الهلال – أوراوا.. كيفية الخروج من ورطة لوشيسكو الموجعة ..!

تحليل- محمد العولقي

سيكون على الهلال السعودي مراجعة حساباته جيدا، قبل أن يستضيف يوم السبت فريق أوراوا ريد دياموندز الياباني في ذهاب نهائي دوري أبطال آسيا على ملعب جامعة الملك سعود، وهو الملعب الذي بات مرعبا للهلاليين أكثر من المنافسين..

ربما ستكون الفرصة الأخيرة أمام مدرب الهلال الروماني رازفان لوشيسكو لاستعادة نغمة الانتصارات، والبحث عن التوازن النفسي المطلوب قبل موقعة الإياب الصعبة في طوكيو ..

يعلم الهلاليون أن الخطأ ممنوع أمام الفريق الياباني المتأرجح محليا والخطير جدا جداخارج أرضه آسيويا، ولا سبيل أمام لوشيسكو سوى ترتيب أوراقه وإعادة انتشار آلياته التكتيكية والفنية وصيانتها نفسيا، حتى يتسنى للزعيم كبح جماح الفريق الياباني الذي يعرف كيف يخرج من المعمعات الصعبة مثل الشعرة من العجينة ..

التحضير النفسي .. طوق النجاة

لوشيسكو

لماذا تراجعت اكتساحية الهلال ..؟، لماذا أصبح فجأة فريقا مليئا بالكثير من العيوب، جرته الزرقاء لم تسلم، طالما وهي تنضح بالكثير من الهشاشة المحيرة ..، كيف سمحت إدارة الهلال للهواجس أن تكبر بعد الخسارة أمام السد، ثم تتحول إلى شك مدمر لنفسيات اللاعبين المضطربة بعد خسارة الديربي أمام النصر، ثم التعادل القاتم أمام الفتح..؟

هل أرهق لاعبو الهلال، رغم أننا لازلنا في بداية الموسم ..؟، هل تراكم عليهم الضغط النفسي؟
هل ما حدث للهلال أمام السد القطري في إياب نصف النهائي من انكسار على ملعبه المرعب مجرد استراحة محارب؟..

إذا كان هذا هو مفهوم الانكسار عند المدرب لوشيسكو، فكيف له أن يفسر لنا هزيمة الهلال على نفس الملعب أمام غريمه اللدود النصر، في مباراة كان الهلال في شوطها الثاني خارج نطاق الخدمة ..؟

بادئ ذي بدء، يجب على لوشيسكو ترميم الواجهة النفسية للفريق بأقصى سرعة ممكنة، فالهلال لا يحتاج إلى تجديد في الشاكلة التكتيكية، قدر احتياجه لتحضير نفسي شامل، يهدئ من روع لاعبيه ويعيد لهم التوازن النفسي المطلوب..

ثانيا .. على الهلاليين الاعتراف أنهم أرهقوا بدنيا، وهم في منحنى تنازلي لياقيا بحكم أنهم يهملون اللياقة النفسية التي تتحكم في المنسوب البدني، نعم، لكي يحقق الهلال نتيجة مطمئنة ذهابا على حساب الخصم المشاكس أوراوا الياباني.

يجب على الهلال ألا يخسر أو يتعادل أمام فريق صعب المراس، يلعب بعقلية الفوز، سواء داخل أرضه أو خارجها، والفوز على أوراوا يتطلب استعادة شخصية الفريق العملاق، وهو أمر ممكن جدا لكنه يتطلب لياقة بدنية عالية جدا ومتواصلة، كما يتطلب لياقة نفسية أكثر من عالية، وأقوى حتى من الطاقة البدنية ..

والأهم أن يعيد لوشيسكو ترتيب المنظومة الدفاعية، فليس معقولا ولا مقبولا أن يتلقى الهلال الأهداف الذكية والغبية في كل مباراة يلعبها، بغض النظر عن وزن المنافس، هنا يأتي دور الجمهور السعودي والإعلام السعودي بالتوازي مع إعداد الهلال نفسيا للمباراة التي يراها كل هلالي مباراة الموسم دون منازع ..

الواجب الوطني أن يتناسى الإعلام السعودي صراع الحبة والقبة مع الهلال، والواجب أن يوجه الإعلام السعودي بوصلته نحو شحن لاعبي الهلال نفسيا بشكل إيجابي، بعيدا عن النفخ الزائد في قربة التعصب المقطوعة، ولا شك عندي أن جماهير كل الأندية السعودية ستساند الهلال ممثل البلد في الموقعة الصعبة..

وهو تأكيد أستقيه من ثقافة الجمهور السعودي الذي عودنا دائما على نبذ التعصب عندما يتعلق الأمر بإنجاز للوطن، كما عودنا على أن الانتماءات تذوب في الملمات، فتتحد الألوان وتمتزج مع الأزرق، فالهلال في مهمة وطنية بالدرجة الأولى ويلعب باسم كل الأندية السعودية دون استثناء، المؤازرة من الجميع يمكن أن تشكل دافعا نفسيا يساهم في خروج الهلال من عنق زجاجة الشك، ومن ثم التتويج باللقب القاري الكبير من الرياض وليس من طوكيو ..

معادلة الهلال .. الفوز ولا شيء سواه

المدربون والتقنيون في كل العالم يعلمون ما معنى الضغط النفسي الذي يتعرض له الفريق واللاعب لكي يفوز فقط ولا يخسر، فما بالك عندما يكون الهلال مطمعا ومبتغى أو أمنية ألا تخسر أمامه الفرق الأخرى..

ومن ثم كيف سيكون الضغط النفسي مهولا على لاعبي الهلال عندما يرى أي منافس أن الفوز على الهلال بطولة بحد ذاتها، إنها إشكالية نفسية خطيرة يجب على الجهازين الإداري والفني معالجتها، كي يدخل لاعبو الهلال لقاء ذهاب النهائي أمام الفريق الياباني بعقلية الفوز أولا، والحرص على ألا تهتز شباك الهلال تحت أي ظرف من الظروف ثانيا، وهذا هو التخوف الحقيقي..

دفاع الهلال الذي بات مكشوفا وفي متناول الصغير قبل الكبير، أقولها بالفم المليان: على الهلال أن يكسب أوراوا الياباني في الرياض بأية نتيجة، شريطة أن يحافظ على نظافة شباكه من أي هدف مباغت، لأن أية نتيجة سلبية للهلال في الرياض لا قدر الله، ستحتم على الهلال الرحيل إلى اليابان بالأبيض والأسود، فالتعويض هناك يحتاج إلى معجزة شبيهة بالتي حققها فريق الاتحاد في كوريا الجنوبية قبل 14 عاما تقريبا ..

ولكي يتجنب الهلال السيناريو القاتم أمام أوراوا الخطير آسيويا وليس محليا، على لوشيسكو دراسة أسلوب لعب الفريق الضيف، والأهم من هذا كله على المدرب أن يعدم الجزئيات الصغيرة التي تزعج الهلاليين، ثم يستفيد من الغيابات التي تضرب الفريق الياباني معنويا..

ستكون عقلية لوشيسكو على المحك، فهو مطالب بأن يستغل نقاط ضعف الخصم، لكن ليس قبل أن يكتشفها، ومن ثم تطويق الجزئيات الصغيرة والتعامل معها بحيث يجعلها سلاحا رهيبا، يحد من سرعة الفريق الياباني المدجج بالمحترفين الجيدين، على غرار اللاعبين البرازيليين المبدعين فابريسيو وإويرتون دا سيلفا.

الفريق الياباني يعاني هو الآخر من مشاكل كثيرة في الدوري المحلي، فهو حاليا في المركز العاشر ويقدم وجها شاحبا، على عكس وجهه المشرق في دوري أبطال آسيا، وتلقى ثلاث صدمات قاسية قبل مواجهة الهلال ذهابا، فبالإضافة إلى غياب مهاجمه يوكي موتو 4 أشهر بسبب إصابته في الكتف، سيغيب أيضا تاكوبا لاعب الارتكاز المتألق، والحارس الأساسي نيشيكاوا بسبب تراكم البطاقات ..

هل يتخلى لوشيسكو عن عناده ..؟

من مواجهات الهلال بالدوري السعودي

وإذا كنا قد تحدثنا عن الإشكالية النفسية للاعبي الهلال، فإن هناك إشكالية تكتيكية مسؤول عنها لوشيسكو بلا أدنى جدال، ويبدو أنه بدون وعي أهدى منافسيه روشتة هزيمة الهلال من أقصر الطرق..

ببساطة: اضغط دائما على عمق الهلال ودفاعه، وستندهش من حجم الكوارث التي يرتكبها مدافع مثل علي البليهي، لوشيسكو يلح إلحاحا ويصر إصرارا على أن تبدأ الهجمة من الخلف، وتحديدا من المدافع علي البليهي، لهذا عندما يقع البليهي تحت الضغط تكون النتيجة تمريرات خاطئة في ثلث ملعبه الدفاعي، وهذا في عرف كرة القدم لعب بالنار، ثم كيف يلتجئ لوشيسكو إلى هذه التقنية الزائفة، ومنطقة قوس الدائرة بدون محور دفاعي هدام ..؟

تلك هي الإشكالية التكتيكية في طرح مدرب الهلال، الذنب هنا ليس ذنب علي البليهي المحدود القدرات على مستوى صناعة الهجمة من عمق الدفاع، لكنه خطأ المدرب الذي يرتكب حماقة تكتيكية تعري وتفضح ارتكاز الوسط الدفاعي الهش للهلال ..

نعم.. انكشفت الكثير من عورات الهلال في العمق مع غياب محور الارتكاز الدفاعي محمد كنو بداعي الإصابة، وقد كان هذا اللاعب همزة الوصل والقطع الذي يصلح غالبا ما يفسده البليهي في عمق الدفاع،

نعم.. يمكن للمدرب تحرير علي البليهي من نهجه ويعفيه من مهمة ضابط الإيقاع، على أن يسقط عبدالله عطيف إلى العمق الدفاعي ليبدأ الهجمة وليس البليهي، لكنه حتى في هذا التحديث يحتاج إلى محور ارتكاز دفاعي هدام مثل كنو..

ففريق أوراوا كما شاهدته يتميز بالسرعة الرهيبة وبالضغط الرهيب على حامل الكرة، وهنا تأتي نقطة ضعف الهلال التي برزت أمام السد، ثم اتسع مداها أمام النصر في ديربي الكرة السعودية، واستمرت في الاتساع أمام الفتح، السد سجل أربعة، والنصر سجل هدفين، والفتح سجل ثلاثة، وحتى فريق عرعر لدغ الشباك الهلالية يا إلهي ..!

أرجوك يا عبدالله المعيوف حارس الهلال، أبوس قفازيك، لا ترم الكرة نحو البليهي، لا مانع أن تبدأ أنت بتصحيح خطأ المدرب، لأنك أكثر لاعب هلالي متضرر من كوارث التمرير الخاطئ في عمق الدفاع، لا أتفق مع من يطالب لوشيسكو بتغيير نهجه التكتيكي أمام أوراوا ليتفادى سرعة لاعبي الفريق الياباني، فتغيير الشاكلة التكتيكية يحتاج إلى عام على الأقل، لكن على لوشيسكو منح فريقه المرونة التكتيكية المطلوبة، أمام فريق سلاحه الأول السرعة والضغط المباشر على حامل الكرة ..

و

ولكي يمنح لوشيسكو فريقه المرونة التكتيكية المطلوبة، عليه أولا أن يكون واقعيا في ترتيب آليات الهلال على أرض الملعب، لا يحتاج الهلال إلى فلسفة تسلب منه واقعيته كما حدث أمام النصر، عندما عجن لوشيسكو الشاكلة في الشوط الثاني ظنا منه أنه سيمنح الفريق المرونة التكتيكية من خلال معادلة (سالم الدوسري وكاريلو)، فقد نقل سالم من اليسار إلى اليمين، ونقل كاريلو من اليمين لليسار، فتوفيت الجبهتين، ومات الهجوم أكثر مع خروج جوميز الاضطراري ..

المرونة التكتيكية التي يحتاجها الهلال للخروج من ورطة لوشيسكو الموجعة، تعني المزيد من الانضباط، مع تبادل الأدوار التكتيكية في عمق الوسط الهجومي، ومع أهمية تجهيز جوميز للمباراة الكبرى، فالهلال لا يمتلك بديلا يوازي قدرات جوميز، لأن عمر خريبين المصاب أصلا يفتقد لحساسية المباريات الكبيرة، وصالح الشهري لا يقوى على اللعب تحت الضغط النفسي الرهيب، وأدواردو ممنوع من التحليق آسيويا..

لكن قبل كل هذا، على لوشيسكو التنازل عن عناده بضرورة أن تبدأ الهجمة من الخلف ومن علي البليهي بالذات، فعلي البليهي لا يمتلك مهارة التمرير الدقيق، فهو ولد في ظل إمكانات تسخر في الأساس لتشتيت الكرات وتصفية منطقة الجزاء أولا بأول، لا يمكن تحويله إلى ليبرو من طراز فرانس بيكنباور، كما يظن لوشيسكو المفتون على ما يبدو بمدرسة تدريبية انقرضت من زمان ..

شاءت الأقدار أن يدخل الهلال الامتحان الآسيوي الأخير في ظل إصابات تضرب أعمدة الفريق، وفي ظل إرهاق بدني ونفسي مزعج، لكن لا بأس من تبديد كل تلك السحب التي تحجب الهلال، ويمكن لهذا الإرهاق النفسي والبدني أن يتوارى لمائة وثمانين دقيقة، هي الوقت اللازم ليكتمل الهلال بدرا في سماء آسيا، شريطة أن يحجب كل الأضواء عن جواهر أوراوا الياباني، فهل ينجز الهلال نصف المهمة بنجاح في ملعب جامعة الملك سعود ؟ أم تسيطر غيبوبة الجرح على الهلال، تماشيا مع ما حدث للفريق أمام السد والنصر ..؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى