رينار في خليجي 24.. المرونة التكتيكية كما يجب أن تكون

تحليل- أحمد مختار

لم يكن المنتخب السعودي هو الأفضل أمام شقيقه القطري، في نصف نهائي خليجي 24، لكنه عرف من أين تؤكل الكتف بقيادة الفرنسي هيرفي رينار، الرجل الذي أثبت نفسه سريعاً مع الأخضر، سواء في التصفيات الآسيوية مؤخراً أو خلال البطولة الخليجية حالياً..

ليؤكد بأن نجاحه مع أسود الأطلس لم يكن وليد الصدفة، ويثبت مرة أخرى أنه مدرب متخصص مع المنتخبات، ولديه خبرات عريضة في التألق خلال المحامل القارية والدولية على حد سواء.

رينارد، مدرب المنتخب السعودي، مواجهة السعودية قطر، خليجي 24

يشبه رينار حال ذلك الفتى الذي لا يعرف طريق النجاح في بلاده، فيهجرها على أمل اكتشاف نفسه في مكان بعيد، وبعد أن يتذوق هذا الشرف المنشود، يحاول مرة أخرى العودة من حيث أتى، حتى يرضي غروره ويعيد تلك الحالة المميزة أمام المقربين منه، لكنه سرعان ما يواجه نفس العقبات، ليقرر الهروب مرة أخرى إلى الطريق الذي آمنه وآمن بموهبته.

النجاح ليس في النتائج بقدر عملية الأداء، ورينارد نجح بامتياز في اكتشاف خبايا القارة الأفريقية، ومعرفة الأدوات التي تساعده على الاستفادة القصوى من نقاط القوة ومواطن الضعف على حد سواء، لكنه ظهر ضعيفا مشتتا خلال تجربتي سوشو وليل، لدرجة تقديم هذه الفريق مستوى سيئ بعيدا عن النتائج الكارثية، ويبدو الفرنسي من نوعية المدربين الذين يريدون وقتا طويلا للإعداد والتجهيز، لذلك تناسبه أكثر فكرة تدريب المنتخبات أكثر من الأندية.

رينار مدرب يعرف كيف يواجه الكبار، لديه القدرة على الحيازة تحت الضغط، التحولات السريعة، الدفاع من الثبات، وخلق الفرص من الأطراف والعمق، لذلك تلعب فرقه بشكل أفضل عندما يصلون إلى أعلى درجات التركيز.

رينار بقميص المنتخب المغربي

امتاز الفريق المغربي مع رينار في وقت سابق بتنوع مصادر الخطورة، مجموعة تجيد لعب الكرات الثابتة من بعيد كفجر، مع قدرة على امتلاك الهواء بالرأسيات مثل سايس وبوهدوز، بالإضافة إلى الاحتفاظ بالكرة تحت ضغط عن طريق لاعبي الوسط.

يضغط نجوم الأطلس في نصف ملعب خصومهم، يجبروهم على رمي الكرات الطولية التي تصل إلى رأس المدافعين بقيادة بنعطية ورفاقه، بينما يقوم الثنائي بوصوفة والأحمدي بالصعود المستمر في محاولة واضحة لكسر الهجمة قبل أن تصل مناطق فريقهم..

أما فجر فيتواجد باستمرار على الأطراف عند صعود الأظهرة، ليؤدي زميله النصيري دور المراوغ الرائع والمصدر الرئيسي للحصول على المخالفات بالقرب من منطقة الجزاء. حدث ذلك بوضوح أثناء بطولة أفريقيا 2017.

بعد ذلك لعبت المغرب بطريقة هجومية، سواء في بطولة أفريقيا الأخيرة 2019 بمصر، أو أثناء تصفيات كأس العالم 2018، بعد تقديم مونديال جيد رغم صعوبة المجموعة التي ضمت إسبانيا والبرتغال وإيران، ليلعب أسود الأطلس بطريقة هجومية واضحة، ويصنع لاعبوه عددا كبيرا من الفرص.

لا عجب أبدا من هذا المزج الغريب بين أكثر من استراتيجية في المباراة الواحدة، لأن رينارد نفسه يرى جوزيه مورينيو أفضل مدرب ممكن ويفضل طريقته كثيرا، وفي نفس الوقت يثني على فلسفة برشلونة ويستمتع بمبارياتهم في أوقات فراغه، إنه رجل براجماتي إلى أقصى درجة، يفضل دائما وضع الموهبة الفردية داخل أكثر من إطار، كما يفعل حاليا مع أسود الشمال الأفريقي، الفريق صاحب الألف وجه.

رينارد

مع الأخضر بالفترة الحالية، يلعب المنتخب بأكثر من إستراتيجية، فالسعودية واجهت البحرين وعمان بطريقة هجومية واضحة، مع وضع ثلاثي صريح في منطقة الوسط، أمامهم ثنائي من الأطراف ورأس حربة صريح، ليراهن الفرنسي على رسم 4-3-3 دون تغيير، مستفيدا من نجاح الهلال آسيوياً مؤخراً.

تألق سلمان الفرج في المنتصف، وأبدع سالم الدوسري وهتان باهبري على الأطراف، مع فتح الأطراف بثنائية سلطان الغنام وياسر الشهراني، وتأمين كل ذلك بثنائية عطيف ومحمد كنو في منطقة الارتكاز، مما جعل الأخضر يتفوق على منافسيه ويقدم مباريات رائعة في مرحلة المجموعات، رغم الخسارة أمام الكويت في الافتتاحية.

قطر والسعودية، نصف نهائي خليجي 24

أمام قطر، أدرك الفرنسي أن فريقه لن يكون بمقدوره اللعب بنفس النسق الهجومي، خاصة مع غياب الثنائي سلمان الفرج والدوسري بسبب الإصابة، مما جعله يحافظ على نفس الخطة 4-3-3، لكن مع تأمين دفاعي أكبر بدخول المالكي إلى الوسط رفقة الثنائي عطيف وكنو، مع ترك الشق الهجومي بين أقدام البريكان، نواف العابد، والحمدان.

لعبت السعودية أمام منظم البطولة بطريقة دفاعية واضحة، وأظهر رينار وجهه الآخر الخاص بالتأمين الخلفي، ليغلق مناطقه جيداً ويقلل الفراغات في وبين الخطوط، مع الاعتماد فقط على المرتدات والتحولات السريعة، لينقذه حارسه ودفاعه في بعض المحاولات، ويصل هجومه إلى المرمى ليسجل هدف الفوز الوحيد، ويصعد بالفريق إلى النهائي أمام البحرين، خلال بطولة أثبت خلالها المدير الفني الفرنسي أنه رجل مرن خططياً، ولديه المقومات للنجاح في قادم المواعيد، بصرف النظر عن نتيجة المباراة النهائية في خليجي 24.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى