عجبي..!

كتب- محمد العولقي

لا أحد يبدي اهتماما بحكام مباريات الجلد المنفوخ مصحوبا بتعاطف مع قراراتهم مهما أسالت الكثير من الحبر مثلما فعلت، فقبل دخول تقنية فار على الخط كنت ألتمس الأعذار للحكام على أساس أن كرة القدم لعبة أخطاء، والكمال فيها ليس شيئا حسنا.. لكن دخول تقنية فار الخدمة في كل ملاعب العالم أرغمني على وضع أخطاء الحكام تحت مجهري، على أساس أن معدل الخطأ عند الحكام انخفض بشدة، ولا عذر لهم إن لاكوا الأخطاء بنظام العلكة، طالما فار جاهز للتصويب متى ما طلب منه تفسير الكثير من الحالات المشبوهة..

لكن ما فعله الحكم الإنجليزي مايكل أوليفر في مباراة شيفلد يونايتد وأستون فيلا كان عملا دبر بليل، فالحكم إياه أهدى أستون فيلا نقطة بيضاء كان وزنها من ذهب في اليوم الأسود.. أرسل أحد لاعبي شيفلد كرة بالونية على الطريقة الأنجلوساكسونية، أمسك بها حارس أستون فيلا النرويجي أوريان نايلاند في الهواء، وحتى هذه اللحظة لم يبد أن اللقطة ستثير أدنى مشكلة، لكن الحارس وبطريقة كوميدية تذكر أعمال شارلي شابلن، اصطدم بزميله المدافع كينان دايفيس، ترتب عليه رد فعل خاطئ من الحارس حين دخل مع الكرة الشباك الجانبية بالكامل.. شاهد الجميع هذه اللقطة الطريفة التي أعلنت قانونيا عن هدف سليم لصالح شيفلد، لكن حدثت كارثة الحكم وسط ذهول لاعبي شيفلد واستغراب لاعبي أستون فيلا، لقد رفض الحكم احتساب الهدف بحجة أنه ماشفش حاجة شأنه شأن عادل إمام..

لم يكن هناك سبب منطقي يستدعي الحكم مايكل أوليفر التشبت برأيه والإصرار على عدم احتساب الهدف، فحتى تلك اللحظة التي ثار فيها لاعبو شيفلد ضد قرار الحكم، كان يمكنه عمليا قتل الجدل في مهده لو أنه استعان بتقنية فار، أو حتى استجاب لنداء حكام الغرفة الإلكترونية المغلقة، لكنه لم يفعل لا هذا ولا ذاك، فهل يستحق مثل هذا الحكم تعاطفا مني ومن غيري ..؟، لاحظوا أن إلغاء هذا الهدف المصيبة كان ذا فائدة عمليا، فقد منح أستون فيلا نقطة ذهبية مثلث طوق نجاته من الهبوط إلى دوري الظل، ونجم عن هذا الخطأ الفادح المعمد بسبق الإصرار والترصد هبوط فريقي بورنموث وواتفورد إلى الدرجة الأولى بفارق نقطة وحيدة عن ابن المحظوظة أستون فيلا، ولو أن الحكم استمع لتأنيب الضمير، واستجاب لاحتجاجات لاعبي شيفلد، لعاد لتقنية فار وأنصف فريق شيفلد، ولو فعل هذا لكان الآن فريق المصري محمود تريزيجيه في عداد الهابطين..

الغريب أن الحكم مايكل أوليفر لم يعاقب ولو بلفت نظر، فقيدت اللقطة على أنها حالة تحدث في أحسن الدوريات العالمية، والظريف أيضا أن الحكم الجائر ضبط مؤخرا وهو يمشي الهوينا في شوارع شيفلد، ويلقي التحية على أبناء الملكة اليزابيث وبراءة الأطفال في عينيه، دون أن يصادف مضايقة أو حتى وجها إنجليزيا باردا مقطب الجبين ..

تساءلت بيني وبين نفسي: ترى لو أن حكما عربيا ارتكب نفس الخطأ في دوريات وطني حبيبي الوطن الأكبر، كيف سيكون مصيره ..، بالتأكيد لن يرحمه العربان الذين ذكرهم فريد الأطرش في رائعة بساط الريح، فلو أنه محظوظ ومعه دعوات ست الحبايب، سيطلق الصفارة بالثلاث وسيتوارى عن الأنظار زمنا طويلا، وهذا بلا ريب أفضل من أن تراق دماؤه على بساط الشرف الرفيع، وعجبي.!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى