البكري الذي بكرت من أجله غبش

كتب- محمد بن عبدات

منذ الوهلة الأولى حين سمعت باسم الأخ الفاضل نايف البكري كمسؤول أول عن الرياضة في بلادنا، تبادر إلى ذهني ذلك الكاتب والمؤرخ الحضرمي الكبير صلاح البكري الذي قدم سيرة عطرة أظهر من خلالها سردا جميلا ومفصلا لتاريخ حضرموت من جوانب مختلفة.. كان صلاح بن محمد البكري إرشاديا ويميل في كتاباته بوضوح إلى ثورة جدنا الشيخ الجليل والمناضل الكبير صالح عبيد بن عبدات ضد الاستعمار البريطاني وأعوانه، ولهذا كتب عنها الكثير.. ومن حسن حظي أنني التقيته قبل وفاته في مدينة بوقور الإندونيسية قبل نحو أكثر من ربع قرن وأهداني بعض مؤلفاته.

لهذا كنت أتطلع لنايف البكري هذا الوزير الشاب من الزاوية البعيدة التي عرفت من خلالها البكري المؤرخ، فبعض الأسر فيها جينات متوارثة تحمل فكرا وابداعا مصحوبة بشهامة وبساطة وتواضع، وحقيقة هذا ماوجدته ماثلا أمامي في شخصية أحد أحفاد أسرة آل البكري وأقصد نايف .. الذي لم ألتقه من قبل وربما يعرفني كاسم في عالم الصحافة الرياضية والرياضة عموما كما أعرفه أنا من هذا الباب..

مساء الأربعاء الماضي جاءني اتصال من الأخ العزيز رياض بن صلاح الجهوري مدير عام مكتب الشباب والرياضة بوادي وصحراء حضرموت، هذا الشاب الجميل المفعم بالحيوية والنشاط يخبرني أن وزير الشباب والرياضة متواجد في رحاب مدينة العلم والجمال والدان سيئون الطويلة وأنه بصدد الزيارة صباح غد لبعض المنشآت الرياضية، فبكرت غبش واتجهت بعجلات سيارتي نحو الاستاد الأولمبي، وحين وصلت وجدت الجميع في حرم كلية التربية البدنية الملاصقة للاستاد، وهناك أول من قابلت ضمن الوفد الزائر للمدينة الأخ الفاضل رمزي محروس محافظ أرخبيل سقطرى الذي فرح لرؤيتي فقد عشنا معا أياما جميلة أثناء بطولة كأس آسيا الأخيرة التي أقيمت في الإمارات بدعوة كريمة من اللجنة المنظمة مع كثير من الإعلاميين والمسؤولين الرياضيين العرب..

وعقب لحظة اللقاء أتت إطلالة ابن البكري وبعد الترحاب به من قبلي كأقل واجب لضيف على أرض أهلي وأجدادي حضرموت انطلق الموكب في اتجاه صالة الفقيد علي بامعبد الرياضية في حي مريمة إحدى ضواحي مدينة سيئون وهناك انتهزتها فرصة أن ألتقي البكري وأجريت معه حوارا مختصرا لأحد المواقع الرياضية العربية، تكلم فيه بلغة تشعر داخلها بكثير من المصداقية والطيبة والروح النقية الصافية البعيدة عن البهرجة والتزييف والمخادعة السياسية.. أقول ذلك صراحة وأنا من طبعي لا أعرف المجاملة والتدليس فقد رأيت أمامي شخصية استشعرت نواياها الطيبة لخدمة هذا القطاع الكبير الذي ركيزته الأساسية الرياضيون والشباب، وفي تلك الأثناء أو اللحظات البسيطة، كان هناك شيء من زيادة التعارف وتبادل لبعض الكلمات وفي لحظة وجدته يشد بإحدى يديه على سواعدي ويشير إلى وكيل الوادي والصحراء عصام بن حبريش الكثيري فقلت في قرارة نفسي وبعد كل هذه المسيرة الطويلة التي خدمت من خلالها بلدي وحققت مالم يحققه الكثير ولله الحمد سواء على المستوى المحلي أو العربي والقاري ولهذا أجد دائما التقدير والتشريف يأتي من الخارج أكثر مما يلتفت لنا الداخل أو الوطن الذي عملنا كل ذلك من أجل رفع شأنه.

نعم قلت في قرارة نفسي لماذا الإشارة إلي هناك ووزارتك أيها الوزير هي التي لم تنتبه إلى الكثير ممن خدم البلد ورفعوا من شأنه ولازال البعض يواصل مشوار ذلك العطاء ويقدم كل مايملك من فكر وإبداع لرفع شأن بلده رغم كل التهميش والتقصير تجاهه، فالشخص الوطني لاينظر دائما غير أن يقدم كل ماهو جميل ورائع ليلفت من خلاله أنظار الآخرين له ولبلده بإعجاب وتقدير كبير.

أخيرا ليس معي من قول سوى أن أبعث تحيه للأخ الفاضل نايف بن صالح البكري الذي بكرت من أجله غبش لأجد فيه شخصا يحمل آمالا وروحا طيبة وهما وطنيا محاطا بكثير من الصعاب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى