فيليب كوتينيو.. غدا لناظره قريب!

تقرير – محمد العولقي

بدأ البرازيلي فيليب كوتينيو يجني ثمار طريقة المدرب الهولندي رونالد كومان مع برشلونة هذا الموسم، فالفتى البرازيلي الموهوب و اللاعب المحبوب وجد أخيرا ضالته المفقودة في مدرب عرف مبكرا كيف يوظفه داخل الملعب، وكيف يجعل منه قفلا و مدارا لشاكلة تكتيكية تبدو جديدة على راقصي التيكي تاكا ..

ونجح كوتينيو في إضفاء بصمة واضحة على وسط ميدان برشلونة في أول جولتين من لاليجا، الأمر الذي مكنه سريعا من انتزاع إعجاب و تقدير عشاق برشلونة ..
وقبل أن تنهال على كوتينيو شهادات الإعجاب و الإطراء بما يقدمه من خدمات رائعة في وسط الميدان، كان البرازيلي على وشك مغادرة قلعة كامب نو لولا أن الهولندي رونالد كومان رمى له طوق النجاة بشاكلة جديدة أعادت قدرات هذا البرازيلي الموهوب إلى الواجهة من جديد ..

وقضى كوتينيو موسما أول شاحبا مع برشلونة بعد انتقاله مباشرة من ليفربول في صفقة بلغت 130 مليون دولار ، البرازيلي لم يعرف طريقه إلى الانسجام مع كتيبة البلوجرانا، لأن توظيفه كان خاطئا من طرف إرنستو فالفيردي بالذات ، فقد كانت كل صلاحيات الثلث الأخير من وسط الملعب في جيب ليونيل ميسي ..

وحتى عندما تمت إعارته إلى بايرن ميونيخ لموسم واحد، لم يكن كوتينيو مقنعا مع الفريق البافاري، لكنه عندما أعلن عن خروج موهبته إلى الأضواء من جديد لعب أجمل عشر دقائق في مسيرته الكروية، فسجل هدفين في مرمى فريقه برشلونة في ربع نهائي دوري أبطال أوروبا و صنع هدفا لزميله روبرت ليفاندوفيسكي، ولسان حاله يقول منتقما :
أنا هنا وهذا كأس علقمي تجرعوه صاغرين ..

وعندما لفظ مدرب الطوارئ سيتين أنفاسه الأخيرة على بوابة ثمانية بايرن ميونيخ التاريخية، تدخل الهولندي رونالد كومان ليداوي كل تلك الجراح الغائرة ، متخذا من نكسة الثمانية ثورة لتصحيح الأوضاع ..
كان أول قرار لكومان أنه تمسك باستعادة كوتينيو و إنهاء مغامرته مع بايرن ميونيخ، وقد كان على أعتاب العودة مجددا إلى البريمر ليج ، وكانت المفاجأة غير المتوقعة أنه رسم شاكلته على كوتينيو وليس ليونيل ميسي ..
استعاد كوتينيو ثقته بنفسه في الوقت المناسب، فكان مردوده في مباراتي برشلونة أمام فياريال و سلتا فيغو مدهشا بحق، وكانت سعادة كومان لا حدود لها ..


” لم يظهر كوتينيو في المباراتين إلا النزر اليسير، يمكنني التأكيد أن أجمل أيام كوتينيو مع برشلونة لم تبدأ بعد ..”
هل يمكن لتألق كوتينيو الحد قليلا من صلاحيات ميسي..؟ هل يمكن لهذه الصلاحيات أن تغضب قائد البلوجرانا مستقبلا ..؟
يجيب كومان بثقة :
” كل لاعب في برشلونة لديه مهام و صلاحيات لكن ليس على حساب الآخر ، و ميسي دائما يخلق لنا الفارق ولعل مهامه الجديدة كمهاجم وهمي أحيانا يمكن أن تشكل توازنا في ظل ديناميكية التنقل بين ميسي و جريزمان ..”
يمكن استعراض الأسباب الفنية والتكتيكية التي نقلت كوتينيو في ظرف مباراتين من حال إلى حال :

شاكلة مغايرة 

أولا : جاء رونالد كومان بفلسفة لعب 4/2/3/1 ، وهي شاكلة منحت عمق الوسط لفيليب كوتينيو، المركز الذي يحبذه و يجيد فيه مع ليفربول و منتخب البرازيل ..
لجأ كومان إلى تأمين الوسط الدفاعي بارتكازين هما سيرجيو بوكسيتش و فرانكي دي يونج ، وهذا يشكل حماية لكوتينيو من العمق ، في حين تقتصر مهام ميسي إما على الرواق الأيمن أحيانا، أو في مركز المهاجم الوهمي بالتناوب مع أنطوان جريزمان في أغلب الأحيان ..
وبهذا الأسلوب مارس كوتينيو مهامه في الوسط بشاعرية و بقريحة لاعب بدأ يتحرر من هاجس التعليب النفسي ..

صلاحيات مفتوحة ..

ثانيا : استغل كوتينيو ارتفاع أسهمه بعد ثنائيته في مرمى برشلونة، لأنه كشف عن كنز فني ثمين لم يحسن فالفيردي توظيفه أو منحه فرصة للقيام بدور صانع الألعاب ..
تخلص كومان من بعض بقايا كارثة الثمانية ، وكان إفراغ وسط الملعب من بعض اللاعبين أبرزهم إيفان راكيتتش و آرتور فيدال في صالح كوتينيو الذي كان في أمس الحاجة إلى مدرب قوي ينتزع بعضا من صلاحيات ميسي في وسط الميدان ..

العقلية البرازيلية

ثالثا : من حسن حظ كوتينيو أن الأقدار ساقت الهولندي رونالد كومان إلى برشلونة، فالمدرب الهولندي المتشبع بعقلية أستاذه و ملهمه يوهان كرويف يؤمن بالعقلية البرازيلية و فطرتها و قدرة لاعبيها على ربط خطوط الفريق، وهذا بالضبط ما يتوفر وبكميات كبيرة في مخزن كوتينيو الفني و المهاري ..

ومن أهم أسباب تمسك كومان بكوتينيو مع برشلونة تجربة الأخير الثرية جدا مع ليفربول غالبا و بايرن ميونيخ بعض الأحيان، و كومان يريد تفصيل دور محوري لكوتينيو ليساهم في خلق أدوار التكامل التكتيكية حسب طريقة لعب لها فلسفة جماعية لا تعتمد على تقديس النجم الأوحد ..

الكرة الآن في ملعب كوتينيو ، فقد منحه كومان فرصة ذهبية ليهيمن على منطقة حساسة طالما كانت من تخصصه، ولقد أعطى البرازيلي في أول جولتين من لاليجا انطباعا بأنه لن يفرط في الفرصة، ولن يخذل مدربه بعد كل حالات المخاض التي عاشها في سنته الكبيسة الأولى مع إرنيستو فالفيردي ، فهل يواصل الدينامو البرازيلي تألقه اللافت حتى النهاية، ويثبت أنه قطعة الغيار التي يحتاجها البلوجرانا لحل مشاكل العمق الهجومي ..؟
لا جواب قاطع في هذه الحالة ، و غدا لناظره قريب ..!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى