هل نضبت لاماسيا “برشلونة” وأصبحت جزءا من الماضي ؟

 (د ب أ)-  توووفه

 

دفع نادي برشلونة الإسباني لكرة القدم في مباراته أمس الثلاثاء مع سيلتا فيجو في الدوري الإسباني، في سابقة لم تحدث منذ 16 عاما، بتشكيلة أساسية خلت من أي لاعب صاعد من قطاع الناشئين التابع له، الأمر الذي يقودنا إلى نتيجة حتمية، ألا وهي: لا ماسيا (مدرسة الناشئين ببرشلونة) قد نضبت.

ويعتبر ما حدث أمس أحد ملامح العصر الجديد وتأكيدا لحقيقة بدأت تفزع أنصار برشلونة الذين طالما افتخروا بتفرد ناديهم بميزة لا ينازعه فيها غيره: الفوز واللعب بشكل جيد للغاية بلاعبين تم صناعتهم داخل النادي.

وأصبح جزءا من الماضي تلك الفترة التي شهدت تألق لاعبين مثل فيكتور بالديس وكارليس بويول وتشافي هيرنانديز، وهم نجوم يصعب تكررهم، رحلوا تباعا عن النادي بسبب عامل السن، وكانوا جميعا من لاعبي “لا ماسيا”.

وحقق برشلونة إنجازا فريدا في 25 نوفمبر 2012 عندما واجه ليفانتي في ذلك اليوم تحت قيادة المدرب الراحل تيتو فيلانوفا وبتشكيلة تاريخية مكونة من 11 لاعبا، جميعهم مروا من بوابة قطاع الناشئين بالنادي، وهم: فالديس ومارتن مونتويا وجيرارد بيكيه وبويول وخوردي البا وسيرخيو بوسكيتيس وتشافي وسيسك فابريجاس واندريس انيستا وبيدرو وليونيل ميسي.

وبعد مرور ستة أعوام منذ ذلك التاريخ، دفع ارنستو فالفيردي، المدير الفني لبرشلونة، بتشكيلة لا تضم أي من لاعبي “لا ماسيا” وضمت لاعبين إسبانيين فط ،هما دينيس سواريز وباكو الكاسير، وكلاهما من خارج إقليم كتالونيا.

وعقب المباراة، اعترف مدرب برشلونة بأنه لم يلحظ هذه المفارقة واعترف بأنه “من الطبيعي في هذا النادي أن يكون هناك دائما لاعبون من لا ماسيا”.

وراعى فالفيردي من خلال هذه التشكيلة مصلحته الشخصية وحسب وقرر بدون الالتفات إلى الجانب العاطفي إراحة لاعبيه الأساسين من أجل مواجهة السبت المقبل أمام إشبيلية في نهائي كأس ملك إسبانيا.

ويعد الخامس من أبريل 2014 تاريخا أخر دالا على تبدل الأحوال داخل برشلونة، ففي ذلك اليوم، ووسط النزاعات القائمة بين النادي والاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” بسبب العقوبات التي فرضها الأخير على العملاق الكتالوني بسبب تعاقده مع لاعبين دون السن القانوني، قام مسؤولو النادي بوضع يافطة كبيرة قبل مباراة الفريق أمام ريال بتيس تزينها عبارة “لا ماسيا لا يمكن المساس بها”، ولكن هذه الذكرى أصبحت الآن من أنقاض المجد القديم.

وخلال السنوات الأخيرة، تلقت إدارة برشلونة الحالية العديد من الانتقادات بسبب طريقة تعاملها مع قطاع الناشئين واللاعبين الموهبين.

وفي إطار حرصها الشديد على استمرار تواجد الفريق الرديف للنادي ضمن منافسات دوري الدوري الدرجة الثانية الإسباني، تعاقدت إدارة برشلونة مع عدد كبير من اللاعبين، متغاضية عن فلسفة النادي التقليدية في صناعة لاعبين جدد وتأهيلهم في قطاع الناشئين.

ولم يتبق خلال العقد الأخير بين صفوف الفريق الأول لبرشلونة من لاعبي قطاع الناشئين التابع له سوى اللاعب سيرخي روبرتو، في الوقت الذي رحل فيه لاعبون أخرون مثل تياجو الكانتارا وسيسك فابريجاس وبيدرو وأخرين.

وعلى إثر هذا، بدأ الفريق في التخلي عن طبيعته وسماته الفنية المميزة وابتعد عما يطلق عليه “أسلوب برشلونة”.

وعلى هذا النحو، أصبح برشلونة الحالي يقارن بأساليب اللعب التقليدية التي ينتهجها أي فريق تقريبا، وذلك على خلاف أسلوبه المميز في الماضي الذي منحه شهرته العالمية.

وعبر مهاجم سيلتا فيجو، اياجو اسباس، عن هذا التغيير الجذري الحاصل في برشلونة، حيث قال: “هذا هو برشلونة، وصل ثلاث مرات (إلى المرمى) وسجل هدفين”، في إشارة إلى اهتمام النادي الكتالوني في الوقت الراهن بتحقيق فاعلية كبيرة على حساب أي شيء أخر يخص الجوانب الفنية.

وبعيدا عن كونها مباراة استثنائية في كل ظروفها، حقق برشلونة التعادل بنتيجة 2 / 2 مع سيلتا فيجو على ملعب الأخير متمسكا بأسلوبه المعتاد طوال الموسم.

ولا يزال برشلونة محافظا على سجله الخالي من الهزائم في الدوري الإسباني، ولكنه لم يعد يمتع الجماهير بطريقة لعبه، وأصبح لا يهتم بإخضاع الأخرين لسطوته بقدر اهتمامه بتحقيق النتائج.

وعلى الأرجح يعود هذا الأمر إلى عدم وجود لاعبين، كما هو الحال في الماضي، يمكنهم مساعدته لتقديم عروضا ممتعة.

وثارت الشائعات في الفترة الأخيرة حول رحيل محتمل للاعب وسط برشلونة أندريس انيستا، أحد اللاعبين الذين تم صناعتهم في “لا ماسيا” وأحد هؤلاء الذين شاركوا في ترسيخ الأسلوب الفني المميز لبرشلونة طوال عقد كامل.

وتعهد فالفيردي خلال تقديمه لوسائل الإعلام كمدرب جديد لبرشلونة بأنه سيولي اهتماما كبيرا بقطاع الناشئين، ولكن لم يفلح أي من لاعبي الفريق الرديف، الذي يقبع في مناطق الهبوط بدوري الدرجة الثانية، في إقناعه بما يكفي لكي يضمه للفريق الأول.

وفي الوقت الذي تعاني فيه “لا ماسيا” وتتهيأ منابعها للنضوب، أتم برشلونة بنجاح في مارس الماضي صفقة ضم اللاعب البرازيلي أرثر /21 عاما/، ليكون بين صفوفه بدءا من الموسم المقبل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى