مدرب ينشف الريق ..!

كتب- محمد العولقي

يقال – والعهدة دائما على الراوي – إن تكلفة مدرب منتخب عمان آروين كومان تناهز الربع مليون دولار سنويا، بعض الدولارات فوق هذا المبلغ أو تحته لن تغير من حجم العقد المبرم مع هذا المدرب (ابن المحظوظة) ..

لا علاقة للأمر بعين الحسود التي فيها عود، ففي الواقع أن كومان ابن حلال، حبوب وطيب ويستاهل هذا المبلغ وفوقه بوسه كمان ..

ومع ذلك لا بأس من استخدام الآلة الحاسبة عند إضافة مكافآت الفوز والنثريات الأخرى الباهظة التي تجعل من كومان مدربا فوق مستوى النقد، وفوق مستوى كل الفنيين في عمان ..

كومان لا يكتفي بتحليل راتبه الكبير بمعجزاته التدريبية التي ترفع الضغط فحسب، بل إن الرجل فنان في التنظير، وأستاذ كبير في أساليب حرق أعصاب الجماهير العمانية، وخبير في تصدير السكر إلى دم كل مشجع عماني (شوفوا على حلاوة )..

ويبدو أن للاتحاد العماني بعد نظر وحبا للخير، فهو بالإضافة إلى أنه أنقذ كومان من البطالة، فقد قرر في لحظة عاطفية رفع سقف راتبه من بيت مال البلاد والعباد، نظير طريقته المدهشة في تدمير منتخب عمان تدميرا ممنهجا ..

والاتحاد العماني بهذا المبلغ الضخم الذي يدخل رصيد كومان سنويا، له فلسفة خاصة على أساس أنه من أنصار مدرسة (الذي معه مليون دولار محيره يجيب كومان ويطيره) ..

الواقع أيضا أن أسلوب التنظير الذي يمارسه كومان عمال على بطال، في وقت تتعاطى فيه اللجنة الفنية شعار بوذا، لا أرى .. لا أسمع .. لا أتكلم، قد أغرى جهات أخرى في اتحاد الكرة، بدليل أن كومان ينتقد دوري المحترفين (عمانتل)، ويقلل من مخرجاته، ويستهين بكل خبراء اللعبة، ويقيم كل لاعب على أساس عاطفي وليس منطقي، ومع ذلك لا يجد من يقول له : من فضلك أيها الهولندي المفلس فنيا وتكتيكيا قف عند حدك، ركز في عملك مع المنتخب، ودع الخلق للخالق ..

قلت ذات مرة وفي هذه المساحة : منتخب عمان يتوافر على مجموعة جيدة من اللاعبين المهاريين بالفطرة، يمكن تشكيلهم وتطويعهم وصهرهم في بناء فني و تكتيكي يراعي خصال كل لاعب بكل يسر وسهولة، وليسوا بحاجة إلى مدرب ثرثار متعال يبيع الوهم في سوق التدريب ..

منتخب عمان مع كومان بلا هوية واضحة، وبلا نظام لعب متكامل يكون في خدمة مواهب ومهارات اللاعبين، التركيبة الفنية مع كومان غائبة، وإن وجدت أحيانا فهي عشوائية تكشف كل عيوب نظام اللعب المترهل ..

تابعت المنتخب العماني في التصفيات المزدوجة من باب الفضول، كان يفوز بطلوع الروح وبدعاء الوالدين، ومع كل فوز صغير غير مقنع تصنع فرديات بعض اللاعبين الفارق، وليس كومان طبعا، كانت المؤشرات توحي بأن منتخب عمان مع كومان متوفى إكلينيكيا ..

نعم، شكلت بعض التجليات الفردية طوقا للمدرب الذي يحظى كما قلت بتعاطف كبير من اتحاد الكرة، لكن بطولة كأس الخليج عرت كومان من كل أوراق التوت، وفضحته على الهواء مباشرة ..

عيوب منتخب عمان التكتيكية مثل زبد البحر، كان يراها كل فني يفهم في الحذق التدريبي، ولم أتنازل قيد أنملة عن قناعاتي التي أوشيت بها لزميلي الأستاذ حسن : منتخب عمان قادم على كارثة، لأن كومان الأكثر برودة من الإنجليز أنفسهم يلعب بالنار، عنيد، يضع في أذنيه طينا وعجينا، ولا يستمع أو يصغي لأي طرح فني ..

كرة القدم فيها الخسارة المؤلمة، وفيها التعادل بطعم الحنظل، وفيها الفوز غير المستحق، لا مشكلة في ذلك، لكن المشكلة أن منتخب عمان كان ضائعا، بلا انضباط تكتيكي .. بلا روابط فنية .. وبلا هوية لعب، غابت الجمل التي تحمل الحيل التكتيكية، وغابت شراسة رد الفعل، وغاب التشكيل المثالي الذي يراعي خصوصية المرونة التكتيكية، فقط شاهدنا منتخبا ناعما، متباعد الخطوط، مفكك نفسيا، ولياقة لاعبيه البدنية والنفسية في الحضيض، ركض ارتجالي، وغيبوبة في الحلول الجماعية ..

لا يمكن تعليق مشكلة منتخب عمان على شماعة عدم توظيف اللاعبين داخل منظومة فنية وتكتيكية فقط، لكنها تكمن في كومان نفسه، وفي هذا السكوت المريب من قبل اللجنة الفنية، وفي لامبالاة اتحاد الكرة مع مدرب يجيد التمثيل والتنكيل بمنتخب عمان، دون تدخل ولو من باب النصيحة ..

وعذرا لأنني حشرت أنفي الأفطس ورأسي الأطلس في شان عماني بحت، لكن عذري أنني أبدي رأيي دون إفساد للود والقضية حبا في الكرة العمانية، مع تمنياتي ألا يأخذ البعض على خاطره من طرحي الساخر المؤلم، وآخر قولي مثلما قلت أولا : منتخب عمان مع المدرب كومان ينشف الريق ..!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى