ريدوندو.. المايسترو ونجم المركز 6 في عالم التكتيك

تقرير – أحمد مختار

شكًل ريدوندو جانب محوري في كرة القدم، فهو النجم الذي قال لا في وجه من قالوا نعم، ورفض باستمرار الانصياع إلى أوامر مدربيه دون تفكير، لذلك تعرض لتهميش واضح ومقصود طوال مسيرته الكروية، لدرجة استبعاده من المشاركة في مونديال 1990 بعد أن قال رأيه في تكتيك كارلوس بيلاردو بصراحة، “هو مدرب يفكر فقط في الدفاع، يقتل المتعة، لذلك لا أستمتع أبدا باللعب تحت قيادته”.

رغم النجاحات المدوية لفرناندو في إسبانيا رفقة تينيريفي ثم ريال مدريد، إلا أنه لم يتواجد في مونديال 98 بسبب شخصنة الأمور من جانب باساريلا، المدير الفني القدير خرج باعتقاد محدد، ينص على عدم إشراك أي لاعب يرتدي أقراط في أذنيه أو صاحب شعر طويل.

يتذكر المشجع الذي صار كبيرا هذه الواقعة بشيء من الحسرة، إنها اللحظة التي غدر فيها مدرب بلاد الفضة بلاعبه الأمهر، لسبب غريب وغير منطقي. إنه يمقت دانيل –باساريلا- بشدة لأنه المدرب الذي حرمه من نجمه المفضل، وجعل والده يتجه إلى تفضيل آخرين عليه بسبب شخصيته، ولم يكتف بذلك فقط بل حاول نقل أفكاره إلى خليفته في الحياة والتشجيع، لكن دون جدوى.

يقول كابيلو عن الأرجنتيني صاحب القميص رقم 5، إنه أفضل لاعب تكتيكي شاهده، ويتذكر السير أليكس فيرغسون المباراة التاريخية بين اليونايتد والريال في الأولد ترافورد سنة 2000، ليتغزل في قدرات منافسه مؤكدا أنه كان يتمركز في كل مكان، لدرجة أن كل هجمات الإنجليز تكسرت بين أقدامه، وبمجرد انتقاله من الدفاع إلى الهجوم، قام بعمل أجمل “بورتريه” فني عبر سنوات التسعينات في الأبطال، حينما راوغ لاعب مانشستر بكعبه، ومرر كرة حريرية إلى راؤول والمرمى فارغ تماما.

قصة فيرناندو ريدوندو مآساوية إلى حد كبير، اشتهر اللاعب بذكائه الكروي الحاد، وإصاباته الكثيرة، التي حرمت عشاقه من متعته حتى إعتزاله في ميلان. هو حالة وتركيبة خاصة جداً، من مهارته التي لا يختلف عليها إثنين إلى تميزه وتفرده علي جميع أقرانه،

مرورا بمجهوده الدفاعيى ولمساته الهجومية المختلفة، حتي خلافه مع باساريلا ومنعه من المشاركة في مونديال 98 بسبب طول شعره، نهاية بقراره الشهير بعدم تلقي راتب من نادي ميلان لأنه مصاب ولا يحق له ذلك.

تركيبة وخلطة عجيبة تتوافر فقط في الفتى اليافع القادم من أدروجي، الضاحية الصغيرة التابعة للعاصمة بيونس آيرس. ويعتبر ريدوندو أحد الأسماء التي غيّرت كثيراً في خريطة التكتيك العالمي، وأضافت بعد آخر في سبيل التخلص من التخصص والتحول إلى عالمية الكرة، مثله مثل نجوم ميلان العظماء، رود خوليت وفان باستن مع ساكي، وزفونيمير بوبان مع فابيو كابيلو، خلال أعظم فترات الروسونيرو بالقرن العشرين.

تكتيكياً، ريدوندو لعب كارتكاز دفاعي صريح، لاعب يتمركز أمام خط الدفاع وخلف منطقة الوسط، كل دوره عبارة عن قطع الكرات وتأمين المرمى من المنتصف، لكن النجم اللاتيني أضاف الكثير لهذا المركز، وجمع بين صفات لاعب الارتكاز العادي وصانع اللعب الحقيقي، ليصبح أقرب إلى لاعب الوسط الصحيح، الذي يجيد دور الارتكاز ويُبدع في الشق الهجومي ليصبح لاعب الخطوط الثلاثة الذي يشارك في الدفاع والوسط والهجوم في مباراة واحدة.

في نهائي دوري أبطال أوروبا عام 2000 بين ريال مدريد وفالنسيا في باريس. شهد الجميع لحظات تألق عبقرية للأنيق الأرجنتيني فرناندو ريدوندو. لعب الارتكاز المتكامل وخلفه هيليغرا المدافع الثالث الذي يتقدم إلى الأمام عندما يصعد زميله المهاري. تكتيكيا تألق الريال بخطة قريبة من 3-3-2-2، وكان اللاتيني هو مهندس هذا التكتيك بامتياز.

قتل التخصص في اللعبة الكثير من المهارات والابتكارات، لكن ظل ريدوندو كالقلب النابض الذي يتحرك في كل مناطق الوسط، يلعب في الدفاع ويصعد إلى الهجوم، يقطع الكرات ويبني الهجمات من الخلف، إنه النسخة الأكثر وضوحا لما عرف فيما بعد بالارتكاز الممرر، الذي يستطيع التكيف مع مختلف الخطط والرسومات الفنية.

حظ ريدندو السيء أنه لم يتواجد في زمن الإعلام القائم على الإحصائيات والأرقام، لأنه كان سيوضع في مكانة خاصة ومختلفة تماماً بسبب قدراته الهجومية الفذة ودوره الدفاعي الفعال، لذلك من الصعب جداً تحديد مركز الأرجنتيني عبر تاريخه، لأنه لاعب غير متخصص وغير قابل أبدأً للتصنيف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى