جولين لوبيتيجي.. هل يستحق المدرب الإسباني تقييمًا أفضل؟

تقرير – أحمد مختار

بايرن ميونخ فاز بكأس السوبر بعد مباراة دراماتيكية مع إشبيلية، لكن النهائي كان متكافئا إلى حد كبير، وكان بمقدور الأندلسيين خطف الكأس في آخر لحظات الشوط الثاني قبل الاحتكام إلى الأشواط الإضافية.

فاز إشبيلية بالدوري الأوروبي بالموسم الماضي، لكنه أيضا فاز بها من قبل أكثر من مرة مع إيمري.

حصل إشبيلية على المركز الرابع بالليجا، لكنه أيضا حقق هذا المركز من قبل، أحرج إشبيلية الكبار محليا وقاريا، لكنه أيضا فعل ذلك مع أكثر من مدرب.

كل هذه الأمور تجعلنا لا نضخم من جولين لوبيتيجي أو نعطيه أكثر من حقه، لكنه فعلا تعرض للظلم من الجميع سابقا، بعد تجربته غير المكتملة مع ريال مدريد، وعدم حصوله على الفرصة رفقة الماتدور الإسباني، إلا أن ما يقدمه المدرب مؤخرا، سواء فائزا أو خاسرا، مع إعداده الجيد للمباريات الكبيرة، وقراءته الموفقة لعديد المواجهات، يجعلنا نتوقف بعض الشيء أمام خطته المثالية ضد بايرن في السوبر الأوروبي.

قدم لوبيتيجي مباراة تكتيكية مميزة أمام هانز فليك، سواء في استغلال رحيل تياجو وتطبيق الضغط بطريقة ما، أو في الدفاع بـ 5 بدلا من 4 لتقليل خطورة هجوم البافاري،

في البداية رحيل تياجو لا يزال مؤثرا بالنسبة لبايرن، خاصة أثناء البناء من الخلف، لأن إشبيلية ركز في ضغطه على إغلاق زوايا التمرير في العمق، واستهداف لوكاس على اليسار، من أجل محاولة قطع الكرة أو إجهاض الهجمة في البدايات.

هي إستراتيجية استخدمها توماس توخيل في نهائي الشامبيونز، بعد إحكامه السيطرة على ألفونسو ديفيز يسارا، بواسطة ثنائية دي ماريا وهيريرا من دون الكرة، وحصل باريس على بعض الفرص الخطيرة، لولا رعونة مبابي، وتألق تياجو في العودة إلى مناطقه، ولعبه همزة الوصل بين الدفاع والهجوم، كـ كرة هدف الفوز، عندما بدأ الإسباني الهجمة وأوصلها طويلة إلى كيميتش، من أسفل اليسار إلى أقصى اليمين.

في السوبر، لم يكن هناك تياجو، مما جعل جوريتزكا وكيميتش في ورطة بعض الشيء، عندما ضغط إشبيلية بشكل سليم على العمق، بواسطة راكيتتش وجوردان على ثنائي وسط بايرن، وإغلاق سوسو العمق جيدا أمام الدفاع، مع السماح فقط بالتمرير تجاه لوكاس، الذي يقترب منه نافاس باستمرار.

إشبيلية من دون الكرة مع 4-1-4-1 منع الفريق البافاري من الخروج المنظم بالهجمة خاصة في الشوط الأول، عندما كانت اللياقة البدنية في قمتها للطرفين.

إشبيلية يدافع بـ4 أم بـ5؟

بايرن من أقوى فرق العالم، إذا لم يكن الأفضل، في الهجوم بأكبر عدد ممكن من اللاعبين، خاصة في ظل حالة اللا مركزية التي يستخدمها فليك، بتواجد مولر، ليفاندوفيسكي، جنابري، وساني في الثلث الأخير من الملعب، سواء بالعمق أو الأطراف، مما يجعل الدفاع أمامهم صعب.

هنا لوبيتيجي لعب بطريقة قريبة من 4-2-3-1 بتواجد فرناندو وجوردان في الارتكاز، ومعهما راكيتتش، لكن كلما يبدأ بايرن هجومه بالقرب من نصف ملعب إشبيلية، تجد فرناندو يترك موقعه في الارتكاز للدخول بين قلبي الدفاع في العمق، على مقربة من كارلوس وكوندي، لماذا؟

–  يخلق موقف 3 ضد 2 أمام مولر وليفا.

– يخرج نافاس لليمين أكثر من أجل مواجهة أجنحة بايرن.

–  يصبح سكوديرو أقرب للمدافع الخامس منه إلى الظهير الأيسر.

– يتحول راكيتتش إلى الوسط كارتكاز مساند بدلا من صانع لعب.

ومع دخول جويدي في الشوط الثاني، أصبح هذا الرسم أكثر وضوحا بالتحول من رباعي الخلف إلى خماسي الدفاع أو الـ BACK 5 في آخر نصف ساعة حتى الأشواط الإضافية.

صورة للتوضيح من حساب ستيفن بيريجي..

لوكاس أوكامبوس

منذ حوالي شهرين، كتبت تحليلا مفصلا عن لوكاس أوكامبوس، وفصلت دوره مع إشبيلية بالتفصيل، سواء في التسجيل أو الصناعة، لعبه كجناح حقيقي على اليمين، وجناح مقلوب يسارا، مع قدرته على القيام بالشق الدفاعي، والضغط على حامل الكرة في نصف ملعب المنافس.

وصفته حينها بالجناح المتكامل في 2020، ورغم معارضة بعض الأصدقاء لكن أعتقد أدائه أمام بايرن يستحق أن يكون كذلك وأكثر، لأن الأرجنتيني بالنسبة لي فعل كل شيء ممكن،

– اللعب على اليسار، وفتح الملعب بالعرض في بداية المباراة خلال رسم 4-2-3-1، مع إجبار جنابري على العودة إلى مناطقه لمساندة بافارد.

– تحوله إلى اليمين في الشوط الثاني بعد دخول أوليفر توريس ثم خروج سوسو، ليصبح أقرب إلى الجناح الصريح الذي يلعب على الخط، يدافع ويهاجم، ويستغله لوبيتيجي في التحولات السريعة مع يوسف النصيري.

– لاعب مميز جدا في المراوغة، الإنتاج، التسجيل، وفي نفس الوقت يدافع ويركض ويلعب بحدة كبيرة جدا.

أوكامبوس مع لوبيتيجي حقق المعادلة الصعبة، أن يكون لاعبا يعرف كيف يحتفظ بالكرة تحت الضغط، ولديه ميزة اتخاذ القرارات السريعة، فيما يعرف بالـ “جودة”، وفي نفس الوقت لا يتوقف عن الركض، يضغط، يهتم بلياقته، ويمتاز بالجانب البدني، فيما يعرف بالـ “الحدة”.

في النهاية، كل ما سبق يعني عدم التقليل من بايرن ميونخ، الذي استحق الفوز باللقب، ويعتبر الفريق الأفضل أوروبيا بالوقت الراهن، لكن إشبيلية في المقابل قدم عرضا كبيرا،

والأهم من كل ذلك، أن جولين لوبيتيجي يقدم نفسه من جديد، ويعيد اكتشاف ذاته خططيا وتكتيكيا، بعد فترة سابقة من التخبط وسوء الاختيارات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى