 10 لاعبين وحارس مرمى”. هنا تتلخص أفكار براندن في جعل فريقه يلعب كوحدة واحدة هجوماً ودفاعاً، مع اهتمامه بالخروج الآمن بالكرة من الخلف للأمام، كذلك يضغط فريق المدرب على الخصم، الفريق يطبق ضغط المنطقة، أي كل منطقة بالملعب يوجد حولها عدد معين من اللاعبين من أجل خنق المنافس وحرمانه من التوغل في الثلث الهجومي الأخير.

يبحث المدير الفني عن الوصول إلى نسبة استحواذ تصل إلى 65 : 70 % خلال كل مباراة، هو مقتنع بأن الاستحواذ يجعلك في وضعية أفضل للفوز، إنه يحرم المنافس من الكرة، “هذه النسبة تعني الموت بالنسبة للمنافس، نحنا لسنا في هذه المرحلة بعد لكننا سنسعى للوصول إليها، كما فعل غيرنا”.

الحقيقة أن ليستر صعب يصل إلى نسبة شبيهة، لكنه يحاول حرمان خصومه من الكرة قدر المستطاع.

استحواذ + ضغط + تحولات = ليستر براندن رودجرز

ليستر سيتي هذا الموسم يلعب برسم 4/14/1، فريق مبادر وشجاع، يلعب كرة سريعة على الطريقة الحديثة، مع مدرب لديه أسلوب خاص وفكرة صريحة، براندن رودجرز يستحق التحية على الطفرة التكتيكية التي صنعها مع الثعالب، ليحوله من جديد إلى أحد الفرق التي يهابها الكبار، مع حلم مشروع بالتواجد ضمن المراكز الستة الأولى هذا الموسم.

مع تغيير الرسم في بعض المباريات كما حدث خلال مباراة ليستر وتوتنهام، عاد فريق رودجرز من التأخر بهدف ليحقق انتصارا مستحقا بهدفين، بعد تعديل خططي بسيط من جانب مدربه، بالتحول من 4/4/2 صريحة إلى 4/1/2/1/2، لكن كيف حدث ذلك؟

تغيير بسيط وسريع بدخول دينيس برايت مكان أيوزي بيريز، ثم قبل النهاية جراي مكان بارنيز، ليدخل ماديسون إلى العمق بدلا من الطرف، ويفتح رودجرز الملعب بثنائي من الأظهرة الهجومية، بيريرا يمينا وتشيلويل يسارا، بالإضافة إلى تمركز ثنائي هجومي بالمقدمة.

يمكن التعرف أكثر على شخصية رودجرز من تقرير “الإندبندنت” عنه منذ أسابيع، يقول الكثيرون إنه أفضل في التواصل مع اللاعبين، وبالتالي الحصول على مستوى أكثر استثماراً من الناحية العاطفية، كان بالسابق يهتم فقط بالتفاصيل والتكتيك والتعقيد، لكنه تغير مع الوقت خصوصاً مع النهاية المأساوية لتجربته رفقة ليفربول، وتواجده بعيداً عن الأضواء لفترة مع سيلتك في اسكتلندا.

لقد أصبح لديه وعي الآن بأنه يجب أن يكون أقرب إلى لاعبيه، طريقته مع اللاعبين ودية وتبين لهم أنه خلفهم يدعمهم، غالباً ما يسقط بعض نقاط الضعف أو الخطأ في مناقشاته مع اللاعبين، الرسالة هي: “لقد ارتكبت أخطاء، وأنا لا أطلب الكمال، لكنني أحتاج منك أن تفعل هذا، هذا وذاك”.

يحتل ليستر حتى الآن المركز الثالث في ترتيب الدوري الإنجليزي خلف الثنائي ليفربول ومانشستر سيتي، الحقيقة أن ليستر ثالث أكثر فريق حصد نقاط منذ تسلم براندن تدريب الفريق في 26 فبراير 2019، ليستر تبدو وكأنها فريق رودجرز الآن، وفق ما أشارت إليه شبكة “سكاي سبورتس” في تحليلها عن مردود الفريق هذا الموسم.

فقط أول 4 فرق في ترتيب الموسم الماضي بالبريميرليج كان لديها المزيد من اللمسات على الكرة، كذلك تم تصنيف ليستر بين المراكز الستة الأولى بعدد مرات التسلسل التي تبلغ 10 تمريرات أو أكثر على التوالي عند بناء الهجمة وفق اللعب المنظم، أي أن الفريق أصبح لديه الجرأة للحفاظ على الهجمة دون حاجة إلى التشتيت أو اللجوء إلى الكرات الطولية.

طريقة ضغطهم من دون الكرة تجعلهم خصماً لا يطاق بالنسبة لأي فريق، يقول رودجرز: “لقد كنا أقوياء بشكل دفاعي”، إنه على حق لأن شباك فريقه استقبلت فقط 8 أهداف هذا الموسم، أقل من مانشستر سيتي بهدف وأعلى من ليفربول بهدف، حتى على مستوى الضغط، فإن الفريق لا يكتفي بالحيازة والسيطرة، لكنه يضغط بقوة ويحرم خصومه من البناء المنظم للهجمة، وهذا يظهر بوضوح عندما يواجه فرقا بقيمة ليفربول ومان سيتي وتوتنهام.

فريق ليستر الحالي متوسط أعماره صغير، فقط 26 سنة للمجموعة ككل، مع عدد كبير من الشباب والصغار، لذلك عرف براندن رودجرز كيف يقنعهم بأفكاره وكرته التي تعتمد على السرعة والشراسة والفعالية في تفاصيلها، لذلك لا غرابة أبداً في مستوى الثعالب هذا الموسم، ولا عجب حال تحقيقهم أحد المراكز المؤهلة إلى دوري أبطال أوروبا بنهاية الموسم.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى