أليساندرو ديل بييرو.. أسطورة لم تحصل على كامل حقها!

تقرير – أحمد مختار

عندما تقرأ العنوان، قد تعتقد أن أليساندرو ديل بييرو لم يحصل على حقه كأحد أفضل لاعبي إيطاليا على مر تاريخها، لكن هذا غير صحيح بالمرة، لأن أسطورة يوفنتوس يتواجد ضمن عباقرة وأباطرة اللعب في بلاد جنة كرة القدم، بناء على ما حققه مع فريقه السيدة العجوز أو تواجده ضمن الجيل الفائز بمونديال 2006 تحت قيادة مارشيلو ليبي، لكن الجزء الآخر من القصة يكمن في عدم التقدير الكافي الذي كان يجب أن يحصل عليه ديل بييرو بين كبار ونجوم الكرة بعد اعتزاله، حيث أنه كان لاعباً فذاً على الصعيد التكتيكي، بعيداً عن إكليشيهات الوفاء ليوفنتوس وقوته في أداء الضربات الثابتة وصداقته مع توتي رغم التنافس بينهما، وكل هذه الأمور التي عرفت عن أليساندرو مؤخراً.

أليساندرو ديل بييرو
أليساندرو ديل بييرو

صانع اللعب الكلاسيكي

أليساندرو ديل بييرو
أليساندرو ديل بييرو

صانع اللعب، نجم الفريق، الرقم 10، الحاوي، المعلم، قل ما تشاء عنهم، هم في النهاية ملوك وأباطرة هذه اللعبة، والرقم الصعب لدفاع الخصوم، ومعشوقو الجماهير بالنسبة لفرقهم وأنديتهم، باختصار ريكلمي على سبيل المثال ورفاقه هم رفاق سكان الركن المنسي من المدرجات.

في القديم، كانت الخطط أقرب إلى 2-3-5 أو خطة الهرم، لم يكن هناك صانع لعب صريح، مجموعة تهاجم وثنائي يدافع فقط. ومع ظهور خطة الدبليو إم للعظيم تشابمان هيربرت صانع أمجاد آرسنال، أصبحت الخطط أقرب إلى 3-2-2-3، لاعب من الثنائي تحت ثلاثي الهجوم يقوم بنقل الكرة إلى الأمام، ولاعب من الثنائي أمام ثلاثي الدفاع يقوم بنقل الكرة إلى الوسط.

ومع تطور الخطط أكثر، ظهرت 4-2-4 في البرازيل ووجود لاعب الوسط الذي يلعب الكرة إلى الأجنحة المهارية على الأطراف أو المهاجم القاتل في الصندوق، ثم 4-3-3 الهولندية وعدم وجود صانع لعب واحد بالمعنى الحرفي للكلمة. ثم3-5-2 الثمانينات، مارادونا مهاجم ثاني خلف فالدانو وصانع لعب صريح في نفس الوقت، وهداف عند الحاجة. بلاتيني في فرنسا أيضاً، حقبة النجوم الكبار والوسط الذي يدافع فقط.

تمر السنين حتى تأتي طريقة لعب 4-4-2 الشهيرة، وهنا صانع اللعب رقم 10 هو الـ Big Man هو اللاعب الذي يهاجم فقط، يلعب للأمام، يصنع الأهداف ويسجلها. يفعل كل شيء في الثلث الهجومي الأخير وليس له علاقة بالدفاع. في أمريكا اللاتينية، جاء مصطلح الـ Enganche أو صانع اللعب اللاتيني، هو اللاعب الذي يتألق في طريقة لعب 4-3-1-2 التي تصبح 4-4-2. ثلاثي الوسط أمامه ثنائي هجومي وبينهما صانع اللعب الذي يربط الجميع في وحدة واحدة.

أكثر من مجرد صانع لعب

ديل بييرو قام بكل هذه الأمور كصانع لعب بالمركز 10 في زمن سابق، لكنه لم يكتف أبداً بهذا الشق، بمعنى أنه كان لاعباً ضد التخصص الخططي، قادر على القيام بأكثر من وظيفة، ولم يتقيد أبداً بمركز واحد أو مهمة ثابتة، بالتواجد في العمق من أجل الصناعة والتسجيل، مثل أي صانع لعب أو “تريكوارتيستا” آخر في إيطاليا.

هكذا التخصص في اللعبة، قتل كثيرا من النزعة الفردية وإمكانية لعب دور البطل للاعبي الوسط ونجومه. في بدايات ديل بييرو مع يوفنتوس، حقق اللاعب نجاحاً ملحوظاً منذ عام 1993، لينتقل سريعاً مع الفريق من النجاح المحلي إلى التفوق القاري والأوروبي. كان أشهر “تريكوارتيستا” في إيطاليا حينها هو روبرتو باجيو بلا شك، نجم الأزوري في مونديال 90 و94، وأفضل لاعب في العالم خلال تلك الحقبة، لذلك لم يحصل أليساندرو على التقدير المطلوب، حتى تفوق اليوفي أوروبياً وحصوله على دوري أبطال أوروبا عام 1996.

في منتصف التسعينات، لعب اليوفي برسم قريب من 4-3-1-2، بتواجد باولو سوزا، كونتي، وديديه ديشامب بالوسط، مع ثنائي الهجوم فيالي ورافانيلي، بينما ديل بييرو هو همزة الوصل بين الوسط والهجوم، صانع اللعب بالمركز 10 في العمق، مع تحوله إلى الطرف في الحالة الدفاعية كجناح أيسر، عند النحول من رسم 4-3-1-2 إلى 4-3-3.

7 صنايع

هل يمكن أن يلعب فريق بثنائي من صناع اللعب في تشكيلة واحدة؟ وكيف ظل ديل بييرو في الملاعب لأطول فترة ممكنة؟ ولماذا كل هذا التألق المحلي والدولي من منتصف التسعينات وحتى السنوات العشر الأولى في الألفية، لدرجة حصوله على كأس العالم مع إيطاليا في 2006 وتسجيله أحد أغلى الأهداف في نصف نهائي المونديال؟

تبادل زيدان وديل بييرو دور صانع اللعب في يوفنتوس خلال فترات سابقة، لكن تواجد الثنائي معاً في الملعب خلال معظم المباريات الكبيرة، لأن أليساندرو يجيد بشدة لعب أكثر من دور داخل الملعب، سواء كوسط متقدم أو صانع لعب بالمركز 10 أو جناح أو مهاجم إضافي، لذلك عند رهان ليبي على رسم 3-4-1-2 في سنوات 1997 و1998 وما بعدها، تواجد زيزو كصانع لعب كلاسيكي صريح أمام ثنائي الارتكاز، بينما تقدم ديل بييرو خطوات للأمام، للقيام بدور التسعة ونصف، أي النصف مهاجم والنصف صانع لعب، رفقة المهاجم الصريح بيبو إنزاجي.

اخفت خطط 4-3-1-2 و 3-4-1-2 مع الوقت، ليحل بدلاً منها خطتي 4-4-2 و4-3-3، لكن لم يختفي ديل بييرو عن الأنظار بل واصل تألقه رفقة الأزوري والسيدة العجوز، لأنه أبدع فيما بعد في مركز “الفانتازيستا”، كهمزة وصل بين الدفاع والهجوم أثناء التحولات من الخلف إلى الأمام، ومهندس صناعة الفرص والهجمات خلف المهاجم الصريح بالمركز 9.

في يوفنتوس، صنع ديل بييرو ثنائية تاريخية مع تريزيجيه، بينما في إيطاليا تبادل الأدوار مع توتي رفقة لوكا توني في كأس العالم 2006، ليبقى اللاعب متألقاً لأطول فترة ممكنة، ويثبت على طول الخط أنه أحد أعظم لاعبي كرة القدم في التاريخ، سواء مع فريقه أو منتخب بلاده على حد سواء.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى