هذا الموسم.. برشلونة كيكي سيتيين أم برشلونة فالفيردي؟!

تقرير – أحمد مختار

“الثنائي سيء”، هذه هي الإجابة السريعة والسهلة والبسيطة والأكثر جلبا للترافيك والتريند وما شابه، وتبدو في نفس الوقت صحيحة من الناحية النظرية، لكن عندما نحاول دراسة مباريات البارسا مؤخراً بهدوء، وعند مشاهدتها في الإعادة، بعيداً عن الشد والجذب والتوتر وحتى الساركازم، فإننا على موعد مع إجابة أكثر عمقاً، تؤكد بأن البارسا الحالي مع كيكي سيتيين -رغم كل سلبياته وعيوبه- أفضل من بارسا فالفيردي خلال نفس الموسم 2019-2020، من أغسطس حتى يناير موعد إقالته، لكن كيف ذلك؟

كيكي سيتين

عند تولي سيتيين منصب المدير الفني للبارسا، كانت أبرز المخاوف عبارة عن أمرين، أول شيء دفاعه السيء، وثاني شيء لعبه السلبي الذي يندرج تحت بند قلة الفرص مقارنة بعدد التمريرات ونسبة الاستحواذ، أما أبرز مزاياه قبل أن يأتي فتمحورت حول البناء النظيف للهجمة من الخلف إلى الأمام، كذلك الضغط القوي في نصف ملعب الخصم.

المثير للاستغراب وحتى السخرية، أن برشلونة مؤخراً يعاني بشدة في البيلد آب والضغط العالي -نقاط قوة سيتيين التاريخية- بينما تحسن كثيرا على مستوى عدد الفرص التي يصنعها كذلك نجاحه في تقليل عدد الفرص التي تصل إلى مرماه.

أمر غريب، ومريب، لكن دعونا نحلله بإيجاز وتوضيح..

أمام سوسيداد على سبيل المثال، وخلال الشوط الثاني لمباراة الكلاسيكو ضد الريال، عانى برشلونة بوضوح على مستوى البيلد آب والبريسينج، لعدة أسباب أهمهما:

– عدم وجود لاعب الوسط الثالث القادر على القيام بدور الرجل الحر أو الـ 3rd man. هذه نقطة رئيسية في إستراتيجية لعب فرق كيكي، أن يتم تدوير الكرة بالخلف بحثا عن انطلاق لاعب وسط سريع في المساحات الشاغرة، عن طريق تمريرة قصيرة من المهاجم إلى القادم من الخلف، فيما يعرف بالـ lay-off pass.

– دي يونج غير قادر حتى الآن على القيام بهذا الدور، لأنه يفضل الاستلام من مناطق قريبة تجاه مرماه وليس العكس. أرثور قدم شوط أول رائع ضد الريال ووقع بدنيا في الثاني فلم يستطع القيام بالدور لمدة 90 دقيقة، أما راكيتيتش فلا فائدة منه أو ميزة.

– لذلك أمام سوسيداد لم يجد أبداً شتيجن خيار تمرير واضح بالعمق، لأن الكرة الطولية إما تقطع من جريزمان أو بريثويت، أو لا تجد لاعب وسط ثالث قادر على القطع المفاجيء في الفراغات.

– سوء الحالة اللياقية لمعظم لاعبي الفريق، مما يجعل ضغطهم ضعيف للغاية. بوسكيتس على سبيل المثال ضد سوسيداد يصعد خطوات للأمام تجاه مرمى الخصم، ومع كرة طولية يتم ضربه ولا يعد بسهولة بسبب عامل البطء وحتى السن. دي يونج نفسه مشتت للغاية بين مهام مركزه الجديد وطريقة لعبه القديمة، لذلك تجده تائهاً كلما صعد للأمام من أجل الضغط، مقارنة بتميزه في نصف ملعبه على مقربة من شتيجن.

– عدم وجود أجنحة متنوعة في الفريق، يجعل الجانب العرضي ضعيفا للغاية، خاصة أن أحد مباديء اللعب التموضعي تكمن في جمع أكبر عدد من اللاعبين في العمق، تمهيداً لضرب المنافس عند نقل الهجمة من جهة لأخرى، بحثا عن الفراغ المتاح أسفل الأطراف.

كل هذه الأمور تحتاج إلى التحسن العاجل داخل سيستم سيتيين، لكن ماذا عن الإيجابيات التي تجعله أفضل من موسم فالفيردي، رغم كل ما ذكرناه من سلبيات؟

برشلونة مؤخرا أصبح يصل إلى المرمى بشكل أكبر من بداية الموسم، صحيح أن ميسي لا يزال صاحب الكلمة الأولى في صناعة الفرص وتسجيل الأهداف، لكن الفريق يصل أيضا لمرمى منافسيه، كلما صعد ألبا بذكاء إلى الأمام، أو حصل بريثويت على الفرصة كما الحال في آخر 3 مباريات، جنبا لجنب مع حالة أرثور المميزة عندما يكون جاهز بدنيا، ومساعدة بوسكيتس في التمرير البيني والقطري عندما يتواجد أكثر في نصف ملعب الخصم، مع وجود حماية من زملائه.

تخبرنا الأرقام عبر حساب Barçanatics أن عدد الأهداف المتوقعة لبرشلونة زاد مع سيتيين مقارنة بفالفيردي. عدد أو نسبة الأهداف المتوقعة XG تعتمد على عدد وحجم وشكل الفرص والتسديدات، قربها أو بعدها من المرمى، ومدى ترجمتها إلى أهداف وفق معدلات الفريق الطبيعية، لذلك فإنها تدل بشكل أو بآخر على مدى قوى الفريق في صناعة الفرص من عدمها.

نسبة الأهداف المتوقعة:

مع فالفيردي: 1.76 هدف بالمباراة

مع سيتيين: 2.36 هدف بالمباراة

الأهداف نفسها التي سجلت:

مع فالفيردي: 2.58 هدف بالمباراة

مع سيتيين: 1.63 هدف بالمباراة.

ماذا تدل: تدل هذه الأرقام على أن فريق سيتيين يصل إلى المرمى أكثر، لكنه يسجل أقل، بينما فريق فالفيردي لم يصل كثيراً لكنه كلما يصل فإنه يسجل.

والسبب: جزء بسبب غياب لويس سواريز، الرجل الذي كان يحصد نقاط عديدة في الليجا. فورمة ميسي غير العظيمة مؤخرا لعدم جاهزيته البدنية، وتوهان جريزمان دون سابق إنذار منذ بداية عام 2020.

لويس سواريز برشلونة
لويس سواريز

هذا على مستوى الهجوم، ماذا عن الدفاع؟

نسبة الأهداف المتوقعة في شباك برشلونة:

مع فالفيردي: 1.19 هدف بالمباراة

مع سيتيين: 0.99 هدف بالمباراة.

ما دخل مرمى برشلونة فعليا:

مع فالفيردي: 1.21 هدف بالمباراة

مع سيتيين: 1هدف فقط بالمباراة.

أي أن نسبة الفرص التي تصل مرمى شتيجن أصبحت أقل، وبالتالي عدد الأهداف في مرماه قلت عن السابق.

وماذا عن صناعة الفرص هجوميا بعيدا عن عدد الأهداف ونسبتها؟

عدد الفرص في المباراة الواحدة لبرشلونة هذا الموسم؟

مع فالفيردي: 2.79 فرصة بالمباراة.

مع سيتيين: 4.13 فرصة بالمباراة.

حتى على مستوى الفرص المستقبلة تجاه مرمى شتيجن:

مع فالفيردي: استقبل برشلونة 1.42 فرصة بالمباراة.

مع سيتيين: استقبل الفريق 1.13 فرصة بالمباراة.

أي أن هناك تحسن على مستوى صناعة الفرص، وتحسن أيضا على مستوى تقليل فرص الخصوم.

مباراة مثل ريال سوسيداد على سبيل المثال، كانت هناك مشاكل واضحة في البناء والضغط كما ذكرنا، لكن أيضا عند إعادة اللقاء بهدوء، ستجد أن البارسا صنع فرص أكثر، كان الطرف الأكثر خطورة، ووفق عدد الفرص وحجمها وطبيعتها فإن النتيجة الطبيعية بناء على نسبة الأهداف المتوقعة كانت يجب أن تكون هدفين لبرشلونة مقابل نصف هدف لسوسيداد.

مباراة مثل ريال بيتيس خارج الأرض التي انتهت فوز البارسا 3-2، رغم خطورة بيتيس في آخر نصف ساعة من الشوط الأول، إلا أن برشلونة قلل كثيرا من فرص الفريق الأندلسي مقارنة بما فعله نفس الفريق أمام ريال مدريد بالأمس، لتكون نسبة الأهداف المتوقعة بعيدا عن ضربات الجزاء: هدف لبيتيس مقابل 1.8 هدف لبرشلونة.

الخلاصة من كل ما سبق أن كيكي سيتيين يحتاج إلى عمل كبير، وكبير جدا، مع تحمله جزء من المشاكل والعيوب بسبب اختياراته وتبديلاته وربما بعض قراراته، دون نسيان قلة السكواد، ضعف التدعيم، ندرة الخيارات، ومشاكل الإدارة الرياضية،

مع كل ذلك، يبقى بارسا سيتيين > بارسا فالفيردي هذا الموسم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى