رسالة إلى جياني أنفانتينو.!

المرسل- محمد العولقي

جياني أنفانتينو، رئيس جمهورية الفيفا لكرة القدم.. تلقى اليمنيون برقية عزائك في رحيل أسطورة كرة القدم اليمنية الكابتن سعيد دعالة، صانع أمجاد الكرة الجنوبية واليمنية في حقبتي الستينيات والسبعينيات بلهفة ملفوفة بالكثير من اللوم والعتب.. والمعذرة يا رئيس جمهورية الفيفا على الاستهلال المبطن بعلامات التعجب، ولهذا سبب منطقي اعترف به الفيفا بعد خراب مالطا ..

لاشك أن وصفكم للكابتن سعيد دعالة في البرقية بأنه أسطورة كرة القدم اليمنية، وصف دقيق وحكيم ومنصف ينسجم تماما مع عبقرية سعيد دعالة، ويتماشى تماما مع تراثه الكروي الذي بصم من خلاله على رحلات احترافية مكوكية مثيرة ومثمرة جعلت منه لاعب القطرين ..

لكن لنا عتاب على الفيفا يا حضرة البريزيدانت – عتاب حلو بطعم العسل الحضرمي- فاعتراف جمهوريتكم الديمقراطية بأن سعيد دعالة مرشح للقب أسطورة القرن في اليمن حق يراد به باطل للأسف الكبير..قرأت برقيتك العاطفية يا حضرة البريزيدانت، كان إلى جواري لاعب دولي قديم بكى متأثرا من كلماتك الرثائية الرقيقة في حق سعيد دعالة، أما أنا فقد ضحكت على هذه الدنيا التي ما هي إلا مسرح كبير، إلا من رحم ربي..

قد تتساءل أيها البريزيدانت.. كيف لك أن تضحك في حضرة برقية تنعي مصابكم الجلل ..؟، أجيبك حضرة الرئيس بأسئلة تطير من رأسي بسرعة طيران فيروس كورونا حول العالم : لماذا وصلت رسالة الاتحاد الدولي بترشيح سعيد دعالة للقب لاعب القرن في اليمن متأخرة جدا وبعد أن تهاوى الكوكب الدري، في وقت كان سعيد دعالة بحاجة إلى جرعة معنوية في حربه اليومية مع المرض العضال الذي ألم به سنوات طويلة ..؟، لماذا تأخر اعتراف الفيفا، حين بدا وكأن رئيسه صمت دهرا ثم نطق مجاملا ومواسيا..؟، كيف لنا أن نفسر اعترافك المقلي على الزيت، وقد فات من القرن الجديد عقدان بالوفاء والتمام ..؟.

دع مركز الإحصائيات في الاتحاد الدولي يوضح لنا الصورة : كيف يخفي لقب أسطورة القرن العشرين في اليمن، ثم يخرج لسان أرقامه بعد اعتزال دعالة بأربعين عاما، وبعد رحيل الأسطورة دون ضوضاء، وهو لا يمتلك من حطام هذه الدنيا سوى الستر..؟، ما فائدة أن تدغدغ مشاعر الجماهير اليمنية بالحديث عن فكرة ترشيح، ربما كانت مجرد من بنات أفكارك بهدف رفع معنويات الجماهير الرياضية اليمنية التي هي أصلا في الحضيض ..؟، لماذا لم تسع الفيفا إلى تكريم سعيد دعالة حيا ..؟، وما فائدة ترشيحه لهذا اللقب وقد قضى نحبه معزولا منبوذا حتى من أقرب المقربين إليه، وأولهم بالطبع اتحاد الكرة اليمني المختل عقليا، والذي لا يعرف قيمة ومكانة سعيد دعالة عربيا ودوليا ..؟

يا حضرة البريزيدانت .. سعيد دعالة أروع من لامس كرة القدم يمنيا وعربيا، و أجمل من داعبها على البساطين الترابي والعشبي ، لا أحد يشبهه أو يضاهيه في أسلوبه الفريد، كان نسخة طبق الأصل من ألفريد ديستيفانو، نجم كروي خارق لم يأت بعده من يخلفه أو يحتل مكانته، هو عنوان مثير لكرة القدم الجنوبية والصومالية والعربية، وهو سفير الكرة اليمنية بعد ذلك، فكيف تناسى الاتحاد الدولي أعمال هذا اللاعب التي ثقلت طوال هذه السنين ..؟

ما جدوى أن ننعم نحن بتتويج الفيفا لسعيد دعالة كلاميا، وهو النجم الذي استخسر فيه الفيفا تكريما يليق بما قدمه لكرة القدم ولو ببرقية تضامن من بعيد تشد أزره في محنته المرضية ..؟، لا تسألني : أين اتحاد الكرة اليمني ..؟ على خلفية أن السؤال لغير الله مذلة، ثم إن الحديث عن اتحاد كرة يمني يمثل مجلسا لشؤون القبائل من المضحكات والمبكيات معا ..، للأسف يا حضرة البريزيدانت .. إذا كان الاتحاد اليمني الذي يذرف اليوم دموع التماسيح على رحيل سعيد دعالة ويعدد مناقبه، وهو أول من ظلمه لاعتبارات عنصرية، وهو من حنط قدراته وخبرته الطويلة مفضلا عيال الخالة، وهم سكم بكم في الإدارة الفنية، فإن الاتحاد الدولي تشاغل عن واجبه ولم يتذكره إلا بعد أن آخى تراب عدن، وأرجو ألا يكون هذا التذكير مجرد ذر رماد في عيون الجماهير اليمنية المستبشرة ..

السيد أنفانتينو .. مات سعيد دعالة بحسرته، مات وحيدا في بيت من صفيح، مات الأسطورة في هدوء بعيدا عن المتلونين الذين يتبولون ويتغوطون اليوم على بقايا الكرة اليمنية، ترك لنا تراثه الكروي الذي يحكي ماضيا مشرقا كان فرقده ونجمه الساهر في سماء الكرة الجنوبية واليمنية ..، ألفت نظرك يا حضرة البريزيدانت أن النجم الدولي الكبير عميد منتخب الجنوب ثم اليمن لاحقا أبوبكر الماس، نال لقب لاعب القرن في اليمن بناء” على استفتاء أجرته وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) قبل عشرين عاما، وفي تصوري أن هذه الملعومة موثقة في مركز الإحصاء الدولي التابع لاتحادكم ..،
ولأن الحي أبقى من الميت، فمن باب الإنصاف والتقدير تكريم الجوهرة وملك الناس أبوبكر الماس من قبلكم، لاسيما وهو يمتلك سجلا دوليا حافلا ومثخنا بالنجاحات منذ أن خاض أول مباراة دولية مع اليمن الجنوبي وعمره لم يتجاوز السبعة عشر عاما، وحتى اعتزاله بعد رحلة طويلة أبلى فيها البلاء الحسن عربيا وقاريا ودوليا ..

أعتقد يا رئيس الاتحاد الدولي أن ملعب التكريم يتسع للأسطورة الغائب عنا جسدا والحاضر فينا روحا الكابتن سعيد دعالة، وللاعب القرن في اليمن أبو بكر الماس الذي لم يسأم من تكاليف الحياة الكروية على الرغم من أنه يطرق باب الخامسة والستين عاما، طبعا هذا مجرد اقتراح عملي، قد يكون اعتذارا لسعيد دعالة في قبره، و إنصافا للماس وهو على قيد الحياة ..، السيد أنفانتينو .. نقدر لك كلامك المعسول في مصابنا الجلل، ونقدر لك حقيقة أنك أول رئيس فيفاوي ينعي لاعبا كبيرا ينتمي لدولة تمزقها حروب الفرقاء، وشعب يمني يرى في كرة القدم اللقاح المضاد للجوع والفقر والمرض والحروب، وتقبل خالص تحياتي متمنيا لك التوفيق في إعادة هيكلة الفيفا وتخليصه من الفساد المالي والإداري بأسرع وقت ممكن ..!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى