هل يستفيد جوارديولا من خسارة الدوري في الابتكار من جديد؟

تحليل- محمد يوسف

طوال مسيرته التدريبية، كان بيب جوارديولا يضع حلولاً استباقية للمشكلات التي واجهته، هو ليس من النوع الذي يجلس وينتظر ردة الفعل، بل يبادر دائماً بالفعل ويتمنى الأفضل. مع الإقرار بالتأكيد أن مشاكل هذا الموسم، والتي كان له يد فيها، هي السبب الرئيسي في اقتراب خسارته لقب بطولة الدوري الممتاز.

ومع ذلك، هناك أمثلة أكثر مما يمكن حصره، سواءً مع برشلونة أو البايرن أو حتى ناديه الحالي مان سيتي، على هذه العقلية الاستباقية (Proactive mindset)، وربما المثال الأخير الواضح، كان خلال آخر مباريات الفريق في بطولة الدوري أمام شيفلد يونايتد، ثم إيفرتون، وفي مباراة الذهاب لنصف نهائي كأس الرابطة الإنجليزية أمام الجار مانشستر يونايتد.

يعاني فريقه حتى الآن هذا الموسم، ويجد نفسه وراء المتصدر ليفربول بفارق مريح من النقاط، والذي يعني بالتأكيد ضياع فرص المنافسة والحفاظ على اللقب، ولكن هنا تأتي الفائدة، حيث ينتهي الضغط في الدوري الممتاز، وقد يجد جوارديولا حرية أكثر لمزيد من التجارب والابتكار مع فريقه في مباريات الدوري، كما كان الحال في بايرن ميونيخ.

ولكن مع الفارق أنه في ألمانيا كان يتقدم بفارق مريح ويهيمن على جدول الترتيب، بحيث يمكن اختبار خطط وتكتيكات جديدة، ويمكنه تجربة عدّة لاعبين في أدوار مختلفة، وخلال هذا الموسم في إنجلترا، ليس لدى بيب ما يخسره حقاً، وقد يستفيد من هذه التجارب في الصراع القادم على بطولة دوري أبطال أوروبا.

حلول دفاعية غير تقليدية

كان جوارديولا يجرب بالفعل شيئاً مختلفاً قليلاً خلال الشوط الأول ضد شيفيلد يونايتد؛ بدا الأمر على الورق أن السيتي يلعب بشكله المعتاد بخطة 4-3-3، بتواجد رودري كلاعب محوري، وراء بيرناردو سيلفا وكيفن دي بروين، كلاعبين في مركز رقم 8 ولكن بمزيد من الحرية، لكن التغيير الطفيف الذي قام به بيب، كان في تقدم زينشينكو إلى منتصف الملعب بدلاً من ظهير أيسر، ورجوع كايل والكر من اليمين إلى الخلف ليشكل ثلاثيا دفاعيا عندما يملك الفريق الكرة.

زيادة عددية في وسط ملعب السيتي

وهذا أدى إلى ما يشبه أكثر الرسم الخططي 3-2-2-3 عند عملية الاستحواذ، مع نزول رحيم ستيرلينج ورياض محرز من حين لآخر إلى مراكز الجناح الخلفي Wing-back، قبل القيام بانطلاقات سريعة وراء الخط الخلفي لشيفلد، بالكرة وبدونها.

لم يتمكن السيتي من التسجيل في الشوط الأول، لذا أجرى جوارديولا بعض التغييرات في الشوط الثاني، والتي يمكن استخدامها بانتظام طوال ما تبقى من فترات الموسم.

تعلّقت هذه التغييرات أكثر بتغيير أدوار عدد من اللاعبين، بدلاً من التغيير من أربعة إلى ثلاثة مدافعين في الخلف، لأنه كان يستخدم بالفعل ثلاثة مدافعين عند الاستحواذ.

نزل رودري من الارتكاز إلى مركز قلب الدفاع، وتحول فرناندينيو إلى قلب دفاع أيمن RCB، الذي شغله سابقاً والكر، بينما بقي الشاب إريك جارسيا كقلب دفاع أيسر LCB، وفي المقابل أصبح دي بروين وبيرناردو أقل حرية.

سمح هذا لوالكر وزينشينكو باللعب وتوسيع طرفي الملعب كأجنحة، مع دخول ستيرلينج إلى المنتصف ليقدم الدعم لسيرجيو أجويرو، وتمركز محرز في المساحة خلفهما.

ليتحول الشكل عند الاستحواذ من 3-2-2-3 إلى 3-4-3، ولكن مع تقدم الظهيرين كأجنحة، ليهاجم في الشوط الأول بجناحين، وفي الشوط الثاني بظهيرين.

استمر بيب مع هذا النظام في المباراة التالية أمام إيفرتون على ملعب الاتحاد، التغيير الوحيد في تلك المباراة كان في تغيير الثلاثي الهجومي، مع نزول فيل فودن بجانب محرز، خلف جابريل جيسوس، بدلاً من ستيرلنج وأجويرو.

يستخدم جوارديولا الخمسة لاعبين، ثلاثة مدافعين واثنين من لاعبي خط الوسط، كما يظهر في الصورة، للخروج بالكرة إلى الأمام، قبل العثور على لاعبي الأطراف في المساحة الفارغة في مناطق متقدمة، حيث يمكنهم تشكيل تهديد حقيقي على المنافس.

خمسة لاعبين من السيتي في الوسط

الفريق الذي يبدو أنه يعاني في مركز قلب الدفاع، بعد إصابة طويلة للفرنسي لابورت، انتقل إلى حل المشكلة بإضافة قلب دفاع ثالث إلى خطهم الخلفي، قد تبدو أنها طريقة غريبة لمعالجة هذه المسألة، ولكنها تبدو ناجحة حتى الآن.

إضافة جارسيا عملت بشكل جيد، والتأمين الذي يحصل عليه الشاب الصغير من اللعب بجانب مدافعين آخرين سمح له بالاندماج مع الفريق، بأقل قدر من المخاطر.

ومع ذلك، فإن الإسباني كان مؤثراً جداً، ويبدو أكثر ثقة في هذا المركز مما كان عليه جون ستونز ونيكولاس أوتمندي في بعض الأحيان.

استخدام فرناندينيو ورودري في مركز قلب الدفاع يبدو أيضاً غير تقليدي، ولكن عندما يواجه بيب مشكلة، غالباً ما يأتي بحل غير تقليدي كذلك، ولكنه حل منطقي عندما تتوازى صفات لاعبيك مع الصفات اللازمة للقيام بهذه المهمة المطلوبة منهم.

مهاجم وهمي

يُرجع الكثيرين بدايات موضة استخدام المهاجم الوهمي، في العصر الحديث، إلى بارسا جوارديولا، عندما استخدم ليو ميسي أمام ريال مدريد في هذا المركز وفي السنتياجو برنابيو، وانتهت المباراة بستة أهداف مقابل هدفين، كان ميسي يلعب حراً في المنطقة الفارغة خارج منطقة جزاء الريال، أمام تشافي وانيستا، ولم يفهم مدافعو الريال ما الذي يحدث تحديداً!

وبشكل مشابه، استخدم جوارديولا ليو ميسي كمهاجم وهمي في نهائي دوري أبطال أوروبا عام 2011 أمام اليونايتد، وأربك ريو فرديناند ونيمانيا فيديتش، حيث لعب في نفس المساحة تقريباً، ولم يعرف المدافعون إن كان عليهم أن يتبعوه أم يظلوا في مناطقهم؟

وفي مباراة كأس الرابطة أمام اليونايتد، لم يلعب جوارديولا بمهاجم صريح، بل لعب هذه المرة بمهاجمين وهميين، كيفين دي بروين وبرناردو سيلفا، حيث كان شكل السيتي بدون الكرة أقرب إلى 4-4-2، وأثناء الاستحواذ يتحول إلى 4-2-4.

من خلال عدم وجود مهاجم صريح في الأمام، لعب رباعي السيتي في كل مكان في خط الهجوم، وسمح هذا لبرناردو بالتحرك في كل مكان حول الملعب بحرية، وتحرر ستيرلنج من رقابة وان بيساكا، الذي لم يستطع اللحاق به إلى المنتصف، ومثل خطورة كبيرة في منطقة جزاء اليونايتد، حتى أنه أضاع بضعة أهداف محققة.

ظهر عدم الفهم على دفاع وخط وسط اليونايتد باستمرار، ولم يعرفوا من المسؤول عن مراقبة من في الصورة التالية، كايل والكر يملك الكرة، لكن يبقى رياض محرز على الجناح، وهذا يجبر براندون ويليامز على البقاء على الطرف أيضاً، بينما فريد يمكنه الضغط على والكر، لكن بوجود كيفن دي بروين خلفه، عليه أن يكون حذراً من التمرير.

وفي لقطة مشابهة لهذه اللقطة، جاء الهدف الأول للسيتي بتسديدة برناردو سيلفا، بعدما ضغط فريد على والكر، تاركاً الحرية لبرناردو في مساحة خطيرة أمام منطقة الجزاء.

تمركز لاعبي هجوم السيتي أمام اليونايتد

قد لا يلجأ جوارديولا إلى هذه الحلول سواءً في الدفاع أو الهجوم، فيما تبقى من الموسم، لكن لن يكون مفاجئاً أن نراها مرة أخرى، وربما في لحظات حاسمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى