ستيفان دي فري.. الليبرو على الطريقة الحديثة

تحليل- أحمد مختار

بالعودة إلى مونديال 1986 في المكسيك، انتشر اللعب بثلاثة مدافعين وخماسي في الوسط وثنائي هجومي. وفاز المنتخب الأرجنتيني باللقب تحت قيادة المدرب كارلوس بيلاردو، الطبيب الذي هاجمته الصحافة وقتها، لكنه رد قائلاً، من الصعب أن تلاعب الأوروبيين بمهاجم واحد، بالإضافة إلى تمركز لاعب إضافي بالمنتصف، أمر يعطي الحرية الكاملة لدييجو أرماندو مارادونا في الهجوم تحولت خطة 4-3-1-2 إلى 3-5-2 أو 3-5-1-1.

كونتي مدرب إنتر ميلان

يعتقد متخصصو التكتيك بأن 3-5-2 تعتبر خطة بديلة خلال السنوات الأخيرة، وأنها لا تعدو كونها مجرد “Plan B”، يستخدمها المدربون في بعض المباريات، ويتم اللعب بها في ظروف معينة فقط، نتيجة نقص تواجد الأجنحة في التشكيلة، أو الرغبة في إضافة عنصر إضافي اثناء الحالات الدفاعية. الأسباب عديدة وراء ذلك، أهمهما صعوبة إدارة خصائص الفرد، لأن اللعبة صارت أكثر تعقيداً. هناك أكثر من لاعب في كل مركز، وكل مركز في التكتيك له واجباته وأهميته، وبالتالي فكرة تغطية الهجوم والدفاع علي الأطراف بلاعب واحد فقط أصبحت صعبة للغاية أمام فرق تلعب بأكثر من إسم على الأطراف، لذلك لا تلعب معظم الفرق والمنتخبات الكبيرة بهذه الخطة على المدى البعيد.

فقط المكسيك هي الاستثناء على مستوى المنتخبات، لأن منتخب القبعات يُصر على النجاح بهذه الطريقة، والغريب أن كل المدربين الذين أشرفوا على تدريبه بالسنوات الأخيرة استخدموا نفس الرسم الخططي، والأغرب أن معظم النتائج كانت رائعة، سواء في بطولات المونديال، أو مسابقات أميركا الشمالية، لترتبط المكسيك بـ 3-5-2. أما على مستوى الفرق فإن أنطونيو كونتي هو أستاذ هذا الرسم، أينما حل وارتحل، ليراهن عليه من جديد خلال مغامرته الحالية مع إنتر ميلان.

يقدم إنتر مع كونتي مستوى جيد حتى الآن، مع شهرة واسعة للثنائي الهجومي لاوتارو مارتينيز وروميلو لوكاكو، بالإضافة إلى الوافدين الجدد مثل دييجو جودين وستيفانو سينسي وباريلا، دون نسيان ميلان سكرينيار، أحد أفضل مدافعي العالم في الوقت الحالي، لكن ماذا عن الهولندي المنسي دائماً وأبداً؟ ستيفان دي فري، حجر الأساس في تشكيلة إنتر كونتي، وقبله مع سباليتي، وقبل ذلك أيام لاتسيو تحت قيادة سيموني إنزاجي. هذا المدافع يحتاج إلى التقدير هو الآخر.

إنتر ميلان

في تقرير فني عن إنتر، قال موقع “كالتشيو ميركاتو” :”ينتظر النادي الآن التعزيزات المطلوبة بصوت عالٍ في السوق. هناك القليل من الحديث عن تدعيمات في خط الدفاع فقط. خط خلفي مكون من ثلاثة لاعبين يبذل قصارى جهده في الدوري، الأول هو بالتأكيد دييغو جودين، الذي وصل في الصيف من أتليتكو، ويعتبر أحد أفضل مدافعي العالم رغم كبر سنه وقلة حركته قياساً بالسابق. الثاني هو سكرينيار، اللاعب المطلوب بشدة من مختلف الفرق، لكن مستواه انخفض بعض الشيء وزادت أخطاؤه قياساً بعام 2018 المثالي بالنسبة له.

في الواقع، فإن المدافع الثالث ستيفان دي فري هو الأميز في الخط الخلفي هذا الموسم، الذي نما بشكل لا يصدق على حد سواء كقائد دفاعي وكلاعب حر، نصف ليبرو ونصف لاعب وسط إضافي، على مقربة من مارسيلو بروزوفيتش. الهولندي صبح محوراً لا يستطيع كونتي الاستغناء عنه، سواء في الشق الدفاعي أو حتى الهجومي، خلال مباريات الكالتشيو ومرحلة المجموعات أوروبياً.

من الطبيعي أن يحب كونتي لاعبه دي فري، خاصة أنه خريج نفس المدرسة التكتيكية تقريباً، فاللاعب الهولندي تألق في ملاعب إيطاليا أولاً مع لاتسيو تحت قيادة سيموني إنزاجي، الرجل الذي لديه اختلافات عديدة بالطبع مع كونتي، لكنهما يتفقان في اتباعهما نهج 3-5-2 ومشتقاته، مع ميلهما باستمرار إلى التأمين الخلفي واستخدام ثلاثي الدفاع في البناء والتمرير والصناعة، وحتى التسجيل إذا لزم الأمر، لذلك يراهنون باستمرار على نوعية تجمع بين المهارات الدفاعية المعروفة كالعرقلة والافتكاك والضربات الرأسية، لكن جنباً لجنب مع القدرة على لعب الكرات الطولية والميل إلى الصعود نحو المنتصف عندما تحن الفرصة، لذلك يقدرون المدافع الثالث أو ما يعرف بالـ “ثيرد باك”، وفي رواية أكثر وضوحاً، ستيفان دي فري.

إتتر ميلان

هجومياً، يستخدم كونتي تكتيك قريب من كرة السلة، بمعنى أنه يستغل لاعبي وسطه في الحركة من دون كرة باستمرار، خصوصا باريلا الذي لا يتوقف عن الركض، لماذا يفعل ذلك؟ حتى يفتح الفراغ أمام حامل الكرة في الدفاع، الذي يشبه في كرة السلة صانع اللعب في المركز 1 أو البوينت جارد.

دي فري يقوم بهذا الدور، يستلم بحرية ويصعد بسهولة، وتكون هناك قناة اتصال مفتوحة بينه وبين الهجوم مباشرة، لأن خط الوسط صحيح أنه لا يبني ولا يمرر ولا يستلم، لكنه يحجز ويفتح الفراغ أمام القادمين من الخلف. الهولندي يمرر إلى لوكاكو مباشرة، الذي يستلم ويدور ويسدد في المرمى. في كرة أخرى، يمرر إلى لاوتارو مارتينيز، الذي يحصل على الفراغ بسبب انشغال دفاعات الخصم بزميله لوكاكو. هنا الأرجنتيني قريب من المركز 4 بالسلة أيضاً، الباور فورورد، لاعب أيضا قوي جسمانيا، يتمركز على الطرف قليلا ويقطع في العمق، بينما زميلهما قلب الدفاع بمثابة صانع اللعب في التشكيلة.

دفاعياً، يتحول دي فري إلى ما يشبه “الليبرو”، مدافع إضافي أمام الحارس وبين قلبي الدفاع، يغطي باستمرار خلفهما ويصعد خطوات ليكون أشبه بلاعب الارتكاز الإضافي، حتى يساهم في إغلاق منطقة العمق أمام هجمات المنافسين، بالإضافة إلى ضبط التحولات أثناء الارتداد من الأمام إلى الخلف من دون الكرة.

رقمياً، دي فري لديه معدل 2 عرقلة، 2.5 افتكاك، 4 تشتيت بالمباراة الواحدة، مع 1 هدف و4 أسيست في كل المسابقات هذا الموسم، مما يعني أهميته دفاعاً وهجوماً لإنتر ومدربه أنطونيو كونتي حتى الآن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى