شعبية التلال.. والاستفتاء الظالم !

كتب- محمد العولقي

كنت أنوي مناشدة الاتحاد الآسيوي لكرة القدم بضرورة تكريم نادي التلال الرياضي من خلال الكونجرس القادم الذي يوزع فيه جوائزه شرقا وغربا، على اعتبار أن التلال وهو يطفئ شمعة عيد ميلاده المائة وخمسة عشر، يؤكد بالأرقام أنه النادي الأقدم والأعرق في القارة الصفراء كلها.

لكن حدثا جللا تمثل في استفتاء معيب لاختيار النادي الأكثر شعبية في اليمن دفعني لتغيير بوصلة مقالي إلى غير الجهة التي أقصد، ففي وقت كان التلال بحاجة ماسة إلى لحظة إنصاف ونظرة عدل اتضح أن الاتحاد الآسيوي يشكك في شعبيته، من خلال استفتاء معيب ومريب تغيب عنه المعايير والمقاييس المنطقية، بدا للوهلة الأولى وكأنه فيلم تجاري من إنتاج مؤسسة (مرجان أحمد مرجان)..

صحيح أن التجارب السابقة أكدت أن بين الاتحاد الآسيوي والمعايير والمقاييس قطيعة وعداء أكثر فتكا من عداء اليابانيين للولايات المتحدة الأمريكية على خلفية قنبلتي ناجازاكي وهيروشيما، لكن لم أكن أتصور أبدا أن يتجرأ هذا الاتحاد على حشر التلال في خرم إبرة استفتاء شعبي عشوائي نافذته مفتوحة على البحري، دون وضع معايير أو شروط أو مقاييس للمفاضلة بين الأندية التي انتقاها وفق مزاج متقلب يهوى تزوير التاريخ وتغيير معالم جغرافيا الجلد المنفوخ.

لست هنا في مساق الحديث عن جوائز الاتحاد الآسيوي الفردية، فهذه جوائزه فليهبها لمن يشاء حتى وإن بدت غير مطابقة للمواصفات ومستفزة للعقل والمنطق أحيانا، لكن أن يلغي هذا الاتحاد على موقعه الرسمي كل أرقام التاريخ وكل معطيات الجغرافيا بتضاريس بطولاتها وأخاديد مدلولات عراقتها ماضيا وحاضرا، ثم يضع نادي التلال في مقارنة ظالمة وغير منصفة مع أندية شعب إب ووحدة صنعاء وهلال الحديدة، فهذه لطمة على خد الكرة اليمنية التي تدين بالعمادة والشعبية التاريخية للتلال بالذات دون منافس يزاحمه أرقام التاريخ ومعطيات الجغرافيا..

وبعيدا عن التشويق الهتشكوكي، وقع الاتحاد الآسيوي في براثن مغالطة تاريخية غير مقبولة، فهو عندما يختار أندية أقل قيمة ومكانة من نادي أهلي صنعاء لضرب تاريخ التلال الطويل، فهو بهذا الاستفتاء يستهدف المغالطة في أوراق رسمية، وينوي دهس كل المعايير والمقاييس من خلال مسرحية ربما يكون كاتب سيناريوهاتها (الواد سيد الشغال)..

ومع بالغ تقديري واحترامي لأندية وحدة صنعاء وشعب اب والهلال الساحلي، فهي شعبيا تتأرجح على حبال الأرقام، وليس لها من عير التاريخ ونفير الجغرافيا سوى مناوشات لا تصل إلى حد مقارعة التلال شعبيا رأس رأس.. وإذا كان هناك من ناد يستحق أن يدخل مع التلال في جولة على كأس النباهة شعبيا، فسيكون هذا النادي هو أهلي صنعاء، وليس وحدة صنعاء أو شعب اب أو الهلال، ولن أستند هنا على تاريخ الميلاد كمعيار للمفاضلة، ولا على العراقة وسرعة البديهة، لكن سأستند معكم على بديهية العقل والمنطق بعيدا عن رؤية الاتحاد الآسيوي غير الموفقة.

لا شك أن وحدة صنعاء له شعبيته التي يقاسمها الأهلي في صنعاء وما جاورها، وهو القطب الآخر الذي ينازع الأهلي بعضا من الأرقام والبطولات وقليلا من السيادة، لكنه لا يستطيع شعبيا أن يقفز فوق الإمبراطور أهلي صنعاء أو العميد التلال، حتى إذا كان يحمل لقب الزعيم قولا وفعلا.. وليس في وضع شعب أب (ملك نابولي المتوج) وعنيدها الكبير، ما يمكن أن يرفع من إيقاع أرقامه تاريخيا، فهو يظل الأول في محافظة اب وما جاورها، لكنه لن يصل إلى مكانة التلال أو أهلي صنعاء شعبيا، بحكم أن الأول يقف على تراث وإرث دولة ذهبت ضحية بيروستريكا الرفيق غورباتشوف، والثاني كان ولازال سيد دولته وعنوان رأسماليتها كرويا..

أما معدتي فقد استعصى عليها هضم إقحام نادي الهلال الساحلي في استفتاء شعبي لا ناقة له فيه ولا جمل، فالهلال رغم أنه مع منتصف العقد الأول من الألفية الثالثة دغدغ قليلا من الأرقام، إلا أنه مهما حاول، ومهما استعان بزانة شيوخه، فلن يقفز فوق شباب الجيل وأهلي الحديدة، ولو دفع مقابل ذلك من دم قلبه الغالي والنفيس.. أتعجب من خطوة الاتحاد الآسيوي التي من شأنها تجريد التلال من شعبيته الكاسحة وإخراج أهلي صنعاء من كل الجمل المفيدة وعلامات الإعراب..

بالطبع الأندية الكبيرة في العالم تستقي شعبيتها وجماهيريتها من تاريخ الميلاد ومن فيض البطولات ومن العراقة التي لا تزحزحها الأصوات العشوائية، ولا تأتي عبر نزوة استفتاء معيب قد يخل بموازين الخارطة الكروية في اليمن في لحظة طيش أو تعصب، ولو استقرينا التاريخ وربطناه بعراقة أرقام التلال وأهلي صنعاء، فإن ما جمعاه من بطولات قبل الوحدة وبعدها يفوق جميع الكؤوس والبطولات التي حققها ثلاثي أضواء المسرح الوحدة والشعب والهلال، مع كامل تقديري لكل بطولاتهم واجتهاداتهم ..

أتفق معكم أن الإحصائيات ليست غاية في حد ذاتها، نستعرض من خلالها عضلات التلال والأهلي، لكنها ذات أهمية في تدعيم الرأي، وإنهاء الجدل والنقاش، فالتلال يظل متربعا على القمة شعبيا، وخلفه أهلي صنعاء لاعتبارات محفوظة عن ظهر قلب، ليس هنا مجال عرضها طولا وعمقا وارتفاعا..قد لا تعنيني جوائز الاتحاد الآسيوي كثيرا، لأن متابعتها في كل كونجرس أمر يندرج على مخاطر كبيرة، لا يحبذها ذوو القلوب الضعيفة، فهو في غياب المعايير الحقيقية والمقاييس المنطقية أحيانا، تثير اختياراته العديد من علامات الاستفهام.

ونتذكر ما قام به الاتحاد عام 2007 عندما أثار عاصفة من الجدل بتتويجه للاعب الأقل نقاطا أولا، واللاعب الأكثر نقاطا ثالثا، ولكم أن تسألوا الزميل أسامة الشيخ مدير تحرير مجلة سوبر حينها، فهو الذي كشف تفصيل هذه الحادثة.. ولأنني هنا أناصر الحق داحضا لكل محاولات تزييف العقول باستفتاء عشوائي تغيب عنه المعايير والمقاييس، فأتمنى على ناديي التلال وأهلي صنعاء التصدي لهذه الألعاب الدراكولية التي تستهدفهما مع سبق الإصرار والترصد، على التلال أن يكون فوق مستوى هذا الاستفتاء المشبوه، وأن يدافع عن عمادته وشعبيته وعراقته بكل الحجج والبراهين، وله في محكمة الكأس الدولية منأى إذا انغلقت السبُل، كما أن على رجالات نادي أهلي صنعاء وما أكثرهم، التصدي لهذا التضليل والتطبيل والتهويل الآسيوي غير المبرر، حتى لا تتبخر إمبراطوريته شعبيا في كوالالمبور زورا وبهتانا..

أتمنى على الأخ حميد شيباني أمين عام الاتحاد أن ينبري بنفسه، ويتدخل لإيقاف عبث الاتحاد الآسيوي بتاريخ التلال الكروي، هذا إذا كان أمينا على التاريخ، ولو لم يفعل ذلك وهو يعلم خطورة سرقة وتزييف التاريخ عشوائيا لكان من الظالمين.. اللهم إني أبلغت.. اللهم فاشهد..!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى