كيف تعلم أرتيتا طريقة جوارديولا في مانشتسر سيتي؟

تقرير- محمد يوسف

بقي ميكل أرتيتا وبيب جوارديولا على اتصال دائم منذ أن تقابلا كلاعبين في برشلونة، كما أن أرتيتا كان يقطن في ذات الحي الذي عاش به شقيق بيب، عندما كان يعيش في لندن كلاعب مع نادي أرسنال.

عندما كان برشلونة على وشك مواجهة تشيلسي في دوري أبطال أوروبا عام 2012، رفع جوارديولا سماعة الهاتف لمعرفة رأي صديقه القديم حول خصمهم القادم؛ أُعجب بيب بتحليل أرتيتا لأداء تشيلسي، وقرر أن يطلب مشورته أكثر في المستقبل.

وفي موسم 2015-16 التقى بايرن ميونيخ بالأرسنال في دوري الأبطال، وحصل أرتيتا على فرصة للتحدث مع بيب في منطقة اللاعبين بعد المباراة. يذكر أرتيتا:

«لقد كان حواراً شيّقاً، وفي نهايته أخبرني بيب أنه يريد العمل معي إذا انتقل للتدريب في إنجلترا. لذلك عندما تقاعدت كلاعب، اتصلت به وأخبرته هل ما زالت الوظيفة متاحة؟».

أرتيتا بجانب جوارديولا مع مانشتسر سيتي

في المان سيتي، كان يعمل أرتيتا مع اللاعبين عن قرب، يساعدهم على استيعاب المفاهيم الأساسية، أو إعطائهم التوجيهات اللازمة لتحسين وتطوير أدائهم.

ويوضح أرتيتا: «من المهم أن تتواصل الإدارة الفنية مع اللاعبين، وبيب لا يملك الوقت الكافي لقضاء بعض الوقت مع 24 لاعب كل يوم. من المهم أن يشعروا بقدرتهم على الحديث معنا، ومعرفة ما الذي يحتاجوا إلى تطويره باستمرار».

امتلك مكتبه الصغير ثلاثة جدران من الزجاج، والتي أمكن رؤيته من خلالها في أحيان كثيرة جالساً على طاولة الاجتماعات مع أحد اللاعبين، أو يشرح على الشاشة التي تعمل باللمس مُفسّراً بعض التكتيكات أو الكرات الثابتة مع المجموعة.

وقد قضى معظم نجوم السيتي وقتهم في هذا المكتب على مدى السنوات الثلاث الماضية.

15 دقيقة فحسب!

كان أرتيتا يسير على منحنى تعلّم تصاعدي منذ انضمامه إلى فريق عمل بيب جوارديولا في السيتي في يوليو عام 2016، مباشرةً بعد اعتزاله كلاعب.

يذكر أرتيتا: «كنت مفتوناً منذ البداية بأخلاقيات العمل لدى بيب، وبقدرته على نقل أفكاره إلى اللاعبين وإقناعهم بأنهم ذاهبون إلى العمل. من المذهل أن ترى كيف يُبسّط بيب حتى أكثر الأمور تعقيداً بحيث تظهر واضحة وسهلة للجميع. من الصعب جداً الوصول إلى عقل لاعب كرة القدم كما يفعل جوارديولا».

يكمل أرتيتا حديثه عن بيب: «في اليوم الأول لتولى بيب مهمة التدريب، جمع لاعبي الفريق بأكمله على أرض الملعب وأخبرهم: «مانشستر سيتي يفعل ذلك عندما يملك الكرة، ويفعل هذا عندما لا يملك الكرة».

فهم الجميع بالضبط كيف سنلعب، لم يكن الأمر قابلاً للتفاوض. استمر هذا الحديث لمدة 15 دقيقة، ولكن في تلك الدقائق وُلد السيتي من جديد. عرف كل شخص ما هو المطلوب منه منذ ذلك الحين».

يوضح بيب أنه في بعض الأحيان عليهم أن يتكيفوا مع المباراة: «سوف نُجري بعض التغييرات هنا وهناك اعتماداً على كيف يهاجم ويدافع خصومنا، لكن أسلوب لعبنا الأساسي سيظل كما شرحته بالضبط».

يضيف أرتيتا: «كنا جميعاً قد شاهدنا كيف لعب برشلونة وبايرن تحت قيادته، أصر بيب على أن هذه الفلسفة سوف تستمر في السيتي أيضاً. عرض بعض اللقطات على اللاعبين واستمر في الحديث عن أفكاره. كان واضحاً أنه لا مجال للعودة، عرفنا كيف سيظهر مانشستر سيتي تحت قيادة بيب جوارديولا، كان كل ما احتاجه الأمر هو 15 دقيقة فحسب!».

دور أرتيتا في الجهاز الفني للسيتي

بالرغم من أن أرتيتا عمل بشكل وثيق مع كثير من اللاعبين، إلا أنه امتلك تأثيرا خاصا على الألماني ليروي سانيه.

يذكر أرتيتا: «كان ليروي مجرد طفل، في ناد آخر، حيث تشعر بكل ما هو غريب وجديد. كان لي تجربة مماثلة عندما انتقلت إلى باريس سان جيرمان، لذلك كان لدي فكرة عمّا واجهه ساني. كل ما عليك فعله هو المُضي قُدماً، لكنه ليس بالأمر السهل، كما تحتاج معرفة أن الجهاز الفني للفريق يدعمك باستمرار”.

يتابع:«كل شيء مختلف: أساليب التدريب، الحاجة إلى اللعب في مساحات أضيق بكثير مما سبق، مباريات أسرع بكثير مع عدم وجود مساحات تجري بها، لذا كان ليروي يعاني في البداية».

كانت الأولوية لدى أرتيتا أن يُطمئن ساني، ويخبره عن ثقته وثقة الجهاز الفني في أدائه. يضيف أرتيتا: «اعتقدت أنه سيشعر قليلاً بالضياع، وهو ما يجعلك دائما تشعر بعدم الأمان، ولا سيما في هذه السن الصغيرة، لذا أردنا تعزيز ثقته بنفسه. عرضنا عليه كثير من أشرطة الفيديو، حتى نتمكن من الإشارة إلى حيث تتواجد المساحات في الملعب، وما هي الخيارات المتاحة لديه، والأخطاء التي كان يقع بها، وكيف يمكنه زيادة كثافته الهجومية».

يتابع أرتيتا: «هذا هو دوري هنا في الجهاز الفني: البحث عمّا هو مفقود في أداء اللاعب؛ إذا تمكنت من رصد شيء ما، فلا داعٍ للانتظار حتى يخبرني به اللاعب، ربما قد يستغرق ثلاثة أشهر لمعرفته، وأن يأتي لمدربه ليتحدث عنه، فالإشارة دائماً إلى نقاط ضعفك الخاصة ليس بالأمر السهل أبداً. ما نقوم به هو أننا نخلق مساحة آمنة حتى يشعر اللاعبون بالراحة حول مشاركتنا والحديث معنا، وبهذه الطريقة يمكننا منحهم الأدوات اللازمة ليقوموا بالتطويرات التي يحتاجونها في أدائهم».

ثقة جوارديولا بـ أرتيتا

أظهر بيب جوارديولا لـ أرتيتا نفس المستوى من الثقة عندما وصل إلى الجهاز الفني للسيتي. كان قد انضم أرتيتا إلى جهاز فني كان بالفعل وحدة مترابطة، ولكنه شعر على الفور بأنه مساعد موثوق به.

دعاه بيب إلى مكتبه في أول موسم له، قبل مباراة على ملعبهم ضد أرسنال. أخبره بيب حينها: «أنت المسؤول عن هذه المباراة. أنت أكثر من قادر على قيادة الفريق خلال المباراة. الأمر يعود إليك، افعل ما تراه الأفضل».

بيب يتذكر هذه المباراة جيداً: «لقد كان يعرف أرتيتا فريق الأرسنال أفضل بكثير مما كنت أعرفه أنا، فقد توقف عن اللعب معهم قبل شهرين فقط. كان يعرف ما يمكن توقعه من أرسين فينجر، ولم أملك حقاً أي شكوك حول تكليفه بإدارة المباراة؛ لذلك تحدثت مع اللاعبين وأخبرتهم أن أرتيتا هو المسؤول هذا الأسبوع، أعتقد أنهم ربما تفاجؤوا قليلاً في البداية، ولكنه كان الشيء المنطقي نظراً لخبرة ميكل مع خصمنا».

بينما يتذكر أرتيتا: «أنا لست أحمقاً، لذلك كنت قد أعددت للمباراة سابقاً، كنت قد توقعت أن يسألني بيب عن رأيي فيها، لذلك أخبرته كيف أرى ما سيحدث: هذا هو ما سوف يفعلونه، لذلك كنت سأخطط للعب مثل هذا. كان يحب أفكاري واخترنا اللعب بخطتي. والنتيجة؟ فوز بنتيجة هدفين لواحد، بهدف حاسم من رحيم ستيرلنج».

يضيف أرتيتا في النهاية: «كلاعب كنت تتبع الأوامر فحسب، ولكن تتغير وجهة نظرك عندما تدخل إلى مجال التدريب. يمكنك ملاحظة كيف تعمل التكتيكات التي خططت لها بالفعل من الداخل. وحينها ترى الأشياء التي لم تكن لترصدها بطريقة أخرى».

*مقتطف من كتاب Pep’s City: The Making of a Superteam

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى