مصلحة الوطن أولاً

سالم ربيع الغيلاني

بعيدا عن وقع الخروج من خليجي 24، وما خلّفه من مرارة في النفوس وحسرة غير مسبوقة، كون الأحمر كان قريبًا جدًا من تأهل كان وادعًا بين يديه قبل أن يتسرب منهما، وسط صدمة ودهشة جماهيره، بعيدًا عن كل ذلك، علينا أن نقف أمام أنفسنا ونتساءل لماذا حدث ما حدث؟ وهل كان بالإمكان أفضل مما كان؟، ينبغي أن نمارس لعبة الأسئلة مع أنفسنا حتى نزيل عن أعيننا غبش الحيرة وضبابيتها.

علينا الآن وبدون إبطاء أو تأن، العمل على تقييم المرحلة السابقة وما مررنا به من منعرجات على الجانبين الفني والإداري، للخروج برؤية واضحة تجعلنا نتلافى الأخطاء والهنات التي وقعنا فيها صغيرها وكبيرها؛ لأن خروجنا من الدور الأول في البطولة الحالية ليس نتيجة تواضع قدرات منتخبنا مقارنة مع بقية منتخبات مجموعته، أو نتاج الحظ العاثر- علما أننا أكثر فريق وقف الحظ بجانبه في هذه البطولة- بل هو نتيجة سوء تقدير في اتخاذ بعض القرارات أو التعامل مع بعض المواقف سواء تلك المتعلقة بالجانب الفني أو المتعلقة بالجانب الإداري.

إن محاولة تغيير بيئة عمل تتسم بقدرتها على تحقيق الأهداف المنوطة بها لمجرد ظهور بعض جوانب القصور أو عدم التناغم مع البيئة الأم التي تعمل تحت مظلتها دون دراسة متأنية للعواقب يعد عملا متهورًا، ويجافي منطق الخطأ والصواب، خاصة عندما لا نحسن اختيار وقت التغيير.

فاستقالة رئيس لجنة المنتخبات، ومن ثمّ إلغاء اللجنة في التوقيت الذي تم فيه ذلك، كانا أمرين خاطئين للغاية، فما كان على رئيس لجنة المنتخبات ترك الفريق في هذه الفترة الحرجة – مع احترامنا لدوافع هذا القرار- وما كان على رئيس الاتحاد قبول هذا الأمر.

فجميعنا يدرك مدى تأثير التغيير في هذا التوقيت على استقرار المنتخبات ونتائجها، لأن التغيير يحتاج للوقت حتى يحدث تأثيره الإيجابي إن كان هدفه التصحيح، ونحن لم يكن لدينا هذا الوقت، ما حدث لم يكن صوابًا أبدًا، وبدأنا نتجرع نتائجه على مستوى منتخباتنا المختلفة (شاطئية، شباب، أول) وهي منتخبات كانت جماهيرنا تعول عليها كثيرًا لاسيما الأول والشباب.

لا شك لدينا، أن رئيس الاتحاد ينشد الأفضل لكرتنا العمانية التي يقف فوق قمة هرمها، وأن النتائج السلبية قد تلتف حول عنقه دون البقية، في حين يتشارك الجميع التنعم بدفء النتائج الإيجابية وما تجلبه من ردود فعل رائعة، لكن استمرار الوضع على ما هو عليه الآن سيقودنا لهاوية الأخطاء الإدارية والنتائج المتواضعة التي ستنعكس آثارها السلبية على الكرة العمانية ما لم يتم تدارك الأمر.

علينا ألا نسقط اختلافاتنا أو خلافاتنا -إن وجدت- على مصلحة عملنا، فنقصي هذا ونقرب ذاك بناء على ما يمثلونه لنا وليس بناء على ما يمثلونه لمصلحة العمل؛ فهذا شرك خطير وهاوية تقود إلى الإخفاق والفشل ينبغي نتجنب الوقوع فيها، علينا أن نتسم في عالم الإدارة الرياضية بالبرجماتية فأينما تكون مصلحتنا نكون، وبالتالي يتساوى لدينا الحبيب والعدو؛ فقرب أي منهما لنا مرهون بما يقدمانه من فائدة تخدم أهدافنا.

علينا عندما يتعلق الأمر بالعمل لاسيما ذاك الذي نمثل فيه الجموع وليس أنفسنا، أن نتحلى بالتواضع والحذر من غلبة الأنا ونرجسيتها حتى لا نقع في مغبة المتمصلحين وحبائلهم الناعمة التي تقودنا إلى حتفنا المهني، على إدارة الاتحاد ألا تتجاوز الخروج المبكر من خليجي 24 في الدوحة والتصفيات الآسيوية لفئة الشباب التي استضفناها في السلطنة دون عمل مراجعة دقيقة لكل ما حدث، علينا طرح الأسئلة المناسبة، قبل تعليق الإخفاقات على شماعة المدربين، وهي كثيرة جدا؛ لكن للأسف تعودت إداراتنا المتعاقبة على تجاهلها هربا من لفح إجاباتها، وهو الأمر الذي نرجو ألا يتكرر مع هذه الإدارة، خاصة وأننا في خضم معترك مهم للغاية قد يقود الكرة العمانية لتحقيق حلم الظهور في كأس العالم لأول مرة في تاريخها، مما يتطلب المزيد من التجرد ونكران الذات، بدل هذه الصراعات المتوارية خلف الابتسامات والأحضان غير الصادقة.

ينبغي أن نعي أن مصلحة الوطن أولا وثانياً وثالثا وما عداها دخان أسود ينبغي ألا يعلق في ثوب وطنيتنا ناصع البياض.

أخيرا فإن الحملة التي يشنها البعض على مدير المنتخب ومساعد المدرب أمر ينافي المنطق وفيه تجن؛ فلم نشهد من الأول أية أخطاء إدارية تستوجب ذلك ولا من اللاعبين تجاوزات يمكن أن نربطها بعمله معهم، كما أن الثاني هو مجرد مساعد للمدرب ويتحرك في حدود المساحة الممنوحة له، وطالما مدرب المنتخب منحه الثقة لفعل هذا أو ذاك فهذه أمور يتحملها المدرب وليس مساعده؛ الذي يقول المنطق السليم إنه شخص جيد، والدليل على ذلك إصرار أغلب المدربين الذين تولوا قيادة المنتخب على استمراره معهم.

قبل إطلاق الأحكام وتوجيه التهم، علينا التحري والاقتراب من المشهد لرؤيته بوضوح لتكوين رأي صحيح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى