بيركامب.. التسعة ونصف الذي جعلني أحب هولندا!

تقرير – أحمد مختار

يقول كرويف في حوار قديم جدا، عن المقارنة بين أساطير اللعبة، الكلام داخل تلك القضية لا ينتهي، الجميع يتحدث حول مارادونا، بيليه، بيكنباور، دي ستيفانو، يقول أحدهم هذا هو الأفضل، وآخر يقول ذ ك هو الأفضل، لكن بالنسبة لي لاعب كرة القدم يجب أن يتم تعريفه بشكل مختلف بعض الشيء.

“لكل واحد فيهم مزايا وقدرات جبارة، من الصعب أن نصنفهم كلاعبين، بل نستطيع أن نقول أنهم الصفوة الخاصة لكرة القدم. لكن عندما تتحدث عن لاعب كرة القدم بالمعنى الحرفي للكلمة، Footballer، صعب أن تقول علي مارادونا أنه لاعب كرة قدم، التخصص هنا حينما تقول عن أن كيث ريتشاردز أفضل جيتاريست، جوناث فيرمير أفضل رسام، وحينما تتحدث عن الـ Footballer أو لاعب كرة القدم الخالص بعيدا عن الأساطير والنجوم والأباطرة، فبالنسبة لي، إنه دينيس بيركامب”.

الحقيقة أن تصريح العراب ما هو إلا مقدمة لا بد منها، عند الحديث عن واحد من أعظم لاعبي كرة القدم في حقبة التسعينات وما بعدها.

“حينما فكرت في كلام كرويف حول كرة القدم والمساحات، وتأكيده أن كل شيء خاص بالفراغات في اللعبة، المسافات بين اللاعبين. كذلك أريجو ساكي، الرجل الذي قام بإستخدام الحبال والظل في التدريبات، واللعب بـ 11 لاعب أمام صفر من أجل زيادة خاصية التمركز عند لاعبيه”.

يقول دينيس بيركامب هذا الكلام ويستمر في حديثه التكتيكي، “كل شيء خاص بالمسافات، حينما يتحرك جناحك الأيسر في الهجوم، يجب أن يصعد أيضاً ظهيرك الأيمن إلى الأمام”.

“كل لاعب يتحرك خطوة، يجب أن تؤثر هذه الخطوة على زميله، ويتفاعل معها، ومن الزميل إلى الزميل الثاني، الذي يتحرك ايضاً كرد فعل لتحرك الأول ثم الثاني، وهكذا، الأمر أشبه بالشبكة التي تترابط فيما بينها”.

“حينما يجري اللاعب في هذا الإتجاه، يجب أن يتحرك كل الفريق في نفس الإتجاه، جرى نحو اليسار، كل من هو قريب من مركزه، يتحرك نحو اليسار، الكل يعمل من أجل ضبط المسافة مع الزميل”.

“حينما ألعب مع آرسنال، وأتمركز على حافة منطقة جزاء الخصم، أنظر للوراء، أرى توني أدامز في المنتصف، المسافة بين الدفاع والهجوم يجب أن تكون قليلة، والمسافة بين كل لاعب وزميل يجب أن تكون قريبة، والتحرك يجب أن يتم بشكل جماعي لا فردي، وكأن فريق كرة القدم أقرب إلى خلية النحل”.

كل شيء خاص بالمسافة، كل شيء خاص بالفراغ، كل شيء خاص بالتمركز، “It’s about Distances”

بيركامب كان أستاذ الفراغات، حتى هذه اللحظة أدخل على يوتيوب أو مواقع كرة القدم العتقية، لمشاهدة مباريات قديمة كاملة، لمنتخب هولندا، لآرسنال أوائل الألفية، لأياكس، أجد نفسي منبهرا بمدى ذكاء بيركامب، وكأنه لاعب سابق عصره حرفيا، في اللمسة الأولى، والثانية، والحركة بدون كرة، واتخاذ القرار قبل بدء اللعبة، وتحكمه المثالي في الفراغات، بالكرة ومن دونها.

وفي 4-4-2 يلعب كمهاجم ثاني خلف المهاجم الرئيسي، يستلم الكرة ويسجل أو يمرر اسيست الي المهاجم الرئيسي. لاعب مثل بيركامب، نصف مهاجم ونصف صانع لعب أو فيما يعرف بالتسعة ونصف Nine and half.

سألت نفسي مجرد سؤال سريع، هل طريقة لعب 4-2-3-1 الحديثة سيلعب فيها بيركامب ؟ وأين سيكون ؟ وهل بيرجكامب صانع لعب أم مهاجم ثاني ؟

لاعب مثله يُبدع مع خطة 4-3-1-2 أو 3-4-1-2، صانع اللعب الذي يلعب وراء ثنائي هجومي وخلفه لاعبين وسط يجعلوه بعيداً عن الواجبات الدفاعية.

مع منتخب هولندا في 98 مونديال ويورو 2000، كان أفضل منتخب بدون جدال، كرة وإبداع وجماعية، لكن مع حظ عاثر واستهتار مبالغ فيه وسوء طالع في ركلات الجزاء، ومع آرسنال اللا هزيمة أيضا، كان هناك عامل مشترك واحد، رسم 4-4-2 ومشتقاتها.

مهاجم: كلايفرت مع هولندا، هنري مع آرسنال.

وسط: كوكو ودافيز هولندا، سيلفا وفييرا آرسنال.

انتريورز” نصف جناح ونصف وسط”: رونالد دي بوير وزيندن/ أوفر مارس، بيريس وليونبيرج.

مع كل هؤلاء، إسم واحد ثابت لا يتغير، دينيس بيركامب، المهاجم الإضافي، والصريح في بعض الأحيان، الجناح عندما يحتاجه زملائه، ولاعب الوسط الهجومي في التمرير، وصانع اللعب عند تحويل الحيازة إلى فرص، كل هؤلاء في لاعب واحد فقط، لن يتكرر بسهولة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى