روماريو.. موهبة ومزاجية لن تتكرر

كتبت- ترياء البنا

أحب كريستيانو رونالدو فهو المثال الحي للعزيمة والإرادة الفولاذية والمجازفة المحسوبة والتي يستند فيها إلى الثقة بقدراته، ويعجبني إلى حد ما ليونيل ميسي ومهاراته الفردية، ويأسرني روبرت ليفاندوفسكي بالإصرار والتركيز المفعم بالمهارة والمهارة العقلية، ويبهجني جنون نيمار، وعقل وكياسة مبابي، وسرعة ومهارة وقدرات الفرعون المصري محمد صلاح، وشخصية ساديو ماني، وأداء هاري كين، ولوكاكو، وقوة سواريز.

لم أعاصر بيليه، أو مارادونا أو زيكو أو حسن شحاتة والخطيب والفناجيلي وغيرهم من الأساطير التي سمعت عنها الكثير، وشاهدت بعض المباريات المسجلة لها، ولكني أعشق ملك الصندوق، أمير منطقة الـ18، روماريو دي سوزا، الفتى المشاغب، المجنون، العاقل، المهاري، المشاكس، هو بتعريف بسيط يمثل لي بلغة كرة القدم السهل الممتنع، دائما يفعل ما لا يمكن توقعه، والكرة بين قدميه تفكر أنت مائة تفكير بما يمكن أن يفعله، ليأتيك بما لم تتوقعه، روماريو كمحترف الشطرنج الذي يواجه محترفا مثله ويدرك جيدا قدرات خصمه، إلا أنه يأبى إلا أن يفوز عليه بطريقة المبتدئين.

يملك روماريو مسيرة كروية حافلة بالإنجازات والمناوشات والتصريحات المثيرة، فعندما سئل كيف لك كلما زاد عمرك زاد تألقك وإحرازك للأهداف، أجاب:” روماريو كالخمر المعتقة، كلما مر الوقت زاد جمالها وقيمتها”، ومن غيره في تاريخ الكرة الذي صرح علانية أنه أفضل من بيليه، وأن فيفا ظلمه كثيرا لأنه ليس أوروبيا، وهو محق في ذلك ففيفا لم ينصفه وجار على حقه في جائزة الأفضل، فمع وجود روماريو وتألقه لسنوات سواء مع الأندية التي لعب لها وأشهرها برشلونة وفاسكو دي غاما، أو مع منتخب السامبا، خاصة بمونديال أمريكا 1994، والذي يطلق عليه الكثيرون مونديال روماريو، كان من حقه أن يحرز جائزة الأفضل لسنوات، فلا مجال لمقارنته بالآخرين.

روماريو اللاعب المزاجي، ولعلها كانت علته، فمزاجيته ومشاكساته مع المدربين تسببت في ضياع الكثير من الفرص والإنجازات التي كان يمكن أن يضيفها لمشواره ومسيرته الرائعة، فبسببها حرم من المشاركة في مونديال فرنسا 1998، ومونديال 2002، وقبلهما مونديال 1986، وفي مونديال إيطاليا 1990، لم يشارك أكثر من 60 دقيقة فقط، ولكنه يظل منقذ السامبا، فالبرازيل تدين له بالفضل في التأهل لمونديال 1994، حينما كانت البرازيل مهددة بعدم التأهل للمرة الأولى في تاريخها واستنجد كارلوس البيرتو بيريرا بروماريو في مواجهة الأوروغواي، حينها وعد روماريو الجميع بالتأهل وتحقيق اللقب، وكان عند وعده، سجل هدفين في تلك المباراة، وطار بالمنتخب البرازيلي إلى الولايات المتحدة، ونسج هناك خيوط تألق وتوهج ومجد أسر متابعي المونديال حول العالم، ورغم ذلك ولأسباب غير كروية، كان بطل قصتها زيكو وماريو زاجالو استبعد روماريو من مونديال فرنسا، يومها بكى روماريو، ولكن فيما بعد بكت البرازيل كلها عقب خسارة اللقب.

وكانت اللقطة الشهيرة لروماريو، عندما استبعد أيضا من قائمة مونديال 2002، ليخرج في مؤتمر صحفي مذرفا الدموع، مطالبا بضمه، ورغم مطالبات الجماهير والرئيس البرازيلي بضمه إلا أن سكولاري أصر على استبعاده، ليحرمه من المشاركة بالإنجاز الذي تحقق.

كانت صراعات روماريو خارج الملعب، ضد بيليه كرويا وسياسيا، وزيكو، وعلاقته السيئة بالمدربين، سببا في كثير من المشكلات التي تعرض لها، ورغم عدم التزامه، وحياة اللهو والسهر التي عاشها روماريو، إلا أنه صنع لنفسه مجدا، فكان ثاني لاعب برازيلي يتخطى عتبة الألف هدف، ولولا تلك المهاترات الجانبية، لكان حقق روماريو ما لا يمكن لأي لاعب الوصول إليه فيما بعد، فإذا كان هذا ما حققه روماريو، فماذا لو شارك في كل البطولات التي حرم منها؟ وماذا كان سيضيف إلى هذا السجل الحافل؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى