الرياضة العمانية نهضة متجددة

كتب- د/ سليمان البلوشي

لا شك أن الرياضة العمانية قد شهدت تطورات متتابعة في جوانب البنى الأساسية والتشريعية والخططية والهيكلية والرقابية والدعم المالي، وكذلك على مستوى النتائج المحققة طوال مرحلة نهضة بناء الدولة الحديثة التي قادها المغفور له بإذن الله جلالة السلطان قابوس بن سعيد طيب الله ثراه.

ولعله ليس خافيا على أحد أن تلك المرحلة قد سادها الاهتمام بالبناء والتشييد للمنشآت الرياضية في مختلف أرجاء الوطن رغبة من القيادة السياسية في توفير المكان الملائم لمختلف شرائح المجتمع ولاسيما الشباب منهم لإتاحة الفرص المناسبة لممارسة الأنشطة الرياضية والشبابية والمجتمعية لتحقيق مجموعة من الأهداف لعل أهمها؛ رفع معدلات الصحة الفردية بشقيها العضوي والنفسي، واستثمار أوقات الفراغ، وتنمية المهارات وصقلها، ودمج الأفراد اجتماعيا.

ولعل النقلة النوعية التي شهدتها الرياضة العمانية كانت عندما أقر مجلس الوزراء الموقر استراتيجية الرياضة العمانية عام 2009، والتي جاءت بعنوان طموح هو (نحو مجتمع رياضي)، مشتملة على ثلاثة عناصر رئيسية هي؛ “الرياضة للجميع، والارتقاء بمستوى المنتخبات الوطنية، ودور القطاع الرياضي للمشاركة الفاعلة في مسار التنمية الشاملة”. إلا أن الانتقادات لم تتوقف نحو الاستراتيجية المذكورة من عدة جوانب، من بينها أن القطاع لم يشهد تطورا نوعيا على مستوى ممارسة الرياضة الفردية بغرض الصحة، حيث إن المصابين بالأمراض غير المعدية في ازدياد مستمر، ولم تحقق السلطنة أية ميداليات أولمبية حتى الآن على مستوى المنتخبات الوطنية، ولم يستطع القطاع الرياضي حتى الآن تقديم نفسه كعنصر فاعل ومساهم في تحقيق التنمية المجتمعية، بالرغم من كل الجهود؛ ومع كل ذلك لايمكن الجزم بتوفر جميع المتطلبات اللازمة للقطاع الرياضي لتمكينه ودعمه للقيام بدوره المأمول في خدمة المجتمع.

وعلى الرغم من تطور مفهوم الرياضة وعلومها، وكذلك صلاتها بتحقيق الأمن الاجتماعي، ومساهماتها الاقتصادية من عدة جوانب، وبروزها كظاهرة كونية تسهم في تحقيق التنمية المستدامة، والقضاء على الفقر، وترسيخ مبدأ السلام العالمي، فإننا في السلطنة لم نلحظ الكثير من التفاعل في كيفية الاستفادة من الرياضة في عدة ملفات وطنية هامة، منها الملف الاقتصادي، وملف الصحة العامة للمجتمع كما تمت الإشارة سابقا.

ظلت الرياضة في السلطنة تمثل هاجساً وعبئا ثقيلا على صناع قرارات ميزانية الدولة، فهي مصرة إلى الآن على تقديم نفسها كعنصر يتطلب أموالا ضخمة تتزايد باستمرار، دون أن تعمل في المقابل على تقديم البراهين على مساهماتها في خدمة الدولة وخططها التنموية، لدرجة أن البعض يطلق عليها “محرقة المال العام”.

لذلك، المرحلة الحالية ربما تتطلب من القطاع الرياضي أن يستوعب حاجته لنهضة متجددة تساعده على الانتقال بشكل سلس لاحقا إلى العمل على تنفيذ رؤية عمان 2040، وقد يتمثل ذلك في إعادة صياغة نفسه ليكون قادرا على الإسهام اقتصاديا واجتماعيا وصحيا وتربويا بشكل واضح في مسيرة التنمية، ولعل ذلك يتأتى من خلال تغيير وتحديث بعض التشريعات والقوانين، لاسيما تلك التي مضت عليها عشرات السنوات دون مراجعة، كتشكيل الجمعيات العمومية للأندية الرياضية، وكذلك مراجعة القضايا والأسس والمفاهيم التي يعمل من خلالها القطاع، ومن ذلك التخطيط الرشيد لمواجهة الإدارة العشوائية وهدر الأموال وتشتيت الجهود، وتطبيق نظم الحوكمة لمواجهة التفرد في القرارات وغياب الشفافية والمحاسبة، والخصخصة في مواجهة رياضة النخبة وغيرها؛ كي يستطيع القطاع الرياضي إقناع صناع القرارات المالية في السلطنة بأهميته النوعيه وقدرته على الإسهام بشكل مباشر في مسارات التنمية.

فالتحديات التي تواجهها السلطنة نوعية ومتعددة وتستوجب من جميع القطاعات العمل بطرق غير تقليدية لمواجهتها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى