الحلقة السادسة: ما هو اللعب التموضعي؟

كيف تشاهد كرة القدم كمحلل محترف؟

تحليل – محمد يوسف

يعتبر اللعب التموضعي، أو Positional Play، أو Juego de Posición، تطورًا للمفهوم الهولندي الكرة الشاملة Totaalvoetbal، وبشكل خاص من حيث التكيف مع متطلبات كرة القدم الحديثة. وعلى النقيض من الكرة الشاملة، والتي يمكن لأي لاعب فيها أن يتحرك بحرية أكثر، ولعبت فيها الحركة المستمرة الدور الأهم، إلا أن اللعب التموضعي يطالب بملء تشكيل موضوع مسبقًا، ولا يهم من سوف يشغل هذا المركز أو بالأدق هذه المنطقة من الملعب!

المبدأ الرئيسي وراء مفهوم اللعب التموضعي هو أن تبحث دائمًا عن التفوق على أرض الملعب. ويمكن تحقيق هذا التفوق من خلال التمركز الصحيح في المكان الصحيح لتخلق تفوقًا عدديا أو نوعيًا. مفهوم اللعب التموضعي كان الفلسفة التي استخدمها واحد من أنجح مدربي كرة القدم الحديثة: بيب جوارديولا.

تنفيذ هذا الأسلوب على أرض الملعب يعتبر مهمة شاقة للغاية، ويتطلب من جميع اللاعبين القدرة على التكيف مع النظام. والمثال الأفضل بالطبع كان فريق برشلونة تحت قيادة بيب جوارديولا، حيث فهم جميع اللاعبين أدوارهم ونفذوها بشكل رائع، وهنا كانت نقطة قوة هذا الفريق التاريخي.

بيب جوارديولا

يُبنى نموذج اللعب التموضعي على أرض ملعب التدريب، حيث يتدرب عليه الفريق ويمارسه على مدار ساعات طويلة من الجهد، ليحاول كل لاعب أن يفهم بوضوح الاحتمالات المختلفة التي تحدث أثناء المباراة، ويستجيب لها دون أن يفشل.

وتهدف هذه الاستجابات لمختلف الأحداث على أرض الملعب إلى تحقيق التفوق والسيطرة. وهذا التفوق بدوره سيسمح للفريق المهاجم اختراق دفاع الخصم إما بسبب لاعب حر أو ببساطة لأن مهاجمك هو ميسي، ونتيجة لتمركز الفريق وضعته أمام مدافع واحد فحسب!

ولأنك مطالب بالتفوق في كل مرحلة من مراحل المباراة، فسوف تدرك لماذا يعتبر حارس المرمى لاعب مهم في فريق بيب جوارديولا، لأنه ببساطة يريد دائمًا الحفاظ على التفوق العددي، خصوصًا في الخلف، فإذا ضغط لاعبان من الخصم على قلبي دفاع فريقك، هنا سيصبح حارس المرمى لاعبًا ثالثًا، ويمكنك حينها الخروج بالهجمة والحفاظ على التفوق العددي.

بيب جوارديولا داني ألفيش

يتدرب اللاعبون على القيام بالانطلاقات، والتغطيات، وشغل مساحة معينة على أرض الملعب، كرد فعل لمكان تواجد الكرة وما هو وضع الفريق تحديدًا في تلك اللحظة. في برشلونة، كان داني ألفيش لاعبًا رئيسيًا والذي تسبب في نجاح هذا النظام مع بيب جوارديولا. حيث كان وسط الملعب عادةً مزدحمًا ويزداد فيه ضغط الخصم، ولكن تحركات داني ألفيش على اليمين هي التي وفرت منفذًا للفريق إذا كان لاعب الوسط تحت ضغط شديد.

بيب جوارديولا ماسكيرانو

في اللعب التموضعي، يتم تقسيم الملعب إلى مناطق منفصلة، وكل لاعب لديه واجبات محددة للقيام بها في هذه المناطق اعتمادا على طبيعة اللعب. حيث يقوم بعض اللاعبين بالركض والتحرك الطولي مثلًا، أو يقومون بالتغطية للحفاظ على التفوق على المنافس، وهكذا.

يتم تدوير الكرة بين لاعبين مختلفين، بجانب تحرك اللاعبين بدون الكرة والذي يوفر خيارات تمرير متنوعة دائمًا، مما يخلق المشاكل للمنافس مع تحركاتهم.

النقد الرئيسي لهذا النظام هو أنه جامد ولا يستجيب للمتغيرات. حيث توجد متغيرات كثيرة أثناء المباراة، ولا يوجد نظام واحد قادر على مواجهة كل تلك المتغيرات مرة واحدة. لهذا أنت بحاجة إلى اللاعبين المناسبين والذين يتدربون معًا منذ فترة طويلة، وكذلك ستحتاج إلى الالتزام الكامل منهم بالتمركز والتحرك الصحيح دائمًا ليخرج هذا النظام على أكمل وجه.

وبرشلونة بيب قد يكون واحدًا من أفضل الفرق في هذه النقطة، حيث كان كل شيء مثاليًا تقريبًا، وحتى أن هذا النظام أنتج لنا ربما أفضل وأمتع كرة قدم في السنوات القليلة الماضية، والتي جمعت البطولات كذلك.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى