زيدان- جوارديولا.. البقاء للأذكى!

كتب- محمد العولقي

ريال مدريد ومانشستر سيتي .. كلاهما كالطقس المتقلب، مرة فوق ومرة تحت، يوم على السطح وآخر تحت أنقاض السفح ..

زين الدين زيدان وبيب جوارديولا يعتنقان مبدأ الشك لصاحبه ديكارت، يوم حلو بطعم العسل ويوم مر بطعم الحنظل، مرة فوز غير متوقع وأخرى خسارة غير منطقية..

كريم بنزيمة وجابريال خيسوس، من نفس الطراز هواياتهما حرق الأعصاب وتصدير الفواجع إلى كل المنازل البيضاء والسماوية، بنزيمة مهاجم صفري يقتات على ثقة زين الدين زيدان، مع العلم أنه لم يحرز منذ مطلع العام الحالي سوى ثلاثة أهداف، بمعدل هدف في كل شهر، تصوروا !، خيسوس ينال كل الدلال من جوارديولا على حساب سيرجيو أجويرو، مع العلم أن البرازيلي يعاني من سوء هضم تكتيكي، ومن فقدان للتركيز أمام المرمى، رحيم سترلينج وفينيسيوس جونيور، كلاهما في الهواء سواء، الإنجليزي السريع تضاربت أبراجه الهجومية، فغاب عن التسجيل في البريميرليج طوال الأشهر الثلاثة الأخيرة، والبرازيلي الصغير المتدفق حيوية وسرعة يلهو بالكرة كالقط، لكنه يرى المرمى أمامه مثل خرم الإبرة، وعندما يسجل بطلوع الروح يتخذ الحدث طابع بيضة الديك..

رودري وداني كارفخال، ظهيران يجسدان كل أوجاع مانشستر سيتي وريال مدريد هذا الموسم، الأول متذبذب في مستواه، تارة يحلق وحيدا في الفضاء، وتارة يلعب بعكاز على الأرض، والثاني لا يقل عن الأول تناقضا، فكارفخال مرة يكون في القمة، ومرة يهبط مستواه إلى الحضيض ..

المنديان.. مندي ريال مدريد ومندي مانشستر سيتي، لا يحظيان بالثقة المطلقة من زيدان وجوارديولا، الأول أكثر صرامة دفاعيا من مارسيلو، والثاني يفتقد لحساسية المباريات الكبيرة..

دفاع مانشستر سيتي يسهل اختراقه من العمق، لكن نقطة الضعف الخطيرة لن تجدي نفعا أمام ريال مدريد طالما يفتقد للعمق الهجومي دائما، من منطلق أن ريال مدريد لا يلعب بمهاجم من مواليد منطقة الجزاء، فبنزيمة نصف مهاجم، وليس من الطراز الذي يمكن أن يقض مضجع أوتامندي بديل لابورت، لأنه في الغالب يرقص بعيدا عن منطقة الجزاء، بلا ريب .. لكي يجسد ريال مدريد أمام عشاقه كل مشاهد التشويق الهتشكوكي، ولكي يستلهم الريمونتادا في ملعب الاتحاد، يلزم أن يلعب بمهاجم كلي، يكون مثل شوكة السمك في حلق عمق دفاع السيتي..

دفاع ريال مدريد سيعاني كثيرا من خطورة العمق الهجومي لمانشستر سيتي، وربما زاد طين الريال بللا مع غياب القائد سيرجيو راموس بداعي الإيقاف، والأكثر إزعاجا غياب الحارس كورتوا المحتمل للإصابة، هذا لأن بديل راموس البرازيلي ميليتاو أبعد من أن يسد ثغرة العمق مع رافائيل فاران، والسؤال الذي يرهق ذهن زيدان كثيرا، هل يبني أمام ميليتاو وفاران سدا في محور الوسط مكونا من كاسميرو وفالفيردي ؟ أم يسد الجهة اليمنى بفالفيردي للقضاء على قوة السيتي في اليسار؟، إذا كان زين الدين زيدان يؤمن بحدوث معجزة الريمونتادا في ملعب الاتحاد، فيجب عليه أن يتخلص أولا من تركة الرجل المريض، ويختار ثانيا العناصر القادرة على إحداث التوازن في منتصف الملعب، بمعنى، زيدان على المحك الأخطر هذا الموسم، ومجاملة بنزيمة ومودريتش وبيل مغامرة عبثية فشلت بدل المرة عشر، فإما أن يبعث الريال من بين رماد مانشستر سيتي كالعنقاء، أو يموت موتا سريريا هناك بعيدا عن بلح الشام وعنب اليمن ..

لا مجال لخيارات أخرى، فريال مدريد الذي دخل متاهة شك مرعبة، يمشي على سطح من الزجاج المكسور وبقدمين حافيتين، وعلى زيدان أن يجد طريق السلامة المؤدي إلى رأس الرجاء الصالح، يعتنق مانشستر سيتي فلسفة جوارديولا المعتادة، تيكي تاكا عرجاء مبدأها الأول والأخير الاستحواذ على الكرة من عمق الوسط، ولو استخدم زيدان عقله قليلا وابتعد عن الابتكار غير المنطقي، لعرف الطريقة المناسبة للقضاء على السيتي أمام جماهيره..

ليس هناك خيار آخر أمام زيدان سوى تطبيق فلسفة الضغط العالي، بداية من منتصف ملعب السيتي لعزل جيسوس وسترلينج ورياض محرز أو سيلفا، والقضاء على تموينات ديبرونيه تحديدا، لعب ريال مدريد مباراة مثالية أمام برشلونة في سانتياغو برنابيو، لأن لاعبيه أجادوا الضغط العالي وتقليص المساحات بفضل اللياقة الذهنية والمعنويات المرتفعة، وإعادة ذات الفلسفة أمام السيتي تعتمد بالدرجة الأولى على تهيئة زيدان للاعبيه نفسيا وتكتيكيا..

بدون مقدمات أقول لكم: إن مباراة إياب دوري أبطال أوروبا بين مانشستر سيتي وريال مدريد، قد لا تلعب على الجزئيات الصغيرة بسبب الهشاشة الدفاعية للفريقين أولا، ثم بسبب فكر زيدان وجوارديولا القائم على مبدأ الاستحواذ وليس الكونتراتاك ثانيا، لكني على ثقة أنها ستكون مباراة مدربين أولا وأخيرا، زيدان وجوارديولا يتشابهان كثيرا في نمطية عدم الثبات على تشكيلة، وستكون هذه المباراة فرصة أخيرة لقراءة المطلوب بحدس الشاطر الذي يفهمها وهي طائرة، فهذه المباراة المصيرية لا تحتمل الخطأ أو التجريب أو الابتكار، جوارديولا في وضع نفسي أفضل كثيرا من زيدان الذي حشر نفسه بين بصلة ريال بيتس وقشرة مانشستر سيتي ذهابا، لكن أسبقية السيتي في مدريد لا تعني أن جوارديولا سيتعشى بزيدان دون مقاومة، إلا إذا كان زيدان سيقدم لخصمه خلطة مدريدية شهية خالية من البهارات الحراقة يسهل بلعها، كما حدث ذهابا عندما التهم جوارديولا مأدبة غداء زيدان الشهية في الشوط الثاني، فيما اكتفى زيدان بتنظيف الصحون المدريدية بالليفة والصابون..

المباراة بين جوارديولا وزيدان مفتوحة على كل الاحتمالات، نتيجتها النهائية ستطلق رصاصة الرحمة على أحدهما دون شك، هذا لأن مباراة ملعب الاتحاد سيكون فيها البقاء للأذكى فقط، فأي من المدربين سيفوز في نهاية المباراة بكأس النباهة من وجهة نظرك عزيزي القارئ الحبيب اللبيب؟.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. تسلم يدك يا أستاذ محمد اتفق معك في كلمة البقاء الأذكى
    وليس للأقوى لان الفريق الملكي مرة عبقري ومرة لا تعرف أين ذهبت هذه العبقرية المباراة مصيريه وأي خطأ سيكلف الفريق ومشكلة الريال في عدم وجود هداف بالمقابل السبتي يمتلك عناصر هجوميه قويه قادره على احداث تغير نسق المباراة إذا سؤالي هل المشكلة في اختيارات زيدان أم ان الريال لا يمتلك هداف
    وبالتالي الجود بما هو موجود من أساسين واحتياط ….؟؟!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى