أشعة الهلال الزرقاء ترعب ماسات أوراوا الحمراء ..!

كتب- محمد العولقي

مع أنه ليس في وارد الروماني رازفان لوشيسكو مدرب الهلال السعودي الارتهان للدفاع القاتم، عندما يحل الأحد ضيفا على أوراوا ريد دياموندز في إياب نهائي دوري أبطال آسيا على ملعب سايتاما بطوكيو، إلا أن عليه الإصغاء لهذه النصيحة :
مستر لوشيسكو.. إذا لعبت الأحد بعقلية التعادل ستخسر .. ستخسر .. قلت ستخسر مرتين حتى لا تكون الثالثة ثابتة ..

وإذا كانت اكتساحية الهلال الهجومية غير قابلة للنقاش كما أظن ( وبعض الظن ليس إثما)، فإن على مدرب الهلال الحذر كل الحذر من الحرب النفسية التي يشنها طابور أوراوا الخامس بهدف زعزعة الاستقرار النفسي للاعبي الهلال، أما لماذا يلجأ مسيرو فريق أوراوا للسلاح النفسي ..؟، فلأنهم قارئون جيدون للتاريخ، ومرعوبون من الحقيقة التالية : الفريق الذي يفوز ذهابا بأية نتيجة هو من يحرز الكأس في نهاية المطاف، وهو من يضرب موعدا مع الفرحة مرتين، مرة بتحقيق نتيجة إيجابية إيابا، ومرة بالتتويج بالكأس الغالية أمام أنصار صاحب الملعب ..

الهلال السعودي

تبدو هذه الحقيقة مسلمة تماما لم يسبق لها أن خرجت عن قضبان تلك المفارقة التاريخية منذ العودة إلى نظام الذهاب والإياب بداية من نسخة 2013، الهلال و لاشك كان أبرز ضحايا هذه المفارقة مرتين، الأولى: عندما خسر ذهابا من طرف فريق ويسترن سيدني الأسترالي بهدف، ثم تعادلا سلبا في الرياض إيابا، عام 2014، والثانية : كانت عام 2017 وأمام أوراوا نفسه، تعادل الهلال ذهابا في الرياض بهدف لهدف، قبل أن يخسر اللقب في ملعب سايتاما إيابا ..

مفارقة مفرحة لأنصار الهلال، ربما كانت مؤشرا مبدئيا يرجح قدرة أشعة الهلال الزرقاء على امتصاص أطياف ماسات أوراوا الحمراء في محيط ثقبها الأسود (سايتاما) ..

الساموراي.. لعبة الاستفزاز

يبدو مسؤولو أوراوا في غاية الانزعاج من خسارة الفريق ذهابا في الرياض قبل أسبوعين بهدف رأسي جميل من توقيع المهاجم أندري كاريلو، فعلى الرغم من أنها خسارة صغيرة والتعويض فيها متاح وممكن، إلا أن النادي الياباني شن الأيام الماضية وابلا من التصرفات التي تستهدف إخراج لاعبي الهلال عن تركيزهم ..

أطلق حارس أوراوا العائد لحماية عرينه إيابا نيشيكاوا شرارة البداية، عندما قال بشكل مستفز :
“مشاهدتي لمباراة الذهاب من المدرجات، أعطتني فرصة تحليل نقاط القوة والضعف لدى فريق الهلال، أعرف كيف أتعامل مع المهاجمين”.

والحارس نيشيكاوا الذي غاب عن مباراة الذهاب بسبب تراكم البطاقات، يعلم تماما أن كفة الهلال هي الأرجح بالنظر لتلك المفارقة التاريخية السابقة، لذا فهو يحاول إبطال مفعول تلك المفارقة قائلا :
“نحن جميعا نتطلع للعب إيابا، وكون المباراة في سايتاما فالدافع والحافز ليس لنا فقط بل لجماهيرنا أيضا”.

لم تمض ساعات على كلام الحارس نيشيكاوا، حتى كان رد فعل الساموراي مفاجئا للهلاليين في طوكيو، تدافع المئات من أنصار أوراوا نحو فندق إقامة بعثة الهلال، ثم تحولت إلى مضايقات فاضحة مصحوبة بالتهديد والوعيد، دون أن تحرك الشرطة اليابانية ساكنا، وهو تطور خطير يهدد استقرار اللاعبين، مما حدا ببعثة الهلال إلى الاستعانة بشركة أمن خاصة، لمرافقة البعثة بين فندق الإقامة وملاعب التدريب..

لوشيسكو.. الرهان على الهجوم المفتوح

من المتوقع أن يحافظ مدرب الهلال لوشيسكو على شاكلته المفضلة 4/2/3/1 معتنقا نفس الفلسفة، تدوير الكرة بدءا من قلب الدفاع، التمرير القصير في مساحات الوسط، ضرورة الاستحواذ الطويل على الكرة في نصف ملعب أوراوا بهدف استنزاف طاقة لاعبيه، البحث عن مخالفات قريبة لتصدير التشنج لليابانيين، ثم فتح اللعب على الرواقين، مع تمويه من الخلف ضمن خطة الزيادة العددية في الأمام، الضغط على كل بناء أوراوا لخلخلة خطوطه، وإغلاق مساحات العمق أمام المهاجمين، وهذا يتطلب تركيزا بنسبة تصل إلى مليون في المائة ..

يبدو لوشيسكو مغرما بهجومية الهلال الكاسحة، فالفريق الذي سجل لاعبوه 26 هدفا في دوري المحترفين حتى الجولة التاسعة، حافظ على نفس الزخم في دوري أبطال آسيا، بدليل أن الفرنسي بافيتمبي جوميز يتصدر قائمة الهدافين برصيد عشرة أهداف..

من المتوقع أن تتسم طريقة لعب الهلال أمام أوراوا بما يلي :
– فتح اللعب العرضي، مع تحرير الوسط بهدف فتح المساحات أمام ياسر الشهراني ومحمد البريك على الرواقين.
– انتهاج الزيادة العددية في الأمام عند الاستحواذ على الكرة، مع بقاء محور دفاعي في الوسط تجنبا لأي ارتداد مفاجئ ( محمد كنو).
– تسليم مقاليد فتح الجبهات الهجومية للاعبين المهاريين، سالم الدوسري وكاريلو على الرواقين، ومن العمق لاعب الوسط المتحرر سلمان الفرج وجيوفينكو والمهاجم الثابت جوميز.
– عند الضغط الهجومي، سيكون المد الهلالي في أعلى مستوياته، حيث سيتحول ستة لاعبين نحو ثلث ملعب أوراوا، ستكون الخطورة عندما يفقد لاعبو الهلال الكرة في ملعبه
عند الارتداد، ينضم رواقي الهجوم لجبهة الوسط الدفاعي بلمح البصر، الأمر الذي يشكل إسعافا مباشرا لعمق الدفاع (نقطة الضعف القاتلة في مفكرة الهلال ) ..

ستتوقف مهمة تخريب العلاقة بين أوراوا وجماهيره في المدرجات على لاعبي الهلال، وأفضل طريقة لإحداث فجوة بين الطرفين أن يسجل الهلال هدفا مبكرا بنظام الصدمة، والهلال قادر على ذلك بالنظر إلى خط هجومه الناري، الذي سجل في كل مبارياته بدوري أبطال آسيا، باستثناء مباراة الإياب أمام مواطنه الاتحاد، حيث تعادل في جدة بدون أهداف ..

لكن ماذا عن الجزئيات الصغيرة التي لا يستطيع لوشيسكو التحكم بها، خصوصا عندما تظهر ثقافة اللاعبين على حقيقتها في مباريات من هذا الوزن، حيث يكون الضغط النفسي عنيفا في بعض مراحل المباراة ..؟، من المتوقع أن يبدأ لوشيسكو المباراة الحاسمة بالتشكيل التالي :
عبدالله المعيوف في حراسة المرمى، خط الدفاع : علي البليهي والكوري الجنوبي لي يونغ و محمد البريك و ياسر الشهراني، خط الوسط : محمد كنو وسلمان الفرج (محورا ارتكاز )، وسالم الدوسري وأندري كاريلو وسيبستيان جيوفينكو ( في الثلث الهجومي)
خط الهجوم : الفرنسي جوميز.

أوراوا .. الهجومية الضاغطة !

عندما اعتمد مدرب الماسات الحمراء (أوراوا) أوتسوكي في مباراة الذهاب على مبدأ التخندق الدفاعي، بحثا عن تعادل تبخر مع رأسية كاريلو، فلأن المدرب الياباني يعرف تماما حجم قدرات فريقه الذي يترنح في الدوري الياباني، ثم إن الفوارق الفنية بينه وبين لاعبي الهلال كانت كبيرة، يصعب اختزالها أو مجاراتها بخطة هجومية صرفة ..

يلعب أوتسوكي مدرب أوراوا بأسلوبين مختلفين :
الأول : التكدس الدفاعي والاعتماد على قريحة فرديات بعض لاعبيه، عندما يلعب خارج أرضه وبعيدا عن جماهيره،
الثاني : الاعتماد على الكرة الهجومية الشاملة الضاغطة والمفتوحة، عندما يلعب على ملعبه وأمام جماهيره الغفيرة والمخلصة للفريق تحت أي ظرف، واستنادا إلى الأسلوب الثاني، فمدرب أوراوا سيمنح فريقه الامتداد الهجومي السريع للاستفادة من عاملي الأرض والجمهور، لكنه رغم ذلك سيعتنق النهج التكتيكي 3/5/2 لتعويض فارق الهدف ، وترتكز الصاعقة الهجومية للفريق على حيوية الطرفين الشابين السريعين تاكوا أجيوارا و دايكي هاشياوكا ..

وتكمن نقطة القوة في طرح الفريق الياباني في محور الارتكاز الدفاعي، حيث يستطيع المتألق تاكويا أوكي التلون مع كل الأدوار، فهو يعد المرتكز (القفل والمدار) الذي يقوم عليه معظم البناء الفني للمدرب أوتسوكي ..

الأرقام تقول: أوراوا شرس جدا عندما يلعب على ملعبه، ولا يعتمد فقط على خبرة لاعبيه في كسر وتحطيم معنويات المنافس مهما كان وزنه فقط، لكنه يعتمد أيضا على تحركات لاعبيه السريعة الرهيبة التي تصيب المنافس بالدوار، كما أن لاعبي أوراوا يستمدون حماسهم من جماهيرهم التي لا تتوقف عن الزئير ولو لثانية واحدة، وقد اكتوت كل فرق آسيا بنار هذه الجماهير التي تمارس طرقا مختلفة في التأثير على معنويات خصوم فريقها المدلل ..

وعندما يحصن المدرب خلفية فريقه بثلاثة مدافعين (ليبرو ومساكين)، فهو يراهن على خط وسطه الحيوي والمتحرك الذي ينوع اللعب مع التركيز على اختراقات الرواقين، من المؤكد أن يقوم المدرب بتحرير صانع الألعاب البرازيلي المتميز إيفرتون (نجم بورتو البرتغالي سابقا)، بحيث يقتصر دوره على البناء الهجومي، تاركا كل مهام الهدم لمحور الارتكاز تاكويا أوكي، ولن يكون إيفرتون العنصر الخطير هجوميا فقط، فهناك الواعد السريع الفتاك على الجهة اليمنى دايكي هاشياوكا وصاحب العرضيات الخطيرة يسارا تاكاهيرو سكيني، وستكون مهمة دفاع الهلال في غاية الصعوبة لإبطال مفعول قلبي الهجوم كازوكي ناجازاوا والبرازيلي الملتهب فابريسيو..

كل هذه المعطيات تؤدي إلى مباراة سيكون فيها الضغط الشرس على حامل الكرة كبيرا، وهذا يعطي انطباعا واضحا على أن الجزئيات الصغيرة ستتحكم في النتيجة، وستصنع الفارق في الليلة الكبيرة، من المتوقع أن يبدأ أوراوا مباراة الإياب الحاسمة بهذه التشكيلة :
شوساكو نيكيشاوا لحراسة المرمى، خط الدفاع : دايسكودي سوزوكي و توماكو ماكينو ( المرشح للفوز بأفضل لاعب في آسيا لهذا العام، إلى جانب القطري أكرم عفيف و الإيراني علي رضا) وتاكوا أونامي، خط الوسط: تاكويا أوكي وإيفرتون ودايكي هاشياوكا وتاكاهيروسكيني وتاكوا أجيورا، خط الهجوم : كازوكي ناجازاوا وفابريسيو ..

قلوبنا في توووفه تدعو للهلال بأن يعود من موطن الساموراي متوجا بذهب آسيا، فهو إنجاز إن تحقق بقدرة الله عز وجل، سيرفع رأس كل عربي في كأس العالم للأندية .. وغدا لناظره قريب ..!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى