“منذ 30 سنة”.. البعض ينتظر مدى الحياة من أجل النجاح!

تقرير- محمد يوسف

«منذ 30 سنة»، تحديدًا عام 1990، كانت آخر مرة يفوز بها ليفربول ببطولة الدوري الإنجليزي الممتاز، حتى أنه لم يكن ممتازاً من الأصل، بل كان يُعرف باسم دوري كرة القدم الإنجليزي، كانت هذه البطولة رقم 18 في تاريخ الريدز، وكان هذا هو الرقم القياسي في عدد مرات الفوز بالبطولة الإنجليزية.

ولكن الآن، بعد الانتظار 30 عاماً، يمكن لمشجعي النادي أخيراً أن يحتفلوا باللقب الأول بالمُسمّى الجديد، ويمكن الآن أن يتوقف عداد السنوات النفسي، الذي ظل يعمل بلا انقطاع داخل أروقة الأنفيلد منذ عام 1990.

فريق ليفربول الفائز ببطولة الدوري الإنجليزي عام 1990

من المفارقة أن مانشستر يونايتد مر بنفس الفترة تقريباً بدون بطولة الدوري، بين عامي 1967 و1993، ليتذكر الناس أيضاً وباستمرار أنهم يفشلون منذ آخر مرة انتصر النادي فيها ببطولة الدوري.

بالطبع، لم يتوقع أحد أن يترك ليفربول عرش الدوري الإنجليزي بعد كل هذه السيطرة، لكن الأنظمة تنهار بالتأكيد، وتصل إلى نهايتها، من الاعتماد على الشباب والمواهب الجديدة، إلى الانتقال لشراء المواهب الجاهزة مع كيني دالجليش، الذي أنفق كثيراً من الأموال على فريق من النجوم، أمثال جون بارنز وبيتر بيردسلي في أواخر الثمانينيات.

ثم بدأت السُلطة في الانتقال إلى اليونايتد، من خلال ثروتهم، وخبرة السير أليكس فيرجسون، ليسيطروا على كرة القدم الإنجليزية منذ 1993، وينهي الشياطين الحمر صيامًا دام لمدة 26 عاماً بدون الكأس المقدسة.

فريق مانشستر يونايتد الفائز ببطولة الدوري الإنجليزي الممتاز عام1993

مرة أخرى، لم يتوقع أحد أن نجم اليونايتد سوف يخفت، ولكن منذ عام 2013 بعد رحيل السير أليكس، دخل اليونايتد مرحلة الفوضى والتخبط في الظلام، وظهر الجار، مانشستر سيتي، أكثر تركيزاً، ويبدو عليه الثقة في بدء مشروع جديد، وبالطبع لديه مبالغ طائلة من الأموال.

من الصعب التعاطف مع أندية عملاقة، كليفربول واليونايتد، عندما يشكون من فترات الفشل الطويلة بدون الفوز ببطولة الدوري، فنحن نتحدث هنا عن أكبر الأندية والأكثر تميزاً في إنجلترا.

وفي فترات الإنجاز المتتالية، تصطدم ميدالية ذهبية مع الأخرى، ويصبح المشجعون أقل رضا وأكثر بحثاً عن مزيد من الإنجازات، ولكن الأندية التي تملك لمحات نادرة من العظمة والإنجازات، تظل في ذاكرتها إلى الأبد!

بالنسبة لليفربول، لطالما كانت الطموحات مرتفعة إلى السماء، لذا فإن كأس الرابطة، أو حتى كأس الاتحاد، لن يكون مُرضياً لشغفهم أبداً، بالنسبة لليفربول، إما الفوز بدوري الأبطال أو بالدوري الإنجليزي الممتاز، وبالتالي، فإن الحماس والضوضاء سيحتلّان قلعة الأنفيلد، وسيطالب الجماهير بالمزيد دائماً، لكن هل 30 عاماً فترة طويلة، أو لنقل فترة طويلة مقارنة بباقي الأندية التي فازت سابقاً ببطولة الدوري؟.

أربعة وعشرون نادياً كانوا أبطال الدوري في إنجلترا على مر التاريخ، وبالنسبة لبعضهم، مر أكثر من قرن من الزمن منذ أن فازوا آخر مرة باللقب!.

مثلاً، نادي بريستون نورث إند، أول من فاز ببطولة الدوري الإنجليزي بل وتوّج بها أول مرتين، ينتظر منذ 130 عاماً، وينتظر نادي شيفيلد يونايتد منذ 122 عاماً، وويست بروميتش ألبيون منذ قرن بالضبط.

بينما كانت آخر بطولة لنيوكاسل يونايتد عام 1927، وآخر كأس من أي نوع كانت كأس المعارض بين المدن عام 1969، وكان نادي سندرلاند، الأعداء من الشمال الشرقي، أبطالاً عام 1936، لكنهم فازوا بكأس الاتحاد عام 1973، فاز الاثنان بعشرة ألقاب للدوري، لكن ثمانية منها جاءت قبل الحرب العالمية الأولى، بجانب ست بطولات من أصل سبعة لنادي أستون فيلا، وهذا ما كان يعكس أين تمركزت القوة في كرة القدم الإنجليزية في أيامها الصناعية الأولى، في الشمال والأراضي الوسطى.

سيطر على بطولة الدوري في سنوات بين الحرب اثنان من الأندية، وهما هدرسفيلد تاون وأرسنال، فاز هدرسفيلد بثلاثة ألقاب متتالية بين عامي 1923 و1926، تحت قيادة المدير الفني هربرت تشابمان، والذي انتقل بعد ذلك لتدريب أرسنال، كان تشابمان مبتكراً ومجدداً كما يفعل بيب جوارديولا الآن؛ فحتى وصوله إلى شمال لندن، كان أرسنال لم يفز بأية بطولة سابقاً، ولكن في عام 1930، فازوا بكأس الاتحاد الإنجليزي، وكان هذا بمثابة بداية فترة عظيمة.

نادي أرسنال عام 1931 مع بطولة الدوري الإنجليزي لكرة القدم

حتى بداية الحرب العالمية الثانية، كان أرسنال يملك خمسة ألقاب في الدوري الإنجليزي، وبالرغم من امتلاكهم ما يكفي من الأموال للفوز بالبطولات بعد الحرب مباشرة، إلا أنهم مروا بفترة دون بطولات بين عامي 1953 و1969، ليفوزوا في نهاية المطاف بثنائية الدوري والكأس عام 1971.

وبعد هذا النجاح، كان عليهم الانتظار لمدة 18 سنة أخرى ليحصلوا على بطولة الدوري من جديد، في ليلة لا تُنسى على ملعب الأنفيلد عام 1989، لولا الفوز بهذه الثنائية عام 1971، كان سيظل أرسنال بدون بطولات كبيرة لمدة 34 عاماً.

منافسو أرسنال في لندن كان لديهم بعض الإنجازات بين الحين والآخر، لكنهم افتقروا إلى الاستمرارية، تشيلسي كان الأقل إلى أن وجدوا الملياردير الروسي أبراموفيتش، وفازا منذ 2005 بخمس بطولات للدوري من أصل ست بطولات في المجمل، لكن النادي الآخر توتنهام، على الرغم من الأداء وقوة الأسماء، هو الأقل إنجازاً الآن، وفاز على مدار تاريخه ببطولتي دوري فحسب، كان آخرها قبل نحو 60 عاماً.

هذه هي طبيعة كرة القدم المعاصرة، والتي تبدو كما لو أن وضع أفضل الفرق يجب أن يبقى ثابتاً على مدار الزمن، إلا أننا حتى في عام 2020 رأينا أندية مثل مانشستر يونايتد وأرسنال تكافح من أجل الارتقاء والحفاظ على سمعتها وتاريخها السابق، وأربعة أندية من “الست الكبار” غيّروا مدربيهم فيما يزيد قليلاً عن العام، وليس من قبيل الصدفة أن الأندية التي لم تفعل ذلك، ليفربول والسيتي، يبدو عليها الثبات والثقة في المنافسة.

لذا ليس من المفاجئ أن ليفربول سيفوز ببطولته الأولى منذ عام 1990، وفي حين سيجن جنون العشاق ويملأون السماء حول أنفيلد بالدخان الأحمر، فإن الانتظار الطويل الذي تحملوه، على مدار 30 سنة، ينبغي أن يخبرهم أنه لا شيء يبقى على حاله، وأن النجاح، بشكل خاص في كرة القدم، لا يمكن اعتباره أمراً مُسلماً به.

ففي عام 1990، لم يكن ليتخيل أنصار النادي أنفسهم أنهم سيبحثون عن البطولة القادمة بعد 30 عاماً كاملة!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى