أنخيل دي ماريا.. المنبوذ الذي أصبح قطعة لا غنى عنها

كتب- محمد عصام

في ملعب الأليانز ريفييرا، معقل نادي نيس، بتاريخ الثلاثين من أبريل عام 2017، خرج أنخيل دي ماريا من الملعب مطروداً ببطاقة حمراء مباشرة، في المباراة التي سقط فيها الباريسيون بثلاثة أهداف مقابل هدف، وحسمت الأمور لصالح موناكو بتحقيق لقب الدوري وكسر سطوة أبناء العاصمة.

بدت تلك الخطوات المتثاقلة وكأنها الأخيرة لدى ماريا في الفريق، مع شائعات قوية ربطته بالانتقال لإنتر ميلان، في تجربة جديدة تضاف للتقلبات التي عاشها منذ غادر أسوار الميرنجي.

لم تكن البدايات بنفس القدر من خيبة الأمل، فالشهور الأولى له مع باريس موسم 2015-2016، كانت مبشرّة، وقدّم سلسلة من الأداءات المميزة طمست فترة قاسية مع مانشستر يونايتد، واستبشر الجميع باستعادة النسخة الأفضل من الأرجنتيني.

لكن الانحدار جاء تدريجياً، وقلّت ثم ندرت مشاركاته الحاسمة، وكأن دي ماريا جاء على خلفية سمعته كرجل مباراة نهائي العاشرة الأشهر في 2014، وبلا دافع حقيقي لتقديم المزيد.

هل يؤمن دي ماريا فعلاً بالمشروع القطري في باريس؟ هل أصاب الباريسيون في استقدامه؟ هل يرى أنخيل الفريق مرشحاً للصعود أم أنها قطف آخر ثمار اللعب في هذا المستوى قبل التقاعد؟!.

اعترف النادي الباريسي أنه عرض دي ماريا مع بعض اللاعبين الآخرين على موناكو، لجمع الأموال التي يحتاجها النادي كقرابين تشتت عيون “اليويفا” وقانون اللعب المالي النظيف، التي تتربص بهم؛ كل ذلك تمهيداً للضربة الأقوى في صيف 2017 حين استثمر النادي مبلغ 400 مليون يورو في كلٍ من كيليان مبابي، ونيمار دفعة واحدة.

صفقتان أظهرتا مدى جدية القطريين في بناء الفريق، وبين عشية وضحاها أصبح لديهم خط ناري قادر على مجابهة –والتفوق على- أعتى خصوم القارة العجوز؛ وفجأة وجد دي ماريا نفسه يبتعد أميالاً عن التشكيل الأساسي.

في مثل هذه المواقف فالخطوة المنطقية هي الانتقال، أمامه في قائمة الاختيار الثلاثي “مبابي، نيمار، إدينسون كافاني”، وحتى الشاب الألماني “جوليان دراكسلر” المتألق حينها، ومن خلفه تعلو أبواق تهديد كل من لوكاس مورا،وخافيير باستوري؛ ضاق الخناق على حبة المعكرونة، كما يطلقون عليه في بلاد الفضة، وكانت دكة البدلاء حتماً تنتظره.

المفارقة هنا أن ذاك التهديد حمل جرعة الجدية المطلوبة لأنخيل، وبعد ملازمته الدكة شهوراً عديدة، جاءت الفرص تباعاً لمدة 11 مباراة متتالية بعد سلسلة من الإيقافات والإصابات، ليشعل المنافسة على التشكيلة الأساسية مجدداً.

الدخول في كل مباراة مهدداً، والمنافسة على كل فرصة كي لاتكون الأخيرة، جعلت أوناي إيمري يزداد تقديره لدي ماريا قبل رحيله، وأبهرت الوافد توماس توخيل الذي اختاره رجلاً لا غنى عنه في كتيبته.

خضع دي ماريا لعدة تجارب في اللعب على الجناحين، وفي مركز لاعب الوسط المتقدم، وعلى دائرة المنتصف، وحتى اللعب كنصف جناح ونصف ظهير “وينج باك” في مساعي توخيل المستمرة لملاءمة الفريق لوجوده؛ وكلها تجارب استقبلها الأرجنتيني بصدر رحب طالما عنت المزيد من الدقائق على المستطيل الأخضر.

المجمل في الموسم الماضي -والأول لتوخيل- كان مشرّفاً لدي ماريا، بتسجيله 12 هدفاً وصناعة 11 آخرين محلياً، ليحتل المركز الثاني في صناعة الأهداف خلف “تيجي سافانير”.

من المعلوم لدى الجميع أن باريس سان جيرمان يسعى نحو الطموح الأوروبي بالدرجة الأولى؛ وفي هذه الليالي، لا غنى عن حبة المعكرونة، فقد سجل الموسم السابق هدفَين وصنع ثلاثة، وذلك في ثمان مشاركات؛ أما في الموسم الحالي فحقق ذات الأرقام قبل أن يتخطى المشاركة الخامسة.

من الباكر الحديث عن اللاعب الأفضل في الموسم لكل فريق، لكن حتى الآن فإن دي ماريا يسبق جميع زملائه بذات الأميال العديدة التي ابتعدها، وربما الأفضل في الثمانية عشر شهراً التي قضاها الألماني توماس توخيل معه.

آخر تلك العروض كان “هاتريك” من الأسيست في الكلاسيكو الفرنسي ضد مارسيليا، سبقه عرض راقٍ في انتصار باريس على فريقه السابق ريال مدريد، كلا العرضين يؤكد أن بريقه لم يخفت بعد، وأنه برغم الانتقادات التي تلاحقه في السنوات الأخيرة، فإن أنخيل دي ماريا في مستواه وكامل لياقته مازال نجماً ساطعاً لا يضاهى، ولا يبدو أنه سيخفت قريباً.

تقرير مترجم عن الجارديان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى