من فاردي إلى ليفاندوفسكي.. عودة المهاجم رقم 9 مرة أخرى

تقرير- محمد يوسف

منذ نسخة منتخب المجر المرعبة في ويمبلي عام 1953، واللعب بـ «ناندور هيديكوتي» كرقم تسعة وهمي، وإحرازه ثلاثة أهداف في تلك المباراة مع تلقين الإنجليز درساً في فنون كرة القدم، بدأ المهاجم التقليدي رقم تسعة في الاختفاء شيئاً فشيئاً من الساحة، مقاتلاً للحصول على مكانه في هذه اللعبة الجميلة.

يجب أن يتمتع المهاجم بلياقة عالية هذه الأيام، ويعمل بجد ويملك مرونة عالية كذلك، وغالباً ما يترك عناوين الصحف لأولئك الذين يستفيدون من جهوده.

فقد مر 15 عاماً منذ أن فاز مهاجم صريح، لاعب الميلان «أندريه شيفتشينكو»، بجائزة الكرة الذهبية، والتي ميّزت نهاية العصر الذهبي للهدّافين، والمهدد بالانقراض الآن في عصر يتميز بالضغط والاستحواذ المستمر.

هذه هي النظرية السائدة، ولكن الأرقام تحكي قصة مختلفة؛ يقود «جيمي فاردي»، و«روبرت ليفاندوفسكي»، و«كريم بنزيمة» و«تشيرو إيموبيلي» لاعب لاتسيو، قائمة هدافي أوروبا، مُسجلين فيما بينهم أكثر من 50 هدفاً بالفعل هذا الموسم.

«إيموبيلي» هو الأصغر بعمر 29 عاماً، و«فاردي» هو الأكبر بعمر 32 عاماً، لا يجب أن يُمثل تسجيل المهاجمين للأهداف أية صدمة، ولكن هؤلاء المهاجمين التقليديين يزدهرون الآن في لعبة قد تركتهم وراء ظهرها.

لماذا عاد المهاجم رقم 9 إلى الواجهة مرة أخرى؟

يمتلك الرباعي سمات مشتركة، لكن «كريم بنزيمة» الوحيد من بينهم الذي قضى عقداً من الزمن يلعب في أعلى المستويات، عندما انضم الفرنسي إلى ريال مدريد عام 2009، كان لا يزال يلعب «ليفاندوفسكي» في بولندا، و«إيموبيلي» يشحذ مهاراته في دوري الدرجات الأقل بإيطاليا، أما «فاردي» لم يكن لاعباً في دوري المحترفين من الأساس، مهاجم ليستر يلعب بأداء يتعارض مع عمره أيضاً، وكان قادراً على الابتعاد عن الإصابات كذلك.

قرر «فاردي» اعتزال اللعب مع إنجلترا بعد نهائيات كأس العالم الماضية، أما الاستبعاد الدولي لـ «كريم بنزيمة» لمدة أربع سنوات لم يكن باختياره، ولكن فترات الراحة الإضافية قد تكون حاسمة للاستمرارية، حيث أصبحت الأجندات المحلية والدولية أكثر صعوبة من أي وقت مضى، فمثلاً خلال الصيف الماضي، كان هناك فترة راحة لمدة ثلاثة أسابيع فقط بين نهائيات بطولة أفريقيا وأولى مباريات الدوري الإنجليزي الممتاز.

يستفيد الأربعة أيضاً من الاستقرار الداخلي، مع أعوام الخبرة في أنديتهم الحالية؛ لعب «ليفاندوفسكي» و«بنزيمة» في عدّة أدوار وفي حالة تغير مستمر، أما «فاردي» و«إيموبيلي» تطورا من أجل الحفاظ على التناغم مع فرقهما، في حين يستفيد المهاجمون في كل مكان آخر من الاتجاهات التكتيكية الأوسع نطاقاً في الكرة الأوروبية.

أعادت كرة القدم اكتشاف قدراتها البدنية مع ليفربول «يورجن كلوب»، في اللحظات الفاصلة خلال ريمونتادا دوري أبطال أوروبا ضد برشلونة، حتى «بيب جوارديولا»، والذي نادراً ما يفضل المهاجم الصريح، جعل مانشستر سيتي يعتمد على الكرات العرضية كثيراً.

تقنية الـ «VAR» لعبت دوراً حاسماً كذلك، أظهرت الدراسات والتحليلات أن إدخال التقنية قد سبب تباطؤ وتيرة بناء اللعب، وزاد من شكوك الدفاعات، وكان هذا بمثابة أخبار سارة للهدّافين.

كيف وجد المهاجم الصريح طريقه للازدهار من جديد؟

بالرغم من الاستفادة بهذه الظروف، لا يزال على المهاجم الحديث التكيف للبقاء والاستمرار، و«فاردي» خير مثال على ذلك. ساهم في قيادة ليستر سيتي إلى الفوز باللقب عام 2016، من خلال دوره كجناح سريع ومخادع، لكن مع نزعة المهاجم الذي لا يرحم.

ولكن عندما قدم أرسنال له عرضاً الصيف الماضي، انعقدت الحواجب في تساؤل: كيف يمكن أن يتناسب أسلوب لعب «فاردي» مع أسلوب الأرسنال الهجومي؟

يجيب هنا مدرب ليستر الحالي «برندن رودجرز»: «نحن نلعب على نقاط قوته، وهو أن يعتمد على اللعب المباشر، قوة «جيمي» لا تكمن في ربط اللعبة، ومساعدة زملائه على الاشتراك بها، ولكنها تكمن في كونه الرجل الأخير».

من خلال اللعب في مناطق العمليات الأكثر ازدحاماً، يخلق فاردي حالياً المساحة الإضافية التي توفرها له سرعته، وفي المباراة ضد أرسنال، سجل هدفاً وصنع آخر، من خلال الابتعاد عن المرمى في نهاية التمريرات المرنة للفريق.

يمكن أن يستفيد «فاردي» أيضاً من الضغط الذي ينفذه الفريق، حيث يستعد للانقضاض عند التحولات السريعة في المناطق المتقدمة من الملعب، كما أن براعته كهداف أمر حيوي كذلك، من ضمن 10 أهداف أحرزها في الدوري من اللعب المفتوح هذا الموسم، سجل أربعة بقدمه اليسرى، وثلاثة باليمنى، وثلاثة برأسه، مع متوسط تسديدتين فقط خلال المباراة، وصلت نسبة «فاردي» من الأهداف المتوقعة (xG) إلى خمسة أهداف حتى الآن.

ومثل «فاردي»، لجأ «إيموبيلي» إلى بعض التغييرات التكتيكية، لكن في حين تحرك مهاجم ليستر إلى الأمام، تراجع المهاجم الإيطالي خطوات إلى الخلف، من هداف يُعتمد عليه تحت قيادة «سيموني إينزاجي» منذ انضمامه للفريق عام 2016، استكشف «إيموبيلي» مستوى آخر هذا الموسم، بتسديدات أقل في المباراة، ولكن مع إحراز المزيد من الأهداف بشكل أكثر انتظاماً في تكتيك لعب مرتد ومباشر يناسبه تماماً، وقد سجل 15 هدفاً في الدوري الإيطالي بالفعل، وهو نصف أهداف لاتسيو حتى الآن.

الوحيد الذي يتفوق عليه في البطولات الأوروبية الكبرى هو «ليفاندوفسكي» في بايرن ميونيخ، حيث سجل البولندي 23 هدفاً في 18 مباراة في مختلف البطولات مع النادي حتى الآن، يملك ليفاندوفسكي حالياً ما معدله خمس تسديدات في المباراة، ونظراً لدوره المؤثر على الفريق أثناء التحولات، فإن إحرازه 16 هدفاً في الدوري الألماني يتناسب في الواقع مع نسبة أهدافه المتوقعة (xG).

اللاعب البالغ من العمر 31 عاماً ليس مهاجماً صريحاً بقدرات «فاردي» و«إيموبيلي»، ولكنه يفرض تحكماً مُبدعاً للفريق بطريقة تذكرنا بـ «كريستيانو رونالدو» خلال أيامه الأخيرة في ريال مدريد، سجل ليفاندوفسكي في 11 مباراة لبايرن ميونيخ في الدوري هذا الموسم، وتظهر قدرته على تسجيل كل أنواع الأهداف، من التسديدات البعيدة، إلى الأهداف الرأسية من العرضيات، يصل ليفاندوفسكي إلى آفاق جديدة في نظام هجومي حيث يكون هو صاحب القرار.

بالرغم من لعبه على مدار عقد من الزمن كمهاجم رقم تسعة في ريال مدريد، إلا أنه من النادر أن يُنظر إلى كريم بنزيمة كترس أساسي في آلة النادي التي تحصد البطولات، الفرنسي يقاتل على الدوام لإثبات مكانته، ويقف في وجه الموجة المقبلة من المهاجمين الجدد القادمين إلى أسوار النادي، وهو دليل على استمراريته، وهذا الموسم يعتبر أفضل لاعب في نظام هجومي لا يزال قيد الإنشاء.

واحد من أولئك الوافدين الجدد هو إدين هازارد، رجل يعرف شيئاً أو اثنين عن تحمل عبء فريق مفكك، وصف بنزيمة بأنه أفضل مهاجم في العالم.

يملك «بنزيمة» 10 أهداف في الدوري الإسباني هذا الموسم، أكثر من «هازارد»، و«جاريث بيل»، و«فينيسيوس جونيور»، و«خيمس رودريجز»، و«رودريجو» مجتمعين. يذكر «زيدان»، وهو من أشد المؤيدين لمهاجمه الفرنسي، أنه ببساطة من يحب كرة القدم يحب كريم بنزيمة.

وهو مبدأ ينطبق أيضاً على «فاردي» و«إيموبيلي» و«ليفاندوفسكي»؛ فهم يمتلكون جميع الصفات التي نبحث عنها في اللعبة الحديثة، اللياقة البدنية والذكاء والقدرة على التكيف والرغبة المستمرة في تطوير أنفسهم، لم يجد أفضل المهاجمين طريقاً للعودة من جديد فحسب، لكنهم وجدوا طريقهم للازدهار أيضاً.

*تقرير مترجم من الجارديان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى