الرياضة ترفع راية التحدي في وجه العنصرية ومشاكل المجتمع

 (د ب أ)-توووفه

لم تكن أزمة تفشي الإصابات بفيروس “كورونا” المستجد هي الشيء الوحيد الذي قلب عالم الرياضة رأسا على عقب في عام 2020، وإنما حطم الرياضيون القواعد وحاجز الصمت بشكل لم يحدث من قبل للتعبير عن رفضهم وتصديهم للعنصرية ومشاكل أخرى في المجتمع.

وخلال عام 2020، الذي يدنو من نهايته، أعلن نجوم الرياضة مثل لاعب كرة السلة الأمريكي الشهير ليبرون جيمس والسائق البريطاني لويس هاميلتون بطل العالم لسباقات سيارات فورمولا-1 الحرب على العنصرية ومظاهر أخرى للظلم في المجتمع.

كما حرص العديد من نجوم الرياضة على مساعدة المجتمع بطرق مختلفة خلال أزمة “كورونا”.

وأثارت وفاة المواطن الأمريكي من أصل أفريقي جورج فلويد على يد أحد رجال الشرطة في مدينة مينيابوليس الأمريكية في 25 أيار/مايو الماضي، وحوادث مماثلة، ضجة هائلة وغير مسبوقة في العالم بما في ذلك حالة الغضب التي اجتاحت عالم الرياضة.

وضرب عدد من نجوم الرياضة بعرض الحائط هذه القواعد القديمة التي تحظر امتزاج الرياضة بالسياسة.

ولجأ هاميلتون وفريقه مرسيدس إلى تغيير لون الفريق من الفضي إلى الأسود تضامنا مع أصحاب البشرة السوداء.

كما تأجلت مباريات الدوري الأمريكي لكرة السلة للمحترفين ومباريات الدوري الأمريكي للبيسبول بعد حادث آخر في آب/أغسطس الماضي.

كما هددت لاعبة التنس اليابانية ناومي أوساكا بخسارة مباراة لها، وجثى لاعبو باريس سان جيرمان الفرنسي واسطنبول باشاك شهير التركي على ركبتهم قبل مباراة بينهما بدوري أبطال أوروبا بسبب واقعة أخرى اتسمت بالعنصرية من أحد حكام المباراة.

وحظيت حركة “حياة السود مهمة”، والتي نشأت بعد وفاة فلويد ، بدعم ومساندة العديد من نجوم الرياضة العالميين مثل ليبرون جيمس الذي يمكنه الوصوال لعشرات الملايين من المتابعين عبر شبكات التواصل الاجتماعي.

وبعدما اعتبرت التصريحات السياسية سابقا أمرا غير مشروع في عالم الرياضة ، وكانت عقوبتها هي الإيقاف إضافة لعقوبات أخرى ، أصبح مسموحا بها الآن من قبل الأندية والاتحادات الرياضية وإن لم يكن هذا بشكل رسمي.

وتجرد فريق “واشنطن ريد سكينز” لكرة القدم الأمريكية من اسم “ريدسكينز” كما سعى فريق كليفلاند إنديانز الأمريكي للبيسبول أيضا من التخلص من اسم “إنديانز”.

واعترف روجر جوديل مفوض رابطة كرة القدم الأمريكية بأن الرابطة كانت مخطئة لعدم تشجيع الاحتجاجات السلمية ضد العنصرية.

وقال جوديل : “نعترف في الرابطة الوطنية لكرة القدم الأمريكية بأننا كنا مخطئين لعدم الاستماع إلى لاعبي البطولة وعدم تشجيع الجميع على الاحتجاج السلمي… نرى أن حياة السود مهمة. بدون اللاعبين أصحاب البشرة السوداء ، ربما لم يكن هناك الدوري الوطني للعبة”.

ونجح هاميلتون في إقناع فريقه مرسيدس بتغيير لون الفريق من الفضي إلى الأسود كما حرص معظم السائقين المشاركين في بطولة العالم (الجائزة الكبرى) لسباقات سيارات فورمولا-1 على الجثو على ركبتهم مع بدء فعاليات الموسم المنقضي من البطولة والذي بدأ في تموز/يوليو الماضي بدلا من آذار/مارس بسبب جائحة كورونا.

وتعهدت الفرق المشاركة والرابطة المنظمة لبطولة فورمولا-1 بمزيد من التنوع في المستقبل.

وقال هاميلتون أول سائق في فورمولا-1 من أصحاب البشرة السوداء : “نريد أن نبني إرثا يتجاوز حدود الرياضة إذا استطعنا أن نكون في موقع القيادة ويمكننا البدء في بناء قدر أكبر من التنوع في رياضتنا ، سيكون هذا رسالة قوية وسيعطي الآخرين الثقة لبدء حوار حول كيفية إجراء هذا التغيير”.

ولم يكن نجاح هاميلتون في الفوز بلقب بطولة العالم لفورمولا-1 ومعادلة الرقم القياسي في عدد مرات الفوز بالبطولة برصيد سبعة ألقاب هو الشيء الوحيد الذي منح هاميلتون الحق في اختياره شخصية العام الرياضية في بريطانيا وكذلك فوزه بجائزة مماثلة من الاتحاد الدولي لسباقات السيارات (فيا)، وإنما كانت أنشطته خارج مضمار السباق من أهم الأسباب وراء هذه الجوائز.

وشارك هاميلتون في مظاهرة بالعاصمة البريطانية لندن ضد العنصرية ، وكذلك فعل نجم التنس الألماني السابق بوريس بيكر في كانون أول/ديسمبر الحالي حيث وصف الاحتجاجات بأنها “أهم أحداث في 2020 وفيما تبقى من حياتي”.

وقال بيكر: “تأثرت لأن عائلتي تأثرت. لا أعتقد أننا في مجتمعنا الأبيض لدينا أدنى فكرة عما يعنيه أن يتم الحكم عليك وإدانتك ومهاجمتك لأنك تبدو أسود أو أبيض من الخارج”.

وأعلن لاعبو كرة القدم عن إدانتهم بقوة وصراحة للعنصرية ، وجثى لاعبو الدوري الإنجليزي على ركبتهم في المباريات، وكان هذا هو ما حدث تماما في بطولات دوري أخرى مثل الدوري الألماني (بوندسليجا).

وقال رحيم ستيرلنج مهاجم مانشستر سيتي الإنجليزي: “أرى هذا كخطوة هائلة من الدوري الإنجليزي أن يسمح بحدوث هذا. هذا يظهر أننا نسير في الاتجاه الصحيح”.

وسمح الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) وكذلك الاتحاد الأوروبي للعبة (يويفا) والاتحادات الوطنية بمثل هذه التصرفات، كما ظهر شعار اليويفا “لا للعنصرية” بشكل بارز في باريس مؤخرا بعد مغادرة لاعبي باريس سان جيرمان وباشاك شهير الملعب بعد تصريح عنصري من الحكم الرابع للمباراة.

وجثى جميع لاعبي الفريقين وحكم المباراة على ركبتهم لدى استئناف المباراة نفسها في اليوم التالي.

وقال كيليان مبابي مهاجم سان جيرمان: “أفتخر بالطبع بما تم. الحقيقة أنه ما من شيء أفضل من الأفعال. لا نريد أن نمر بهذه التجربة مجددا”.

ووصف نجم كرة القدم الهولندي السابق رود خوليت العنصرية بأنها “سرطان اجتماعي يتعين علينا جميعا أن نعالجه”.

وقال ألكسندر شيفرين رئيس اليويفا إن كرة القدم لديها القدرة على إحداث هذا التغيير. وأوضح : “كرة القدم تحظى بمتابعة مليارات من البشر في كل أنحاء العالم. علينا أن نظهر أن هذا التمييز خاطئ. علينا أن نكون نماذج تحتذى. إذا كانت هناك أي صناعة في العالم تستطيع فعل هذا ، فإنها كرة القدم”.

وبعيدا عن العنصرية ، حاول العديد من الرياضيين مساعدة المتضررين من أزمة “كورونا”.

وشهدت الشهور الماضية تبرعات كبيرة مثل تبرعات أسطورة التنس السويسري روجيه فيدرر ، ومساعدة عملية مثل التدريبات عبر الإنترنت للأطفال من بطلة العالم في الوثب الطويل الألمانية مالايكا ميهامبو.

كما جمع ليون جوريتسكا وجوشوا كيميتش لاعبا بايرن ميونخ الألماني الملايين من خلال مؤسستهما الخيرية “نحن نركل كورونا”.

ولكن التأثير الأكبر كان من ماركوس راشفورد مهاجم مانشستر يونايتد الإنجليزي بعدما أجبرت جهوده لدعم الأطفال المحرومين الحكومة البريطانية على تغيير مسارها بشأن تمويل الوجبات المدرسية خلال العطلات.

وينتظر أن تتواصل هذه الأنشطة بشكل جيد في عام 2021 الذي سيشهد اختبارا صعبا وقاسيا للرياضيين خلال مشاركتهم في أولمبياد طوكيو ، الذي تأجل إلى 2021 بسبب جائحة كورونا ، نظرا لأن اللجنة الأولمبية الدولية ما زالت تدعم قواعدها التي تحظر التصريحات السياسية في الملاعب والاحتفالات الرياضية الأولمبية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى